الصفحة الأساسية > البديل الوطني > الرديف جرح نازف وقلب صامد...
الرديف جرح نازف وقلب صامد...
17 تشرين الأول (أكتوبر) 2009

"يبدو أن مدينة الرديف ومتساكنيها قد أغضبوا الله فهم ناكرو نعمة"، هذا ما صرح به أحد الأئمة المتشبعين بالإسلام التونسي في أحد مواعظه الدينية التي تبث عل الراديو.

ربما يستغرب العديد ما قيل ولكنها "الحقيقة المرة" فأهالي الرديف ناكرو نعمة بحق، وإلا لماذا أبلاهم الله دون غيرهم بكارثة هي الأكبر في تاريخ تونس الحديث.

أكثر من 30 ضحية من مختلف الأعمار إبتداء بالفتى عدي بن عمار بن عثمان البالغ من العمر 13 سنة، إلى عمي الطيب الزنيدي الشيخ الذي تجاوز الثمانين، مرورا بالمهندس الفلاحي - مع تأجيل التنفيذ- رضا طبابي البالغ 31 سنة.

عشرات المنازل هدمت بعد أن قضى أصحابها سنوات في تشييدها وتزويقها وتهيئتها لتكون لهم ملاذا دافئا لهم ولأبنائهم بعد سنوات الشقاء والتعب والمعاناة أو ربما كي تكون قرابين معدة لطلب المغفرة.

عشرات الدكاكين كانت في الوقت الماضي القريب مصدر رزق لآلاف العائلات هاجمتها سيول المياه بكل غضب وكل "حقد" لتسوق أطنان الكسكسي والطماطم والسكر والخضار وغيرها من المواد الإستهلاكية لمشارف عمادة السقدود، ربما إنتقاما من تجار إعتادوا على أكل الربا والإمتناع عن دفع "الزكاة"، هذا ما يقوله البعض !

سيول جارفة لم تشبعها مئات الحيوانات التي لا ذنب ولا قوة لها سوى أنها لم تكن في المكان المناسب. قطيع من الماعز والأغنام والدجاج كلها عانقت الموت بعد أن رفضت نحرها في الموالد والزوايا ! هذا ما تردده الألسنة الخبيثة.

هذه حصيلة "غضب الله" والقادم أخطر إعتبارا لإمكانات إنتشار الأوبئة والأمراض ليكتمل المشهد الكارثي في مدينة إنتفضت يوما في الماضي القريب ناكرة "نعمة الله" وخادمها في الأرض، فالحياة سعيدة والإبتسامة تعلو وجوه الجميع، والشغل متوفر لطالبيه ما عدى أصحاب النفوس الضعيفة الباحثين عن "مسمار في حيط"، وحرية التعبير والإجتماع والتظاهر مكفولة للجميع، والدولة مهتمة بكل شاردة وواردة مستجيبة لكل تطلعات المواطنين في الحياة الكريمة.

لقد ذكر "إمامنا الجليل" أن المدينة الصامدة على الدوام لابد لها أن تأخذ درسا في التخريب، كيف لا وأبنائها إختصوا في "سب الجلالة" حتى أن أحاديثهم لا تخلو من الإستهزاء بمظاهر التدين والتشكيك في نظام هو المؤهل الوحيد لخدمة الله ومعتقد الشعب الإسلام.

هكذا يتم إستغلال سذاجة الكثير من أبناء شعبنا لتسويق أوهام حول "العقاب من الله" و"القضاء والقدر" كي تتفصى النوفمبرية بصفة كاملة من تداعيات الكارثة التي كان أن يمكن أن تكون أقل وطئة على الأهالي لو تم التنبيه مسبقا بإمكانية هطول الأمطار الهائل أو الأخذ بعين الإعتبار ما تقدم به قادة إنتفاضة الحوض المنجمي من ضرورة التنبه لوضعية "الواد" الذي يشق المدينة عبر وضع مخطط واضح وطويل الأمد يقي الأهالي شر الفياضانات الكارثية.

من جهة أخرى فإن الطغمة النوفمبرية لا تجد حرجا في توظيف كافة إمكانياتها الدعائية بما فيها التوظيف المسخ للإسلام كي تشرّع الجريمة البشعة التي إرتكبتها في حق نساء ورجال الرديف لما هبوا مطالبين بحقهم في تشغيل أبنائهم، وبنصيبهم في الثروة الوطنية، وبحقهم في العيش الكريم.

لقد وظف الدين مرة أخرى من طرف النظام كي لا نحاسب قتلة "هشام بن جدو" و"عبد الخالق عميدي" و"الحفناوي المغزاوي". وكي لا يسترجع كل من جرح بالرصاص الحي حقه في العلاج والتعويض، وكي لا يتم إطلاق سراح قيادات الحركة القابعين في المعتقلات النوفمبرية منذ أكثر من سنة. وكي لا تتم محاكمة كل من تورط في التعذيب أمرا وتنفيذا وكل من انتهك حرمات المنازل والمتاجر ونهبها. وكي لا تتم مقاضاة الفاسدين والمرتشين من أهل الجهة وعلى رأسهم المدعو "عمارة العباسي".

هكذا يدعونا "إمامنا التقي" في آخر الموعظة أن نتعلم الدرس، ولا نجادل في ما أعطانا الله، ولا نكفر بنعمة هي في الأخير مجرد هبة من "حامي حماة الدين"!!!

صـامد


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني