الصفحة الأساسية > البديل العربي > بيان من الحزب الشيوعي المصري حول انتخاب مرسي رئيساً للجمهورية
بيان من الحزب الشيوعي المصري حول انتخاب مرسي رئيساً للجمهورية
25 حزيران (يونيو) 2012

بعد أسبوع من حالة الترويع والشحن والتخويف والاستقطاب وعلى خلفية مجموعة من الأحداث المتسارعة والمتصادمة التي تمثلت في حل مجلس الشعب، وإصدار الإعلان الدستوري المكمل وتشكيل مجلس الدفاع الوطني وصدور قرار من وزير العدل بمنح الضبطية القضائية لرجال الشرطة العسكرية ورجال المخابرات الحربية،

أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية فوز محمد مرسي كأول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير لتحسم جولة من جولات الصراع على السلطة بين الإخوان المسلمين والمجلس العسكري، ذلك الصراع الذي ليس له أي علاقة بالثورة أو بتحقيق أهدافها، بل هو صراع على اقتطاف ثمار الثورة بين من يحاول الإجهاز عليها ويقود الثورة المضادة محاولاً إعادة إنتاج النظام القديم بشتى الوسائل والسبل من ناحية، ومن تخلى عن الثورة وقايض عليها وحاول تحقيق مصالح جماعته وحزبه ورؤيته الايدولوجية الضيقة على حساب نجاح الثورة واستكمال أهدافها من ناحية أخرى، وهو الأمر الذي يجعلهما معا في خندق واحد رغم التناقض القائم بينهما. فهما على استعداد دائم لعقد الصفقات والاتفاقات بنفس استعدادهما للصدام المحسوب وتوظيفه لخدمة مصالحهما ومصالح الطبقات التي يدافعون عنها من رجال الأعمال والرأسمالية الكبيرة والطفيلية وحلفائها من النظم الرجعية العربية والإمبريالية العالمية.. ويؤكد ذلك صمت المجلس العسكري والإخوان المسلمين على التصريحات الاستفزازية للمسئولين الأمريكيين والأوروبيين حول تسليم السلطة، وتصريحات خيرت الشاطر لجريدة "وول استريت جورنال" الأمريكية التي تؤكد حرص الإخوان على " إقامة شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية" ( الاهرام 25 يونيو 2012).

إننا نرى أن حصر الخيارات السياسية في هذين الطرفين على وجه التحديد إنما يعيد الصراع السياسي في مصر إلي نقطة الصفر، ومن هنا فإننا نرى أن التناقض الرئيسي إنما يكمن في الحقيقية بينهما من ناحية وبين القوى الشعبية الجماهيرية الثائرة من اجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية من ناحية أخرى. ولهذا يدعو حزبنا إلي ضرورة إعادة النظر في مكونات قوى الثورة وبناء تحالفتها وجبهاتها السياسية.

ولقد كان موقف حزبنا واضحا من رفض الوقوف إلي جانب أي من المرشحين المتنافسين في جولة الإعادة، وسوف يتضح مدى صحة هذا الموقف بعد أن ينقشع غبار التهليل الإعلامي وصخب الحشود العاطفي ويفيق الجميع على حقيقة المواقف العملية والمناورات والمساومات وستتكشف بوضوح حقيقة الانحيازات الطبقية والثقافية للرئيس الجديد وجماعته والذي سيضطر في مواقفه العملية للإجابة على عدد من الأسئلة الحيوية التي لا تحتمل التأخير ولا المراوغة :

1- هل سينحاز الرئيس الجديد وجماعته إلي مصالح الجماهير الشعبية التي رفعت شعار "عيش .. عدالة اجتماعية " والذي يقوم على ضمان حقوق الكادحين من العمال والفلاحين والموظفين والبرجوازية الصغيرة وتأمين مستوى معيشة يليق بانسانيتهم ودورهم المحوري في إنتاج الثروة وبناء نهضة البلاد وما يتطلبه ذلك بالضرورة من إقامة تنمية اقتصادية اجتماعية ثقافية معتمدة على الذات، أم انه سينحاز إلي نفس السياسات النيوليبرالية للنظام القديم لصالح كبار رجال الأعمال والمستثمرين والطفيلية حسب مشروع النهضة المعتمد علي سياسيات السوق الحر وتحرير الاقتصاد؟

2- هل سينحاز الرئيس الجديد وجماعته إلي القوى المدنية والديمقراطية في تشكيل جمعية تأسيسية تضم كل فئات وأطياف المجتمع المصري لوضع دستور جديد للبلاد يؤكد على مدنية الدولة والمواطنة والحريات والحقوق الشخصية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وحقوق المرأة وعدم التمييز، أم انه سيستمر في نفس توجه حزبه وجماعته الذي سارت عليه منذ بداية الثورة في إعطاء الأولوية للتحالف مع باقي فصائل التيار الإسلامي لتكريس الدولة الدينية تحت شعار تطبيق الشريعة الإسلامية حسب تفسيرهم الرجعي والظلامي الذي يعادي حرية الفكر والتعبير والإبداع والتنظيم والبحث العلمي؟

3- هل سيحترم الرئيس الجديد وجماعته الشرعية الدستورية وسيادة القانون ويكفون عن اللعب علي الحبال بين الشرعية الدستورية والشرعية الثورية حسب مصلحتهم، أم انهم سيستمرون في سياسة المراوغة وعدم احترام العهود والاتفاقات التي أكدتها كل ممارستهم السابقة؟

إن هذه الأسئلة ليست مطروحة فقط على الرئيس وجماعته ولكنها مطروحة أيضاً على القوى الديمقراطية واليسارية والليبرالية والتجمعات الشبابية التي تؤكد الشواهد أنها تواجه أزمة تنذر بمزيد من التشتت والانقسام، بل وتراجع قسم منها عن التمسك بما سمي "بالبديل الثالث" في مواجهة العسكر والإخوان في مقابل وعود من الرئيس الجديد لا تستند إلي أي أساس أو تحليل موضوعي لمواقف جماعته التاريخية وانحيازاتها السياسية والاجتماعية، تلك الجماعة التي عودتنا على الاستقواء بالقوى المدنية والرموز الثورية في فترات أزماتها والتخلي عنها فور اجتياز هذه الأزمة.

ونحن من منطلق حرصنا على استمرار الثورة التي تتعرض الآن لأخطر منعطف في مسارها فإننا نؤكد علي تصحيح هذا المسار واستعادة زمام المبادرة (الذي فقدته القوي الثورية) من جديد، يقتضي ضرورة القيام بتحليل موضوعي ونقدي شامل للمرحلة السابقة من الثورة، ولمواقف القوى السياسية الأساسية والتحالفات التي تمت وذلك من اجل اجراء فرز حقيقي لمواقف القوى السياسية والشخصيات الوطنية وحدود طاقتها الثورية حتى يمكن النضال في المستقبل على أساس صحيح وموضوعي لا يكرر الأخطاء ولا يبالغ في تقييم المواقف، كما أن استعادة زمام المبادرة مرهون بتحقيق عدد من الخطوات الأساسية التالية :

1- النضال ضد كل الإجراءات في الإعلان الدستوري المكمل التي تكرس استحواذ المجلس العسكري على صلاحيات استثنائية تجعل منه سلطة فوق هيئات الدولة، وإلغاء قرار منح الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات العامة ورفض أي مظاهر لعسكرة الدولة مع التأكيد على أن المجلس العسكري هو المسئول عن هذا الوضع الكارثي.

2- التأكيد على ضرورة احترام حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، والعمل مع القوى الديمقراطية والمدنية على إبطال الجمعية التأسيسية الثانية التي تحمل نفس العوار الذي شاب الجمعية الأولى، والسعي مع القوى المدنية لتشكيل جمعية تأسيسية تعبر بشكل موضوعي وحقيقي عن فئات المجتمع المصري ولا تقوم على أساس طائفي.

3- تشكيل جبهة أو تيار سياسي واسع في مواجه خطر تغول حكم العسكر وخطر هيمنة المتاجرين بالدين على مؤسسات الدولة، والانطلاق في بناء هذا التيار مما تحقق من نتائج إيجابية في نتائج الجولة الأولى، مع ضرورة الاتفاق على ضم القوي والحركات والجماعات التي لها مواقف واضحة وعدم استبعاد احد منها. والأهم هو ضرورة وضع إطار سياسي وتنظيمي لهذه الكتلة والتوافق على شكل قيادي لها لخوض المعارك الكبيرة القادمة (معركة الدستور - الانتخابات البرلمانية - المطالب العاجلة للعدالة الاجتماعية - تطهير المؤسسات من الفاسدين). وعلى هذا التكتل التأكيد على احترام حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب.

4- إعطاء أولوية لبناء تحالف قوى اليسار والسعي إلي مواجهه أوجه القصور والضعف في المحاولات السابقة .. وضرورة توحيد جهود قوى اليسار في المعارك المختلفة المقبلة، والتي سيتصاعد فيها الجانب الاجتماعي والطبقي مما ينذر بتحول مسار النضال الثوري إلي مسار أرقى وبما يتطلبه ذلك من ضرورة بروز دور فاعل وقوي لقوى اليسار.

الحزب الشيوعي المصري
25 يونيو 2012


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني