الصفحة الأساسية > البديل الوطني > بيان غرة ماي 2004
بيان غرة ماي 2004
1 أيار (مايو) 2004

يحيي الشغالون في تونس كسائر شغالي العالم يوم غرة ماي 2004 العيد العالمي للعمال. ويجري الاحتفال بهذه المناسبة هذه السنة في وضع مختلف عن المرات السابقة دوليا وعربيا ومحليا.

فالاحتفال بعيد العمال هذه السنة يصادف مرور أكثر من سنة على احتلال العراق الشقيق بعد حملة عسكرية جندت لها الإمبريالية الأمريكية قرابة نصف المليون عسكري مدعومين ببعض الآلاف من جنود حلفائها البريطانيين وغيرهم وبأعتى الأسلحة البرية والجوية والبحرية المتطورة تقنيا والأكثر فتكا وبما لم يشهد العالم مثيلا له من قبل. وقد أكدت الحقائق الميدانية كذب ورياء الدعاية الإمبريالية حول "مقاومة الإرهاب" و"القضاء على أسلحة الدمار الشامل " وافتضحت نواياها الحقيقية في الهيمنة على العراق لأغراض استعمارية ليس لها من هدف غير الاستئثار بمخزون النفط والسيطرة على المنطقة لموقعها الاستراتيجي في الصراع من أجل كسب السباق للاستحواذ على مناطق النفوذ وتسهيل فرض اندماج الكيان الصهيوني في الشرق الأوسط وهيمنته عليه.

ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تمكنت من الإطاحة بنظام الحكم في العراق نظرا لتفاوت موازين القوى في ظل عجز العالم عن مواجهتها -عدى الاحتجاج الأوروبي الشكلي- وفي ظل تواطؤ الأنظمة العربية، فإن الشعب العراقي لم يستسلم للأمر الواقع واستمر في مقاومة المحتل مكذبا بذلك الدعاية القائلة بأن العراقيين سيستقبلون الغزاة بباقات الورود. وقد سجلت المقاومة في كل أنحاء العراق صورا تاريخية من الكفاح والصمود باتت الفلوجة رمزا من رموزها.

وفيما تتصاعد أعمال المقاومة في العراق تستمر الانتفاضة الفلسطينية رغم القمع الصهيوني المدعوم أمريكيا ورغم الصمت العربي الرسمي ورغم المناورات الجديدة من أجل تصفية القضية نهائيا بإلغاء حق العودة وتشريع الإستيطان الصهيوني وجدار الفصل العنصري.

أيها العمال،

إن المخطط الامبريالي لا يستهدف العراق وفلسطين فحسب بل يمتد إلى كل مناطق العالم والوطن العربي على الخصوص لاعتبارات استراتيجية واقتصادية خاصة به. لذلك يعمل قادة البيت الأبيض الأمريكي على جر الأنظمة العربية إلى تطبيق ما يسمى بـ "مشروع الشرق الأوسط الكبير" من أجل تحويل كامل الوطن العربي إلى محمية أمريكية مفتوحة لاندماج الكيان الصهيوني وتوسّعه في المنطقة. ويجري تسويق هذا المشروع تحت يافطة "ترسيخ الديمقراطية وحقوق الأنسان" و"إلحاق الشرق الأوسط بالعالم المتمدن".

والحقيقة أن هذا المشروع ليس سوى حلقة أخرى من المخطط الإستعماري الجديد الجاري تنفيذه في مسار النظام العالمي الجديد الخاضع كليا لحاجات وأغراض الامبريالية الأمريكية والاحتكارات الكبرى في العالم.

إن الشعوب العربية والجماهير الكادحة منها على وجه الخصوص لن تجني من هذا المخطط غير مزيد من الإذلال الوطني والقومي والتخلف السياسي والاجتماعي والفقر والبطالة والجهل والتفسخ الثقافي والأخلاقي والاستلاب الحضاري تماما كما كان الأمر جراء تنفيذ برامج الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية من قبل.

أيها العمال،

لقد أثبت النظام التونسي بالخصوص منذ انقلاب 7 نوفمبر أنه من أكثر الأنظمة العربية تهافتا على تطبيق الأوامر الأمريكية والامبريالية عامة والظهور بمظهر "التحديث" الكاذب من أجل ضمان بقائه في السلطة أطول أمد ممكن في الوقت الذي تشهد كل نتائج المدة التي قضاها في الحكم على أنه ألحق أبلغ الأضرار بالوطن والشعب اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وفكريا وثقافيا.

لم تعش تونس من قبل ما شهدته منذ 7 نوفمبر 87 من قمع وتعد على حقوق الإنسان كما لم يبلغ فيها الفقر والهامشية وكل مظاهر التحلل الاجتماعي والأخلاقي ما بلغه اليوم. وحتى ما تزعمه الدعاية الرسمية من معجزة اقتصادية نموذجية ليست سوى أكذوبة تنكشف كل يوم أكثر، ذلك أن الاقتصاد التونسي يمر بمصاعب كبيرة وهو مهدد بأزمة حادة مع اقترابنا من تطبيق التزامات تونس بميثاق المنظمة العالمية للتجارة واتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

أيها العمال،

إن الرصيد السلبي لتجربة أكثر من 17 سنة من الحكم لا تخوّل في الحقيقة لبن علي وحزبه العودة إلى الحكم مجددا في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المهزلة الجاري الإعداد لها الآن بقدر ما تفترض محاسبتهم على ما جنوه في حق الشعب والوطن من تجاوزات واستغلال النفوذ للإثراء الفاحش وتدمير مقومات المناعة الاقتصادية والثقافية والحضارية لبلادنا.

إن بقاء بن علي في الحكم واستمرار استحواذ حزبه على البرلمان وكل الهيئات التمثيلية والإدارية والإعلامية للدولة والمجتمع لن تجنوا منه غير مزيد من القمع والتعسف والإهانة والبطالة والفقر والحرمان والاستغلال والتجهيل والتفسخ وكل ضروب الأمراض الاجتماعية الأخرى علاوة على مزيد خضوع البلاد لإرادة الدوائر الامبريالية دولا ومؤسسات.

لذلك وحتى إن كان مآل الانتخابات القادمة معروفا من الآن فإنه يتعين علينا جميعا تجاوز حاجز الخوف والجرأة على الوقوف صفا واحدا ضد فريق الحكم وأعوانه من أحزاب كرطونية وجمعيات صورية وبيرقراطية نقابية ونخب انتهازية للدفاع عن حرمة الوطن وعن حقوقنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

إن النضال الجماعي والجماهيري هو وحده القادر على تحقيق المطالب وهزم آلة القمع وفتح الطريق نحو الحرية والتقدم.

حزب العمال الشيوعي التونسي

1 ماي 2004


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني