الصفحة الأساسية > البديل الوطني > أجهزة السلطة الرسمية تتحمل مسؤولية ضحايا انهيار عمارة حمام سوسة
أجهزة السلطة الرسمية تتحمل مسؤولية ضحايا انهيار عمارة حمام سوسة
20 تشرين الأول (أكتوبر) 2009

في الخامس عشر من أكتوبر 2009 انهارت بحمام سوسة عمارة "انتارموبل" للموبيليا والنجارة بطور التوسيع والبناء متكونة من ثلاثة طوابق وإدارة ومستودع للخشب وآخر للدهن مخلفة 11 حالة وفاة و25 جريح، فيما لا تزال عملية البحث عن مفقودين آخرين تحت الأنقاض متواصلة والحصيلة النهائية للكارثة لم تكتمل بعد.

وتتمثل الحادثة في تعمد صاحب العمارة الصناعي نجيب بن الطيب تعلية البناية ذات الصبغة الصناعية والتجارية بزيادة 3 طوابق دون مراعاة المواصفات القانونية أو مراعاة طاقة الحمولة للطابق السفلي، ممّا انجرّ عنه التداعي السريع للطوابق والإنهيار المفاجىء على رؤوس العمال دون سابق إنذار ودون أن يترك الفرصة للنجاة بأنفسهم.

وتجدر الإشارة أن السلطات المحلية (بلدية حمام سوسة) اتخذت في شأن البناية قرارا بالهدم وتوقيف الأشغال لعدم حصول صاحبها على رخصة بناء الطابق الثاني، إلا أن السيد المعني بالأمر استقوى بالعائلة المالكة في سوسة التي وقفت إلى جانبه ودعمته فاستكمل الطابق الثاني والثالث في تجاوز صارخ للقانون وللسلطات المحلية نفسها، وهذا يطرح قضية أخطر تتمثل في خضوع شؤون البلاد والعباد إلى النفوذ المتزايد للعائلة المالكة وعدم قدرة السلط الجهوية على تطبيق القانون في مثل هذه الحالات، كما أن شركته "أنترموبل" التي تشغل حوالي 70 عامل لا توجد بها نقابة تصون حقوق العمال وتحفظ كرامتهم.

ومن هنا فإن المسؤولية بقدر ما تلقى على عاتق هذا الصناعي المتكبّر والمتجبّر، بقدر ما تلقى أيضا على عاتق الدولة والسلط الجهوية (بلدية، إدارة التجهيز، الحماية المدنية...) التي تغاضت عن سلوك هذا الأرعن ولم تعمل على إرغامه على تطبيق القانون.

إن المسألة لا تقف عند حد النظر في مدى ملائمة القوانين للتراتيب البلدية واستصدار القرارات، بل في تنفيذ أوامر توقيف الأشغال بالقوة المادية وردع المخالفين "الكبار" وليس "الصغار" فقط والسهر على سلامة حياة العمال في مثل هذه الحالات المسببة للكوارث.

ولسائل أن يسأل: لماذا تزهق أرواح عمال أبرياء في لمح البصر؟ ألهذه الدرجة يقع الإستخفاف بأرواح الشباب من أبناء الطبقة العاملة؟ وهل وقع تأمين حياتهم (أحد الضحايا لم يتجاوز السادسة عشرمن عمره) حين يقع استجلابهم ليوم "الصبّة" واستغلالهم بأبشع الطرق ثم تقطع أعمارهم مرة واحدة وإلى الأبد؟ ألا تعد هذه الواقعة جريمة بشعة في حق أبناء الشعب المغلوب على أمره في ظل دولة الإستغلال والقهر والقتل والإجرام؟

ثم أين هي الأحزاب السياسية التي تخطب ودّ الناخبين هذه الأيام وتبث الوهم حول الإنجازات والمكاسب وتزين الوجه القبيح لديكتاتورية الإستغلال والقتل؟ لماذا لم تشهر بالجريمة وتحمل المسؤولية للمتسببين الحقيقيين فيها من رأسماليين ومقاولين وأجهزة رسمية وتطالب بمحاكمة كل من تورط في هذه الحادثة الأليمة؟ أم أن الأمر سيفسد للود قضية؟ أين الإتحاد الجهوي للشغل وتباطؤه في هيكلة القطاعات التي لا توجد فيها نقابات وسهره على حماية أبناء الطبقة العاملة من التفتت والضياع؟

نحن ندعو المجتمع المدني من حقوقيين ونقابيين ونشطاء سياسيين بجهة سوسة إلى الإسراع بالمطالبة بفتح تحقيق جدي مستقل ومحايد في هذه الكارثة من أجل تحميل المسؤولية لأصحابها وندعو أهالي الضحايا لممارسة حق التتبع القضائي ضد صاحب العمارة دون السقوط في دائرة الخوف والترهيب كي لا تمر هذه الكارثة مرور الكرام، كما ندعو الأصوات الحرة والنزيهة لإلزام الجميع بعلوية القانون والتشهيربالتجاوزات وبأسباب الكارثة ومسبباتها الحقيقية (رشوة ومحسوبية وعلاقات زبائنية وعصابات مفسدين...) وعدم السقوط والركون لتفسيرات القضاء والقدر و"الأكتاف" والردّ على أبواق دعاية السلطة التي لا تزال تشنف آذاننا بمعزوفة "الأمن والأمان" و"الرعاية الموصولة لسيادته" والحال أن جل المصائب متأتية من تجاوز العائلة المالكة للقانون وخلق شبكة أخطبوطية من العلاقات الزبائنية التي زرعت الفساد والإفساد في المجتمع.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني