الصفحة الأساسية > البديل النقابي > أزمة الصناديق الاجتماعية وفشل الخيارات
وجهة نظر:
أزمة الصناديق الاجتماعية وفشل الخيارات
إضراب الثانوي الأربعاء 27 أكتوبر 2010
25 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

تبلغ نسبة الاقتطاع لفائدة صندوق التقاعد للراجعين بالنظر لقطاع الوظيفة العمومية 19,7% حاليا 11,5% يدفعها المشغل و8,2% يساهم بها الأجير. ترتفع هذه النسبة في مشروع الحكومة الحالي المقترح على الاتحاد العام التونسي للشغل إلى 27,7% في حدود سنة 2020 مع زيادة في مساهمة الأجير تقدر بـ 3,2% وترفيع في سن التقاعد إلى 65سنة.

أصبح هذا المشروع ولا يزال حديث التونسيين والأساتذة بالخصوص وهم على أبواب مسيرة نضالية تبدأ بإضراب عن الدروس يوم الأربعاء 27 أكتوبر وتنتهي حتما بإسقاط المشروع.

أطلّ علينا هذا المشروع بعد أن "اكتشفت" الحكومة فجأة عجزا في الصناديق يحول دون وفائها بالتزاماتها تجاه منخرطيها، يقدّر بـ200مليار من المليمات. أين كانت الحكومة سنة 1993 عندما كان العجز 11 مليارا فقط؟ لماذا تلكأت الحكومة في إنقاذ الصناديق لما كان الحل في المتناول.

تشير بعض الإحصائيات ذات الصدقية أن العجز المتوقع سنة 2015 سيبلغ 3500 مليار و9500 مليار (نصف ميزانية الدولة سنة 2011) على مشارف 2030، وستدخل منظومة التقاعد للوظيفة العمومية قريبا مرحلة العجز التراكمي حين تأتي على كل مدخراتها.

فماهي أسباب هذه الكارثة الاجتماعية ومن المسؤول عن قطع أرزاق المتقاعدين؟

إن ضعف التشغيل واستقرار نسب البطالة منذ ربع قرن (15 إلى 20%) من أهم أسباب العجز المتراكم للصناديق، فقد عجزت الحكومة عن الترفيع في إحداث مواطن الشغل لتنخفض إلى 40 ألفا سنة 2009 بعد استقرارها بين 2005 و2008 قي حدود 70 ألفا. وقد ازداد الوضع سوءا بسبب إعفاء المستثمرين (11 نوع من الإعفاءات) من دفع مساهماتهم للصناديق بتعلة تشجيع الاستثمار وقبول الأشكال الجديدة للتشغيل الهش مما فتح الباب أمام طرد العمال وغلق المؤسسات الاقتصادية وأصبح المشهد كاريكاتوريا بأربع عمال مقابل متقاعد واحد حاليا وعامل واحد (0,9) مقابل متقاعد على مشارف 2014. كما ساهم سخاء الصندوق مع بعض الفئات الاجتماعية في تفاقم العجز ففي الوقت الذي يعمل الموظف لمدة 15 سنة (حد أدنى) للتقاعد يكفي أعضاء الحكومة سنتي عمل للتقاعد، وفي الوقت الذي يتحصل الموظف على 90% من الأجر إذا تقاعد بعد 40 سنة عمل يكفي الولاة وأعضاء البرلمان15 سنة وأعضاء الحكومة 7 سنوات ونصف.لا يجب أن نغفل في تشخيصنا عن مصاريف أثقلت كاهل الصناديق هي من مشمولات ميزانية الدولة مثل جرايات المطلقات وموائد الإفطار وبرامج إعالة العائلات المعوزة... و... و... و... والحملات الانتخابية.

أمّا الادعاء بأن الشعب التونسي هرم وشاخ لتسويق المشروع الجديد للتقاعد فهو ادّعاء عار من الصحة لأن 30% من التونسيين هم دون 15 سنة و53% دون 30 سنة أما الذين تجاوزوا الستين فلا يزيدوا عن 10% حاليا و16% سنة 2030. إن أزمة الصناديق تكشف جليا الأزمة الهيكلية للاقتصاد التونسي الذي عجز عن الحد من نسبة البطالة لعدم قدرته على تحقيق نسبة نمو تقارب 10% (الصين، اليابان، ألمانيا) واكتفى بـ4% نتيجة خيارات اقتصادية واجتماعية وسياسية فاشلة بدأت ببرنامج "الإصلاح" الهيكلي للاقتصاد منذ 1989 والرهان على الاستثمار الأجنبي والتصدير.

لن يقدر المشروع الجديد (الزيادة في مساهمة الأجير والترفيع في سن التقاعد) على حل الأزمة الخانقة للصناديق بل سيؤجل الكارثة لفترة لا تتجاوز ثلاث سنوات حسب السينريوهات المتفائلة لذا وجب التفكير في معالجة الأزمة البنيوية للاقتصاد وتحريك الدورة الاقتصادية الداخلية بالترفيع في الأجور وحماية الصناعات الوطنية والقضاء على السوق الموازية ومقاومة التهرب الضريبي.

أما الحلول الآنية فتبدأ بالإدارة الرشيدة للصناديق مرورا بتشريك الطرف الاجتماعي في الإدارة والتسيير، وتسديد الديون المتخلدة بذمة الدولة والحلول الميكانيكية كالتخفيض في النفقات على التعليم والصحة والنقل ورفع أسعار الخدمات لن تزيد إلا في تدهور القدرة الشرائية وتعميق الأزمة.

إن أيّ إصلاح لا يعالج الأسباب الأولى لعجز الصناديق ولا يراعي مكاسب الطبقة الشغيلة لن يكتب له النجاح ولن يخرج عن باب المسكنات.

نقابي من بنزرت


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني