الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الانتفاضة: الطريق القويم لتهشيم عصا الظلم والطغيان
الانتفاضة: الطريق القويم لتهشيم عصا الظلم والطغيان
27 كانون الأول (ديسمبر) 2010

منذ سنوات توصلت جماهير شعبنا بوعيها البسيط وتجربتها المريرة وخبرتها الطويلة مع سياسات نظام بن علي، إلى حقيقة جوهرية، هي أن آلة الطغمة القمعية وبالوناتها الإعلامية المسلّطة على رقابها منذ ما يزيد عن 23 سنة لن ترفع هكذا ولن يمنح الخبز والعيش الكريم بجرة قلم من لدنه، ما دام الخطاب المتخشب لجلاد الشعب بن علي يزداد تخشّبا وتعنتا وغيّا ورياء.

وعلى ضوء هذه الحقيقة تكوّنت لدى أبناء شعبنا درجة دنيا من الحصانة أبعدتهم عن أيّ وهم ممّا كان يروّجه إعلام بن علي وزمرته الضالة التي تعمل على تلميع صورته صباحا مساء، بدءا ببرهان بسيّس مرورا بعبد الحميد الرياحي وعبد الرؤوف المقدمي وبعطوط وصولا إلى بوبكر الصغير [1]...

ولهذا فإن هذا الشعب بدا متمسّكا ومنذ سنوات بهذه القناعة، بأن رفع هذه المظلمة والغبن الذي يعانيه ويعيشه لن يتحقق إلا بصموده ونضاله وتضحياته والاعتماد على استنفار كامل طاقاته وقدراته، مبلورا ذلك في هذه الانتفاضات والتحركات التي أسقطت ورقة التوت على نظام بن علي وبيّنت حقيقة زيفه وبهتانه وجرمه، ليس على المستوى الوطني فقط بل على المستويين العربي والعالمي وتقارير المنظمات الحقوقية والإنسانية تبرهن على ذلك. وما انتفاضة الحوض المنجمي المجيدة وبؤرتها الرديف وحراك الأهالي في بنقردان وفريانة والصخيرة وصولا إلى انتفاضة البواسل في سيدي بوزيد إلا تعبير فاضح، أولا: على الفشل الذريع التي منيت به مشاريع وخيارات بن علي الاقتصادية والسياسية، وثانيا: والأهم قناعة المنتفضين بأن إزاحة هذه الطغمة لم ولن تكون إلا بالحراك العملي والميداني. صحيح أن هذه القناعة أو الوعي، الذي ما يزال جنينيا، ينقصه التأطير والتنظيم وبعد النظر والفهم الشامل والجامع لمجريات الأمور في بعدها التكتيكي والاستراتيجي، لكن وبشكلها العفوي وتراكم التحرك العفوي من شأنه عاجلا أو آجلا أن يحدث الطفرة المرتجاة وهي الهامة والمهمة.

وها نحن نرى برغم كل ما تحشده سلطة بن علي من إمكانيات ونفوذ من أجل فرض القبضة الحديدية على رقاب هذا الشعب وتجديدها وتشديدها، إلا أن الخطط والبرامج والتدابير والإجراءات المستقاة في لحظة الفعل الثوري العفوي -إن صحّت التعبيرة- لهذه الانتفاضات استطاعت أن تخلخل أركان هذا النظام لا بل هزّته في العمق وما التصريحات المتضاربة الرسمية التي أعقبت انتفاضة البواسل في سيدي بوزيد والتي شابها التناقض والاهتزاز، إلا دليل صارخ على هشاشة هذا النظام وعدم تماسكه، لا بل أن خيار القوة والمعالجة المنية ما هي إلا برهان آخر على عدم قدرة نظام بن علي على إيجاد البدائل، كما أن سبل المناورة قد ضاقت..

وإزاء هذه الحقيقة برهنت جماهير شعبنا بما لا يدع مجالا للشك أنها نابضة بالحياة وبروح المبادرة وقادرة على كسر الطوق على خلاف ما يدعيه البعض من مثقفينا وسياسيينا، إن هذا الشعب جبانا في عمقه لا بل جينيا يعشش فيه الجبن.

فهذه الانتفاضات المتواترة والمستمرة والمتجولة في جغرافيا هذا الوطن. قد فتحت أمام أعيننا، بالرغم من التضحيات الكبيرة والشهداء الأجمل منّا جميعا، الآفاق الرحبة لمواصلة تطوير قدراتنا الذاتية على مواصلة التصدي لكل المشاريع النهّابة ولعصابة السرّاق التي استباحت البلاد والعباد، وإلحاق الهزيمة بقاطرة جلاد الشعب وأرتالها، وما قبول السلطة بناطق رسمي على الفضائية الجزيرة إلا هزيمة.. وخطابه فيها المهتز، هزيمة.. واللجوء إلى إطلاق الرصاص الحي على العز من أبناء شعبنا، إلا هزيمة..

نعم فتحت أمامنا السبيل المثل للتخطي والتجاوز على الخطوط الدنيا والقاسم المشترك، والمضي قدما بإرادة قوية وعزيمة أشد.

إنه بحق الطريق القويم، مع تنسيب الأشياء، لتهشيم هذه الغطرسة وإسقاط استهدافات طغمة بن علي وإزاحتها.

- تسقط عصابة السرّاق
- يسقط جلاد الشعب

نجمة سعيد

هوامش

[1الذي يمتلك قصرا في قرطاج بملايين الدولارات بفضل رخصه وبخسه ونذالته المعهودة.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني