الصفحة الأساسية > البديل الوطني > بيان حزب العمال الشيوعي التونسي على إثر خطاب السبسي
بيان حزب العمال الشيوعي التونسي على إثر خطاب السبسي
8 أيلول (سبتمبر) 2011

ألقى رئيس الحكومة المؤقتة صبيحة الثلاثاء 6 سبتمبر 2011 خطابا تعرّض فيه لتدهور الأوضاع الأمنية بعدّة مناطق بالبلاد (سبيطلة، المتلوي، دوز، باجة...) وللحالة المتفجّرة في الأجهزة الأمنية وللاستفتاء حول مدّة عمل المجلس التأسيسي وصلاحياته. وقد أعلن في هذا السياق "تفعيل قانون الطوارئ" ومنع العمل النقابي في صفوف قوّات الأمن الدّاخلي وفتح بحث قضائي عسكري حول ما أسماه بالتمرّد في ثكنة الحرس الوطني بالعوينة (تنصيب الأعوان آمر حرس جديد عليهم...). وترك الأمر بالنسبة إلى الاستفتاء، إلى الأحزاب السياسية مما يعني ان حكومته لا تعترض عليه إذا اتفقت هذه الأحزاب.

وردا على ما جاء في هذا الخطاب من مواقف وإجراءات فإن حزب العمال يتوجّه إلى الرأي العام بما يلي:

1 – إنّ الانفلات الأمني الحاصل هذه المدّة في عدد من مناطق البلاد، ليس ظاهرة جديدة. ولطالما نبّه حزب العمال إلى أن هذا "الانفلات المبرمج"، تقف وراءه قوى معادية للثورة (بقايا تجمّع، مافيات بن علي، بوليس سياسي...) تريد ضرب وحدة الشعب التونسي والالتفاف على ثورته عبر إثارة النّعرات العروشية والجهوية والعقائدية، وطالب بفتح تحقيق جدّي ومستقل لكشف تلك القوى. ولكن الحكومة رفضت ذلك وظلّت تتستّر عليها وهو ما شجّعها على الاستمرار في غيّهم.

2 – إن الخلط بين أعمال العنف والتخريب التي يرتكبها أعداء الثورة وبين النضالات الاجتماعية للعمال والكادحين والفقراء، أمر غير مقبول. ففي تونس اليوم اعتصامات وإضرابات وتحرّكات كثيرة. ومن بين الاعتصامات ما هو مفتعل من قوى معادية للثورة لبث الفوضى وتعطيل مصالح الناس (إيقاف عمل، قطع طريق...) ومن الواجب فضحها وكشفها، لكن، من الاعتصامات ما هو عفوي وصادر عن فئات شعبية للاحتجاج على أوضاع إجتماعية متدهورة، ولابدّ في هذه الحالة من الحوار مع المواطنين والاستجابة للمستعجل من مطالبهم. أما الاضرابات والتحركات المنظّمة من النقابات للمطالبة بتنفيذ اتفاقات أبرمتها معها الحكومة ثمّ ماطلت أو تراجعت عن تنفيذها، فالمسؤولية تعود إلى من أخل بالتزاماته وليس إلى العمال والأجراء.

وفي كل الحالات فإن للسلطة الانتقالية مسؤولية كبرى في تدهور الحالة الاجتماعية لأنها لم تضبط خطّة لمواجهة المطالب المستعجلة لأهالي المناطق المهمّشة الذين قاموا بدور حاسم في الثورة والمعطّلين عن العمل وأصحاب الأجور والمداخيل الضعيفة ولم تتخذ الإجراءات اللازمة للتصدّي للمحتكرين والسماسرة الذّين يستغلون الأوضاع للرّفع من الأسعار ومراكمة الأرباح على حساب الشعب.

3 – إنّ اللجوء اليوم إلى تفعيل قانون الطوارئ وما يخوّله لوزير الداخلية والولاة (المطعون في شرعيتهم) من صلاحيات لإيقاف الناس أو منع الأنشطة العامة دون العودة إلى القضاء، لن يحل المشاكل، بل من شأنه فتح الباب لانتهاك الحريات الفردية والعامة في هذا الظرف الذي تستعدّ فيه البلاد إلى انتخاب المجلس الوطني التأسيسي.

4 – إنّ المسؤولية عما يحصل في الأجهزة الأمنية (البوليس، الحرس الوطني، السجون...) من انفلاتات تعود إلى الحكومة المؤقتة قبل غيرها، لأنها رفضت وما زالت ترفض تطهير هذه الأجهزة من رموز الفساد ومن الضالعين في أعمال القتل والتعذيب والنهب والتنكيل بالمواطنين وإعادة تنظيمها على أسس ديمقراطية، حتى يشعر الأعوان أنهم في خدمة المواطن والوطن، لا في خدمة الحاكم، وحتى تكون مرجعيتهم القانون، وليس التعليمات.

إنّ منع العمل النقابي في صفوف قوات الأمن واللجوء إلى القضاء العسكري لمعالجة ما حصل في العوينة لن يحلّ المشاكل في غياب خطّة واضحة لتطهير وزارة الداخلية وضخّ دماء جديدة فيها عبر تشغيل أعوان وإطارات جدد لا علاقة لهم بنظام بن علي، بل مكوّنين وفقا لعقيدة أمنية جديدة. إنّ حزب العمال يدعو إلى الحوار مع غالبية الأعوان والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم حول السبل لتطهير الوزارة وإعادة تنظيمها .

5 – وكما أنّ الحكومة تتحمّل مسؤولية ما حصل في وزارة الداخليّة فإنّها تتحمّل أيضا مسؤولية ما يجري في الجهاز القضائي لأنّها رفضت ومازالت ترفض الاستجابة لمطالب القضاة والمحامين والشعب عامة بتطهير هذا الجهاز من رموز الفساد، قضاة تحقيق، ونيابة عمومية، وقضاة، ممّن خدموا الديكتاتور وكرّسوا سياسته القمعية وحصلوا مقابل ذلك على منافع.

إنّ الحلّ يبدأ بالإسراع بانتخاب مجلس أعلى للقضاء، وبإرساء عدالة انتقالية مختصّة يتولاّها قانونيون (أساتذة، محامون، خبراء، قضاة ...)، مشهود باستقلاليّتهم ونظافتهم ونزاهتهم لمعالجة ملفّات رموز النظام السابق، والمورّطين في قتل الشهداء وفي نهب خيرات البلاد وثرواتها.

6 – إنّ تنظيم استفتاء مواز يوم 23 أكتوبر حول مدّة عمل المجلس الوطني التأسيسي وصلاحياته يفتح الباب في رأينا للالتفاف مسبقا على هذا المجلس وعلى الطموحات الديمقراطية للشعب التونسي.

إنّ المجلس الوطني التأسيسي المنتخب ديمقراطيا ودون تزوير ينبغي أن يكون صاحب السيادة لصياغة الدستور الجديد وتعيين الحكومة ومراقبتها طوال المدّة الانتقالية التي ستمتد إلى يوم انتخاب المؤسسات الجديدة للبلاد وفقا للدستور الجديد.

إنّ المدّة التي ينبغي أن تأخذها صياغة الدستور وانتخاب المؤسسات الجديدة ينبغي أن تحدد داخل المجلس ولا ينبغي أن تكون طويلة، فلا تتجاوز في رأينا العام أو العام ونصف.

إن الضمان الوحيد للتصدّي لأي انحراف عن أهداف الثورة وعن مبادئ الحرية والديمقراطية بما في ذلك من طرف المجلس الوطني التأسيسي أو أيّة قوّة سياسية داخله أو خارجه هو الشعب التونسي، الذّي ينبغي أن يظلّ معبّأ للدفاع عن ثورته.

7 - إن الوضع الذي تمرّ به البلاد اليوم هو وضع حرج وهو يثير الحيرة في صفوف قطاعات واسعة من الشعب التونسي ولكن هذا الوضع هو نتاج لسياسة الحكومة الحالية التي لم تتخذ الإجراءات اللازمة منذ البداية لتأمين الانتقال الديمقراطي في ظروف سليمة. ولا يمكن اليوم معالجة هذا الوضع بالأساليب القمعية بل بأساليب الحوار وبالإجراءات السياسية والاجتماعية التي من شأنها وضع البلاد على سكّة التغيير وإنجاز الانتخابات في ظروف سليمة.

إن حزب العمال يدعو الشعب التونسي وكل القوى الديمقراطية إلى تحمل مسؤولياتها في التصدّي لكل المناورات الهادفة إلى الالتفاف على الثورة وإلى الحيلولة دون استكمال مهامها بما في ذلك انتخابات مجلس وطني تأسيسي يعكس إرادة الشعب ويكرّس أهداف الثورة.

حزب العمال الشيوعي التونسي
تونس في 8 سبتمبر 2011


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني