الصفحة الأساسية > البديل العالمي > ستالين، نظرة أخرى
ستالين، نظرة أخرى
حزيران (يونيو) 2010

بمناسبة الذكرى 57 لوفاة ستالين (5 مارس 1953) نقرأ لكم في هذا العدد من "إلى الأمام" كتاب "ستالين، نظرة أخرى" للكاتب "لودو مارتينز" وترجمة "حسن عودة". يتناول هذا الكتاب شخصية ستالين من زاوية مغايرة، محاولا دراسة هذه الشخصية التي أثارت جدلا واسعا ولا تزال وتعرّضت إلى هجمات شرسة من البرجوازية ومن التحريفية، ازدادت حدتها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.

انتظم ستالين منذ سن الخامسة عشرة من عمره في الحلقات الماركسية السرية. وقاد عديد الإضرابات والاجتماعات العمالية. وتعرّض للاعتقال والنفي إلى سيبيريا في 5 مناسبات بين 1902و1917، لكنه كان يتمكن من الهرب في كل مرة.

تأهل ستالين بفضل صلابته وحزمه لشغل عدة مناصب، منها منصب عضو للجنة المركزية للحزب البلشفي سنة 1912. وتقلد منصب المفوض السياسي للجيش الروسي في فترة الحرب الأهلية الروسية. وفي سنة 1922 شغل منصب الأمين العام للحزب الشيوعي.
بعد وفاة لينين قاد ستالين الحزب البلشفي، لكن تروتسكي هاجم قيادة الحزب وستالين وشن هجوما على الآفاق التي رسمها لينين للثورة الديمقراطية والثورة الاشتراكية في روسيا، متمسكا بفكرته المتمثلة في استحالة بناء الاشتراكية في بلد واحد، وهو ما زاد من مصاعب الحزب البلشفي الذي وجد نفسه في مواجهة الدمار الذي خلفته الحرب الأهلية ومحاولات التخريب الذي كان يقودها تروتسكي وأتباعه. ورغم ذلك فقد تمكن الحزب بقيادة ستالين من إنجاز المهمات الأساسية التــــــي صاغها لينين من أجل بناء المجتمع الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي (تطوير الصناعة، بناء التعاونيات الفلاحية، إطلاق ثورة ثقافية…). وطوّر ستالين الماركسية اللينينية بفضل ما كشفته الممارسات الثورية وتطبيق النظرية على أرض الواقع.

ورغم عديد المصاعب الذاتية والموضوعية فإن الإنجازات الصناعية أخذت في النمو وخلقت بنية تحتية قوية. ونجح ستالين في هذه المهمة نجاحا غير متوقع بفضل تجند الطبقة العاملة لإنجاز هذه المهام. كما شكلت عملية التجميع الزراعي التي بدأت سنة 1929 مرحلة استثنائية في الصراعات الطبقية في الريف (البرجوازية الريفية والبروليتاريا)، فمثـّل هذا التجميع انقلابا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا ووضع جماهير الفلاحين على طريق الاشتراكية. وبعد إعلان اللجنة المركزية للحزب نهاية العلاقات الرأسمالية في الريف اندفع "الكولاك" بشكل مستميت لتقويض تجربة التعاونيات الزراعية القائمة على مبدأ انتزاع الملكيات الفردية وتجميع الأراضي في كولخوزات شاسعة ومندمجة على أساس العمل المشترك باعتماد تقنيات حديثة ومتطورة.
ورغم الظروف الصعبة التي تمت فيها عملية التجميع، فإن نجاحها قد قلب الأوضاع في الريف الروسي حيث أخرج حوالي 80% من الشعب من حالة الجهل والفقر ووفـّر الأرضية الملائمة لتركيز فلاحة متطورة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، بعكس ما ادعته الأصوات المعادية لستالين من أن سياسة التجميع كانت السبب في المجاعة التي عرفها الاتحاد السوفياتي بين 1932 و1933. أما في يتعلق بـ"التصفيات الجسدية" و"الإعدامات على نطاق واسع" التي طالما رددها البرجوازيون والامبرياليون والتحريفيون وغيرهم فإنها محض افتراء ومبالغ فيها بشكل كبير. وقد بدأت تنجلي بعض الحقائق والشهادات عن زيف هذه الادعاءات. فطوال مسيرته سلك الحزب البلشفي بقيادة ستالين سياسة راوحت بين اللين والصلابة حفاظا على وحدة الحزب وسلامة الأراضي السوفياتية من التهديدات الداخلية والخارجية.

صحيح أن ستالين ارتكب بعض الأخطاء التي ليس هنا مجال التعرّض إليها. وكل من يمارس يخطئ. وفي كل الأحوال فإنه لا يتحمل وحده هذه الأخطاء بل يتحملها كل الحزب ومن غير المعقول التعامل مع ستالين على كونه يفعل ما يريد وكل المحيطين به في الحزب مجرد دمى! كما أن هذه الأخطاء لا بد من وضعها في إطارها التاريخي حيث كانت البلاد تواجه مصاعب جمة وتهديدات وحصار من أكبر امبرياليات العالم التي توحدت ضد النظام الجديد، في الوقت الذي خسر فيه الحزب البلشفي عددا كبيرا من قادته في الحرب الأهلية وفي الحرب الوطنية العظمى وهو ما من شأنه أن ينعكس سلبا على أدائه.

وفي نهاية الأمر فإن ستالين هو زعيم شيوعي تحمّل مسؤوليته التاريخية ودافع عن الشيوعية بكل مبدئية فأصاب أحيانا وأخطأ حينا آخر، وما على الشيوعيين سوى الاستفادة من هذه التجربة وتطويرها بما يخدم مصلحة الطبقة العاملة ويقطع مع أخطاء الماضي، بعيدا عن الشخصنة وعبادة الفرد وتفسير التاريخ وكأنه من صنع القادة وليس من صنع الجماهير.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني