الصفحة الأساسية > البديل الوطني > بطاقة زيارة
عفاف بالناصر:
بطاقة زيارة
6 أيلول (سبتمبر) 2010

وحدها الأسئلة تحاصرني والخوف من تدهور صحتك يخيفني هذا اليوم.

هل زالت أتعابك؟ هل تعافت صحتك؟ هل استشعرت في غرفتك الضيقة تغيير الفصول؟

الأسئلة تتوالد يا "فاهم" وأنا في الطريق إليك. لا أعرف من أين تأتي عذابات هذه الأسئلة؟

عهدتك أنت من يسأل ويسأل ويسأل.

هل أصابني "مرض" التساؤل؟ أم شهرك الثاني وراء تلك الأسوار يدفعني دون وعي إلى تلك البؤرة المؤلمة.

حزينة على صحتك وبمجرّد رؤيتك من وراء الحاجز البلوري تخفّ أتعابي.

أنت تمشي وتبتسم وتقول: "الصحة عادي نزلة البرد تلازمني حتى هذا الوقت غيّر الطبيب الأدوية أوّل أمس".

- ما هي الأدوية الجديدة؟
- حسب الطبيب "CLAVOR" يعدّ من أقوى المضادات الحيوية، مع CLAMOXYL, EFFARALGAN

لا أعرف لماذا تعود الأسئلة حتّى و أنا أكلمك...

هل يقدر جسمك على ابتلاع كلّ هذه المضادات؟

بدأت الأوضاع تتحرّك، الأخبار كثيرة يا "فاهم" الجزيرة تعرّضت لقضيتك مرتين، جريدتي "الموقف" و"الطريق الجديد" أيضا.

زارني وفد تضامني أمس، لا أحد من بين الزائرين معترف بجمعيته من قبل نظام الحكم.

- غريب أمر هذه البلاد، الشعب يعرفهم وتفتح البيوت لاستقبالهم والنظام يمنعهم ويحاصرهم.
- انتبه لصحتك... سأزورك يوم العيد مع العائلة...

مشكلتي أني عرفت السجن، ومن المؤكد أن هذه المعرفة تُعمّق إحساسي بوجودك هناك.

أعرف أحزان يوم الزيارة عند الوداع كما أعرف خوف ورعشة انتظارها في الصباح.

أعرف سعة الأفق أمامي وأنا في سيارة "الأجرة" وأذكر ضيق الأفق هناك بل ضيق المكان في الغرف التي تكاد تنطبق جدرانها الوسخة وقضبانها الحديدية المفزعة على من أنهى زيارته.

أعرف أحزان يوم الزيارة وقسوة صرير تلك المفاتيح الكبيرة في يد السجّان.

أعرف انتظار "السجين" أمام قفّته ومراوحته بين متناقضات الأحاسيس والأفكار.

كما أعرف شوق "السجين" للحياة والحريّة رغم علوّ الأسوار وكثرة الأبواب الحديدية المُغلقة.

أنت في سجنك المعلوم وأنا في سجني المجهول حتى أنني في الأسبوع الفارط بعد الانتهاء من إعداد القفة أخذت ورقة لكتابة اسمك ووضعه على القفّة، فأفقت على ورقة بها "عفاف بالناصر" يومها عرفت أن الديكتاتورية التي وضعتك هناك وضعتني هنا في سجن قد يكون أكثر قسوة.

الحرّية لك
والنهار آت لا محالة

عفاف بالناصر


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني