الصفحة الأساسية > البديل الوطني > بيان حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان:
بيان حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية
3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009

تابعت الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وفروعها مختلف مراحل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت يوم 25 أكتوبر 2009، وذلك من منطلق اهتمامها بكل المحطات الهامة في الحياة العامة للبلاد وكذلك باعتبار ما يضمنه الدستور التونسي والمواثيق الدولية ومنها بالخصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (في فصله الخامس والعشرين بصفة خاصة) من حق الشعب، عبر انتخابات حرّة، ديمقراطية ونزيهة، في اختيار من يحكمه.

وباعتبار أن الرابطة لا تتوفر لديها الوسائل المادية والبشرية والتقنية لرصد كل مراحل الانتخابات، بدءا بالتسجيل في القائمات الانتخابية وصولا إلى الترشحات والحملة الانتخابية وعملية الاقتراع وعملية الفرز وإعلان النتائج النهائية، فهي تكتفي بالتأكيد على بعض الجوانب الهامة التي يمكن لكل متابع موضوعي أن يصل إليها:

1- إن الانتخابات تفترض بالضرورة حياة سياسية تتميز بتعددية فكرية وسياسية وإعلامية فعلية تسمح بمنافسة حقيقية ومتعادلة بين مختلف الأطراف التي تسعى إلى نيل ثقة الناخبين والناخبات. وقد أكّدت الانتخابات الأخيرة ونتائجها المعلنة أن الظروف المذكورة أعلاه ليست متوفرة لا قبل الانتخابات ولا خلالها.

2- إن مسألة الإشراف على تنظيم ومتابعة الانتخابات في جميع مراحلها لم تجد حتى الآن الحلّ المناسب الذي تتوافق عليه الأطراف السياسية المعنية. فبين تشبّث السلطة بالمفهوم القائل بأن هذه المهمة من مشمولات وزارة الداخلية وحدها، ومطالبة عدد من أحزاب المعارضة بضرورة ضمان حياد الإدارة، ومن ثمّ إسناد هذه المهمة إلى لجنة وطنية تضمّ كافة الأطراف المعنية، بقيت الأمور على حالها وواصلت وزارة الداخلية التفرّد بكافة الجوانب المتعلّقة بالعملية الانتخابية بدءا بضبط قائمات الناخبين والناخبات وصولا إلى عملية الاقتراع والإعلان عن النتائج، وهو ما يجعل أطرافا عديدة معنية بالانتخابات تطرح مسألة في غاية من الأهمية، ألا وهي مسألة مصداقية العملية الانتخابية في حدّ ذاتها.

3- إن للإعلام أهمية قصوى في مواكبة الحملات الانتخابية لجميع الأطراف المتنافسة، والتعريف بمختلف البرامج المعروضة على الناخبين والناخبات، شرط أن يكون ذلك على أساس الموضوعية التامة وبالخصوص على أساس أقصى ما يمكن من العدل والمساواة بين الأطراف المتنافسة، دون تفضيل لهذا الطرف على حساب بقية الأطراف... وهذا مطلوب بصفة خاصة من الإعلام العمومي.. ومن الواضح لكل من تابع الأحداث في مختلف مراحلها واستمع إلى القنوات التلفزية والإذاعية العمومية وتجوّل في شوارع المدن والقرى قبل الحملة الانتخابية وخلالها أن تعامل الإعلام كان بعيدا عن العدل والمساواة بين مرشحي السلطة وبقية المرشحين.

كما أن تعامل الإدارة مع تعليق الصور والبيانات الانتخابية كان في أحيان كثيرة مخالفا لما نصت عليه المجلة الانتخابية من أن الإدارة تخصص مساحات متساوية لكل مترشح بالنسبة الانتخابات الرئاسية أو لكل قائمة من قائمات المترشحين بالنسبة للانتخابات الأخرى وأنه بإمكانها إزالة أيّ تعليق يتم خارج الأماكن المخصصة من قبل الإدارة أو في المساحات المخصصة للمترشحين الآخرين.

4- لقد سجلت قبل وبعد الحملة الانتخابية بعض الأحداث البارزة التي شدّت انتباه الملاحظين وأثارت عدة تساؤلات، نشير من بينها، على سبيل الذكر لا الحصر، إلى سقوط العديد من قوائم المرشحين المقدمة في عدد كبير من الدوائر الانتخابية الستة والعشرين من طرف أحزاب المعارضة، دون أن يعلل هذا الإسقاط من طرف وزارة الداخلية، أو تم بتعليل ضعيف أو مبهم أحيانا، حتى أن بعض الأحزاب فقدت بهذه الصورة نصف قائماتها أو حتى ثلثيها.. وكان من انعكاسات ذلك أن غابت بعض أحزاب المعارضة في مدن ذات كثافة سكنية كبيرة وثقل سياسي هام مثل العاصمة وصفاقس وغيرها... كما سجلت عملية تكتسي أهمية لا يستهان بها، خاصة أنها تحدث للمرة الثانية بالنسبة للانتخابات الرئاسية، وتمثلت في الحجز الذي تعرض له البيان الانتخابي لمرشح حركة التجديد-المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم لرئاسة الجمهورية حيث لم يفرج عن البيان إلا بعد عشرة أيام على افتتاح الحملة الانتخابية، إلى جانب حجز أسبوعية "الطريق الجديد" الناطقة باسم نفس الحزب..

5- أما النتائج المعلنة فأبرز ما تميزت به، إضافة إلى الفوز الساحق الذي حققه الرئيس المنتهية ولايته واكتفاء المرشحين الثلاث المتبقين بتقاسم 10 بالمائة من أصوات الناخبين، فهو أن أحزاب المعارضة الثمانية، على مختلف ألوانها وتصنيفاتها، خسرت الانتخابات في الدوائر الستة والعشرين بدون استثناء، ولم تتوصل إلى الفوز ولو بمقعد واحد في هذه الدوائر.. وهو ما يثير تساؤلات عدة ومشروعة حول حقيقة التعددية في البلاد ومدى مصداقيتها.

6- وفي النهاية، فإنه من الواضح أن الانتخابات الأخيرة والملابسات التي رافقتها والنتائج التي أسفرت عنها تطرح على جميع الأطراف، سلطة ومعارضة، العمل الدءوب على إعادة النظر في كل ما ينبغي مراجعته، والإسراع بتطوير كافة العناصر والآليات المرتبطة بصفة مباشرة أو غير مباشرة بالمنظومة الانتخابية، حتى يتحقق ما ننشده من تقدم في اتجاه جعل المحطة الانتخابية مناسبة فريدة من نوعها يتوقف عليها مصير البلاد، ويتمكن فيها الشعب التونسي من الاختيار الحر والنزيه والشفاف بين برامج واتجاهات مختلفة تطرح أمامه بكل حرية في نطاق منافسة حقيقية تتساوى فيها الفرص بين جميع الأطراف المتنافسة على نيل ثقة الناخبات والناخبين...

تونس في 3 نوفمبر 2009

عن الهيئة المديرة
الرئيس
المختار الطريفي


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني