الصفحة الأساسية > البديل الوطني > أمير قطر و«أسياده» غير مرغوب فيهم...
أمير قطر و«أسياده» غير مرغوب فيهم...
17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

يخطئ من يعتقد أننا فوجئنا بتوجيه الدعوة إلى أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني لحضور أعمال الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي. فالمتابعون لسيرورة الوضع بتونس بعد 14جانفي يعلمون شبكة العلاقات التي باتت تربط سواء الحكومة الانتقالية المنتهية ولايتها أو حركة النهضة بحكومة قطر وبالأجندات التي تنفذها وكالة عن أطراف دولية لم تعد خافية عن أحد خاصة بعد الذي حدث في ليبيا. فالعديد من وزراء الحكومة الراحلة قد زار قطر ولم يقتصر الأمر على ذوي الحقائب الاقتصادية والمالية بل تعداه إلى بعض وزراء ومسؤولي السيادة. أما حركة النهضة فقد كان أمير قطر أول من زف إليه رئيسها راشد الغنوشي فوز حزبه في انتخابات المجلس التأسيسي مباشرة بعد الإعلان عن النتائج الأولية لتلك الانتخابات. وقد التقت عديد القوى السياسية في تونس على رفض هذه الدعوة. فلماذا هذا الرفض؟

يستمد هذا الرفض مشروعيته من سجل قطر وأميرها في العمالة للامبريالية الأمريكية وللكيان الصهيوني، فهذا الأمير منذ انقلابه على والده في منتصف التسعينات سارع إلى توقيع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة لعلها توفر له الحماية في مواجهة أي ضغوط من كبار جيرانه مثل إيران والمملكة السعودية، كما سمح بإقامة أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في العالم وهي قاعدة العيديد التي انطلقت منها الطائرات لضرب العراق سنة 2003. كما سرّع وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني بدءا بتزويده بالغاز الطبيعي بسعر تفاضلي وقبِل «الاستفادة من التجربة الصهيونية في تطوير مناهج التعليم في بلاده» ودعا في كل مناسبة إلى إنهاء المقاطعة العربية لذلك الكيان وإلى إجراء محادثات مباشرة بين الدول العربية و»اسرائيل». فكيف لمجلس تأسيسي من مهامه وضع دستور من المنتظر أن يتضمن تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني أن يسمح لأحد رموز التطبيع ودعاته بأن يحضر جلسته الافتتاحية؟! أم أن من استدعاه أيضا قد تنكر لهذا المبدأ ولم يعد يعتبر التطبيع مع الصهاينة جريمة بل ربما يعتبره من بين تعهدات تونس التي ينبغي عدم التملص منها؟

وكيف يستدعى من وصل إلى الحكم بعد الانقلاب على والده والذي ساهمت قوات بلاده في قمع ثورة شعب البحرين والذي كان داعما لديكتاتورية بن علي ولا زال يستضيف أحد أبرز رموز الفساد على أرضه (صخر الماطري) لحضور الجلسة الافتتاحية لمجلس وطني تأسيسي يفترض أنه تكريس للارادة الشعبية؟ أم أن من استدعاه يتغاضى عن كل هذه الوقائع ليعتبر الأمير «راعيا للديمقراطية» في البلاد العربية ما دام قد «رعاهم بعنايته» ؟ هل أن حضوره مكافأة له عن دور بلاده في دعم صعود «إخوانهم» في بلدان مجاورة ؟ أم هو دعم من أجل الحصول على استثمارات ومساعدات يحتاجها تطبيق برامجهم التي وعدونا بها؟

وإلى جانب أمير قطر فإن بقية الضيوف من رموز الامبريالية مثل الرئيس الفرنسي ووزيرة الخارجية الأمريكية هم أيضا غير مرغوب فيهم. وفي المقابل واعتبارا لأن هذا المجلس هو أحد نتائج ثورة الشعب التونسي الذي دفع من أجله دماء العشرات من الشهداء والجرحى، نعتبر أن الأولى بحضور جلسته الافتتاحية هم جرحى الثورة وعائلات الشهداء والمنظمات والشخصيات التي وقفت إلى جانب الشعب التونسي في كل محطات نضاله ضد الديكتاتورية إضافة إلى رموز حركات التحرر ومعاداة الامبريالية والصهيونية في العالم.

محمود نعمان


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني