الصفحة الأساسية > البديل العربي > المجد للمقاومة العراقية الباسلة
في الذكرى الخامسة لاندلاعها:
المجد للمقاومة العراقية الباسلة
حزيران (يونيو) 2008

يوم التاسع من أفريل الجاري مرت خمس سنوات كاملة على دخول الجيوش الأمريكية وحلفائها العاصمة العراقية بغداد بعد أن انطلقت في العشرين من مارس 2003 في شن توغل برّيّ واسع مسنود بقصف جوي و بحريّ قلما عرف له التاريخ والعالم مثيلا، استعملت فيه أحدث أنواع الأسلحة والتكنولوجيا العسكريّة وأفتك ما توصلت له المخابر و شركات صنع الأسلحة الأمريكية من "اختراعات". كما استعملت فيها العديد من أنواع الأسلحة "المحظورة" دوليّا نظرا لاعتمادها على الموادّ المشعة والكيماوية شديدة البطش وذات الانعكاسات المدمّرة على الإنسان والبيئة والبنية التحتية والتي تسبّب تلوّثا بيئيّا يدوم لعشرات السنين.

و يجدر التذكير أن الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة جورج بوش الابن لم تتورّع عن اختلاق الأكاذيب وشن حملة سياسية وإعلامية هائلة حول "أسلحة الدمار الشامل" و" دعم العراق لشبكات الإرهاب العالمية" لتبرير حربها عليه والتي عرفت معارضة واسعة من طرف كلّ شعوب العالم ومن أغلب الدول أفشلت مساعي الإدارة الأمريكية وحلفائها ( وخاصة بريطانيا وأسبانيا قبل انسحابها ) في استصدار غطاء دوليّ لحملتها عبر مؤسّسات منظمة الأمم المتحدة وفضحت الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء الحرب وهي السيطرة على النفط العراقي وحماية أمن الكيان الصهيوني والشروع في تنفيذ مشروع " الشرق الأوسط الكبير".

و رغم العزلة الدوليّة النسبيّة التي عرفتها الإمبريالية الأمريكية والمعارضة القوية التي لاقتها حتى من بعض حلفائها التقليديّين ( فرنسا، ألمانيا..)، فإنها وجدت في الأنظمة الرجعية العربية وغيرها في دول الجوار (إيران، تركيا...) "خير سند" لحملتها العسكرية على العراق حيث قدمت لها الدعم المادي والتسهيلات اللوجيستية الضرورية لحرب بذلك الحجم وانطلقت أغلب جيوشها الغازية من قواعد قارة أو وقتية متمركزة في بلدان عربية (السعودية، الكويت، قطر...) كما ساندتها أغلب الأنظمة العربية الأخرى سرّا أو علنا حيث صرّحت الإدارة الأمريكية أن 15 حكومة عربية (و من بينها النظام التونسي ) ساندت الحرب على العراق فيما كانت هذه الأنظمة تقمع شعوبها وتمنعها من التعبير عن مساندتها للشعب العراقي الشقيق وإدانتها للعدوان عليه.

و بـ "سقوط بغداد" سقطت آخر الأقنعة عن الوجه الحقيقي للإمبريالية العالمية وخاصة الأمريكية وحليفاتها، وبان من خلال أنهار الدماء ومئات آلاف القتلى والحجم المهول للدمار الذي خلفته آلتها العسكرية البربرية التي لم تستثن مدنيين ولا أطفالا رضع و مسنين ولم تتورّع عن دك ونهب المعالم الأثرية والتاريخية والثقافية التي تخلد أكثر من 6 آلاف سنة من الحضارات المتعاقبة على هذا البلد، بان زيف شعارات الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان التي سوّق من خلالها "برابرة العصر الحديث" حربهم على العراق وشعبه وظهر بالكاشف أن الإمبريالية لا تعنيها مصالح الشعوب والكادحين ولا نضالاتها الحقيقية من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا تتورّع عن مصّ دمائهم وإراقتها في سبيل تكديس الثروات في أيدي حفنة من الدول والرأسماليين وتمكينهم من السيطرة على مقدرات الشعوب الضعيفة.
إن المتأمل في نتيجة خمس سنوات من الاحتلال الأمريكي للعراق يلاحظ دون عناء حجم الدمار الذي ألحقه بالعراق وبشعبه، فعلاوة على أكثر من مليون قتيل وملايين اللاجئين والمشردين (حسب عديد الإحصائيات المستقلة والصادرة عن المنظمات الدولية) ألحق الغزو الأمريكي دمارا هائلا بالاقتصاد وبالبنية التحتية وبالخدمات الأساسية من صحة وتعليم ونقل وتزويد بالماء والكهرباء والوقود. كما أدّى إلى انهيار كامل للمؤسسات السياسية والإدارية والأمنية والعسكرية لم تفلح "الحكومات" الدّمى المتعاقبة والمسرحيات الانتخابية و"الدستورية" المتتالية في طمسه وأصبح يهدّد بجدّية وحدة العراق وتعايش المكونات القومية والثقافية والدينية المتنوعة في رحابه، خاصة مع تزايد الاقتتال الطائفي الذي يرعاه ويغذيه الاحتلال الأمريكي.

و لكن يوم 9 أفريل و إن مثل ذكرى " سقوط بغداد "، فإنه يمثل بالمقابل ذكرى انطلاقة المقاومة العراقية الباسلة والتي تواصل منذ خمس سنوات الصمود والتقدم على درب تحرير العراق من براثن العدوّ الإمبريالي الأمريكي وحلفائه وعملائه وتلحق بهم الهزائم تلو الأخرى، والتي، رغم التعتيم الإعلامي والسياسي الذي يضربه الاحتلال عليها ورغم ما يحاول أن يلحقه بها من تشويه، تلاقي تعاطفا ومساندة واسعين من كلّ الشعوب وقوى التحرر والانعتاق في العالم.

و الشباب التونسي الذي خرج بعشرات الآلاف سنة 2003 للتظاهر تعبيرا عن إدانته للعدوان وعن مساندته للشعب العراقي متحدّيا آلة القمع البوليسية لنظام بن علي وفاضحا تواطؤه مع الاحتلال، هذا الشباب مطالب بتكثيف مساندته للمقاومة العراقية وتنويع أشكالها حتى يساهم من موقعه في معركة الشعب العراقي من أجل التحرّر.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني