الصفحة الأساسية > البديل الوطني > إلى حسن بن عبد اللّه
إلى حسن بن عبد اللّه
4 أيار (مايو) 2010

إلى حسن بن عبد الله في وحدته الواسعة داخل زنازين الوطن الضيّقة:

الكثير من حنين لرفقة دافئة، كنتُ أحسسته عندما عانقته في المحكمة صبيحة السّابع والعشرين من أفريل الماضي، وكالعادة وفي مثل هذه المواقف المرتبكة، كانت لغتي فقيرة وكسيحة، هل أواسيك أم تواسيني يا رفيق نضالات التعب والجوع والحرية، الحرية التي حاولنا سويّة أن نفعل كلّ ما في وسعنا كي نحبّها، الحرية للمغتربين المقهورين في أوطانهم، والخبز الذي اكتوينا بناره ومع ذلك حاولنا ما في وسعنا أن نضعه فوق كلّ شيء، الشغل الذي كنت تحلم به ونحلم به ويحلمون به ولا نزال، الحقيقة التي ابتلعوها وغصّوا بها لكنّك لم تخنها، والثمن الذي دفعوه عرشا وتاجا ولكنّك لم تقبله.

كنت أمامي أعلى منهم، تبدو شامخا واثقا وهادئا هدوء المؤمن بأنّ الليل زائل والظلم ماض إلى القبر ويد الظالم قصيرة والظالم محترق بظلمه.

كنت أمامي الحلم الذي طالما داهمني في تمام يقظتي، حلم الجموع والفانوس المرتفع فوقها في كل رأس إنسان ضخم يُلوّح وبيد ضخمة أيضا لتلك الحشود بوضوح الطريق.

الحقّ بيّن، بيّن نلمسه بكفوفنا المضرّجة، والظلم بيّن التهاوي أمام دعاء الأمّ المفجوعة التي تمدّ يدها داعية في فضاء الجور السافر.

أمّك بجانبي كانت أحيانا تبتسم لنا ابتسامات باهتة مشجّعة وأحيانا تعود للدّعاء لك بالحريّة والخلاص، هي برعشة الأمّ كانت تريد سلامتك، وتودّ لو تفديك بجسدها المنطفئ تعبا، لكنّ كفّة الميزان كانت تتأرجح، كانت الشفاه ترتجف والحناجر تجفّ وكانت الكفّة ترجح، ودائرة القمع تتّسع لتلفّك بسوادها، والغربان تمرح وتمرح...

عفاف بالناصر - قفصة


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني