الصفحة الأساسية > البديل النقابي > الجامعيون والتقاعد، هل سيطالبون بالتراجع عن قانون الـ65 سنة؟
وجهة نظر:
الجامعيون والتقاعد، هل سيطالبون بالتراجع عن قانون الـ65 سنة؟
16 أيار (مايو) 2009

صدر أخيرا بالرائد الرسمي القانون عدد 20 لسنة 2009 المؤرّخ في 13 أفريل 2009 والمتعلّق بأحكام استثنائية لتقاعد أساتذة التعليم العالي. ويبدو لأوّل وهلة أنّ هذا القانون استجاب لمطلب مدرّسي التعليم العالي المتمثل قي تمديد سنّ الإحالة على التقاعد إلى 65 سنة. فإلى أيّ مدى يعتبر هذا القانون قد حقق ما يصبو إليه الجامعيون؟

قبل الحديث عن محتوى القانون الجديد نشير أنّ المطلب الذي دافعت عنه الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي هو التمديد في سنّ الإحالة على التقاعد إلى 65 سنة حسب اختيار الأساتذة بالنسبة إلى كافة الأصناف ودون تمييز. وقد لا يشاطر الجميع فكرة الزيادة في سنوات العمل الفعلي إذ يصعب القول أنها تنسجم مع التوجّه العام للحركة النقابية العالمية والتونسية المتمثل في النضال من أجل التخفيض في ساعات العمل وفي سنّ الإحالة على التقاعد. ويكتسي هذا التوجّه أهميّة خاصة في تونس بسبب تفشّي ظاهرة البطالة في صفوف أصحاب الشهائد العليا. وهو علاوة على ذلك، مطلب غير دقيق لا يراعي ما تتضمنه مهنة الجامعي من مهام عديدة من قبيل التدريس والبحث والتأطير والمشاركة في اللجان وغير ذلك من الأعمال. فأغلب هذه المهام يمكن للجامعي مواصلة الاضطلاع بها باستثناء التدريس. وفي الحقيقة فإنّ بعض الجامعيين الذين التحقوا بالوظيفة العمومية في سنّ متقدّمة يحتاجون إلى سنوات عمل إضافية لاستكمال شروط الحصول على جراية تقاعد كاملة. وتوجد حالات أخرى مماثلة نذكر منها رغبة بعضهم في إتمام بحوثهم وسعيهم إلى تحقيق انتظاراتهم في الارتقاء. وفي جميع الحالات فإنّه لا يعقل عدم التمديد للأساتذة المشرفين على رسائل بحث وأطروحات دكتوراه وعلى مخابر ووحدات البحث فهو أمر منافي للبحث العلمي ولمصلحة الطلبة وهدر للكفاءات العلمية والتكنولوجية ويتناقض مع المصلحة الوطنية. ويمكن الاستفادة من خبرات الجامعيين المتقاعدين باستدعائهم إلى إلقاء دروس بمقابل. أمّا أن يطالب الجامعي الذي بلغ سن التقاعد حسب ما يقتضيه قانون 1985 بإنجاز عدد من الساعات لا يقلّ عن خمس ساعات ونصف دروس فهو من باب الإجهاد والإرهاق خصوصا وأنّ ساعة الدرس تتطلّب جهدا لإعدادها وأنّ الدرس يجب أن يقع تجديده باستمرار. وأكثر من ذلك فهو عمل غير خالص. ولا نظنّ أن هناك قانونا في العالم يفرض عملا غير خالص.

ولعل السلطة وجدت ضالتها في مطلب التمديد فسارعت إلى تنفيذه دون تردّد ودون التفات إلى بقيّة المطالب ودون أخذ رأي المعنيين بالأمر. وربما تسعى في المستقبل إلى سحبه على بقيّة الأصناف وعلى قطاعات أخرى من الوظيفة العمومية. وفي الوقت الراهن اقتصر التمديد على الأساتذة المنتمين إلى صنف "أ" وهم أساتذة التعليم العالي والأساتذة المحاضرون للتعليم العالي والأساتذة الاستشفائيون الجامعيون والأساتذة المبرّزون الاستشفائيون الجامعيون. ويمكن استبقاؤهم بحالة مباشرة بمقتضى أمر إلى أن يبلغوا سنا أقصاه سبعون سنة وذلك بناء على تقرير معلّل من الوزير المعني بالأمر. وفي استطاعتنا التكهن منذ الآن بأنّ هذا التمديد الاستثنائي إلى سنّ السبعين سيفتح الباب مجدّدا للتمييز والإقصاء على الهويّة مثلما كانت تقوم به وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قبل صدور القانون المذكور سابقا.

خلاصة القول أعتقد أنّ الإجراء المتعلّق بالتمديد يحتاج إلى مراجعة في اتجاه ربط التمديد باختيار الجامعي وإقرار حق الأساتذة المتقاعدين في مواصلة تأطير البحوث الجامعية والإشراف على المخابر ووحدات البحث. وبإمكانهم إلقاء دروس بمقابل.

نقابي من قطاع التعليم العالي


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني