الصفحة الأساسية > البديل الوطني > بيـان
بمناسبة عيد العمال العالمي:
بيـان
1 أيار (مايو) 2008

الخميس، 1 ماي 2008

أيتها العاملات،

أيها العمال،

تحتفلون يوم غرة ماي، مع سائر شغيلة العالم، بالعيد العالمي للعمال، الذي يخلد نضالاتكم ضد رأس المال وتضحياتكم من أجل حقوقكم، ويذكركم بوحدة مصيركم خصوصا في الظروف الحالية التي يستمر فيها هجوم طبقات رأس المال غير المسبوق على الطبقات الكادحة والشعوب المضطهدة، مُسْتَغِلَّةً فشل التجارب الاشتراكية للقرن العشرين وتراجع الحركة العمالية وحركات التحرر الوطني، وهو ما جعل أوضاعكم شبيهة بالأوضاع التي جدّت فيها أحداث غرة ماي 1886 التي أودت بحياة عدد كبير من العمال في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية نتيجة قمع البرجوازية لاحتجاجاتهم على ظروف حياتهم ونضالهم من أجل تحسينها

وتستهدف طبقات رأس المال في هجومها حقوق العمال ومكتسباتهم سواء كان ذلك في البلدان الرأسمالية المتطورة أو في البلدان التابعة، الحق في الشغل وفي حياة كريمة وظروف عمل إنسانية. كما تستهدف حقوق الشعوب، بما في ذلك حقها في الاستقلال وفي السيادة على ثرواتها وخيراتها، محاولة إرجاعها بكل الطرق، بما في ذلك عن طريق الحروب المدمرة، كما هو الحال في يوغسلافيا سابقا والعراق وفلسطين وأفغانستان والصومال، إلى وضع البلدان المستعمرة والمحميات الاقتصادية والمالية الواقعة تحت سيطرتها التامة.

وفي ظل اختلال موازين القوى الراهنة لصالح البرجوازية الجشعة ووحوش الاحتكارات فإن الطبقة العاملة، قوة الإنتاج الرئيسية في النظام الرأسمالي الليبرالي المعولم، ستجد نفسها ولمدة أخرى عرضة لمزيد الاستغلال والقهر وهو ما يتطلب منها النهوض للمواجهة والنضال من أجل تحررها وانعتاقها وفتح آفاق جديدة لها ولكافة البشرية وهي تنهض فعلا وتتصدى في مختلف القارات للشركات الإمبريالية النهابة، كما تنهض الشعوب والأمم المقهورة في الوطن العربي (فلسطين والعراق ولبنان) وفي أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا حيث تسدد مقاومة الطبقة العاملة والشعوب ضربات قوية وموجعة للإمبريالية وعملائها.

أيتها العاملات،

أيها العمال،

إنكم تلاقون نفس المصير الذي يلاقيه بقية عاملات وعمال العالم وخصوصا في البلدان التابعة فأوضاعكم لا تختلف في شيء عن أوضاعهم إن لم تكن أسوأ أحيانا. فكما تلاحظون ما تنفك المؤسسات تغلَق أبوابها وتلقي المئات منكم في الشارع لتعزيز جيوش العاطلين الذين، في ظل انسداد آفاق التشغيل، يعيشون الهامشية والفقر ويحرمون من أية حماية مادية واجتماعية. وأشكال العمل الهشة (عمل وقتي، عمل بالعقود، مناولة..) تتوسع على حساب العمل القار. وتزداد ظروف العمل في المؤسسات ترديا والمقدرة الشرائية تدهورا. والخدمات الاجتماعية (صحة، تعليم، نقل...) طالتها الخوصصة وأصبح لا يقدر عليها إلا أصحاب الثروة... فيما يمعن نظام بن علي في مزيد الارتباط بالخارج والخضوع لإملاءات البلدان الكبرى وصناديق النهب، ويخوصص المؤسسات ويبيعها بأبخس الأثمان للرأسماليين الأجانب أو لحفنة من "العائلات" التونسية المتنفذة التي أثرت وتثري بطرق غير مشروعة مستَغِلة علاقاتها بقصر قرطاج ويستمر في الزيادة في أسعار مواد الاستهلاك الأساسية ويتعدى كل يوم أكثر على لقمة عيش الشعب ويعمق الفوارق الطبقية وبين الجهات.

أيتها العاملات،

أيها العمال،

ماذا جنيتم من 20 سنة من "العهد الجديد" غير الفقر والخصاصة والحرمان والبطالة والإحساس بالقهر والغبن؟ فأنتم محرومون من حرية النشاط النقابي داخل المؤسسات، ومن التضامن بعضكم مع بعض بعد أن ألغي سنة 1996 حق الإضراب التضامني، ومن حقكم في التعبير عن آرائكم ومن التنظيم السياسي والمشاركة في الحياة العامة وفي تقرير الخيارات الجوهرية للبلاد الداخلية والخارجية، ويجند نظام بن علي البوليس والشعب المهنية وأعوان الإدارة لقمع تحركاتكم وملاحقة العناصر الناشطة في صفوفكم، خصوصا أثناء الإضرابات والإعتصامات.

وما كان لأوضاعكم أن تبلغ هذا الحد من التدهور لولا تواطؤ القيادات البيروقراطية للاتحاد مع نظام بن علي، هذه القيادات التي زكت اختياراته الاقتصادية والاجتماعية (خوصصة، تحرير الأسعار، رفع الدعم عن المواد الأساسية، زيادة الضرائب، تحوير قانون الشغل...) وقيّدت العمال والأجراء بـ"مفاوضات اجتماعية" شكلية غالبا ما استغلها النظام للتعدي على مقدرتكم الشرائية وكانت دوما سندا للنظام في قمع الحريات العامة والفردية ودعم الحكم الفردي المطلق وتدمير المجتمع المدني وإعادة الرئاسة مدى الحياة رغم معارضة العديد من الإطارات النقابية لذلك.

ويزداد الوضع سوء اليوم بسعي رموز البيروقراطية النقابية إلى تلهية العمال والنقابيين بالصراعات الداخلية من أجل تأبيد هيمنتهم على الاتحاد وهم يحاولون بكل الطرق التراجع في أبرز قرار اتخذه مؤتمر جربة وثبته مؤتمر المنستير الأخير لتكريس الديمقراطية الداخلية وهو قرار الدورتين، مستعملين أتفه الأسباب لطرد النقابيين وإقصاء كل من يخالفهم الرأي بدلا من العناية بالملفات الأساسية والمطالب الملحة التي تهم المقدرة الشرائية وحق الشغل والحريات النقابية...

أيتها العاملات،

أيها العمال،

مصيركم بأيديكم فأنتم وحدكم القادرون على تحسين ظروف حياتكم والتخلص من قيود الاستغلال والقهر الرأسمالي ومن الاستبداد والظلم. إن الأعراف والحكومة ماضيان في الاعتداء على حقوقكم ومكتسباتكم وإذا لم تردوهما على أعقابهما فإنهما سيلحقان بكم مزيدا من الاستغلال والقمع والإهانة ولن يكون نصيبكم من اختياراتهما إلا مزيد الفقر والظلم والغبن.

إنكم في أشد الحاجة اليوم إلى الوحدة ولكن خاصة للجرأة والخروج من اللامبالاة والاستكانة للدفاع عن حقكم في الشغل والتصدي للطرد الجماعي وأشكال العمل الهش والمناولة وآفة البطالة. كما أنكم في أشد الحاجة إلى الدفاع عن مقدرتكم الشرائية والمطالبة بتحسينها بالرفع في أجوركم حتى تساير نسق ارتفاع الأسعار، وعن مكاسبكم الاجتماعية وظروف عملكم المهددة باستمرار.

ولكم في تجربة رفاقكم في الرديف وكافة مدن الحوض المنجمي المثال والأمل والدروس، لقد هبوا رغم كل المناورات والدعايات المضللة ورغم الحصار الإعلامي والبوليسي ليعلنوا رفضهم لواقع البطالة والفقر والمهانة وفرضوا حق الاحتجاج والتعبير والتظاهر مطالبين بحقهم وبحق أبنائهم في الشغل وبتحسين ظروف حياتهم وبتحرير الحياة السياسية والنقابية من هيمنة الحزب الحاكم وزبانيته ومن رموز الفساد البيروقراطي النقابي وفرضوا واقعا سياسيا واجتماعيا جديدا يفتح لهم أفقا واسعا لفرض إرادتهم ولاقتلاع تنازلات جدية لصالحهم ولصالح أبنائهم.

إن النضال وحده يبقى هو الحل من أجل تحقيق المطالب وحماية الحقوق والمكتسبات. وقد أظهرتم في العديد من القطاعات أنكم تنهضون من جديد للنضال عبر الإضرابات والإعتصامات، فلا تترددوا في تطوير هذه الحركة والنسج على منوال تجربة الحوض المنجمي فضلا عن مزيد التعريف بها ومساندتها والتنبه إلى كل محاولات السلطة والبيروقراطية النقابية لإجهاضها واجعلوا من التضامن بعضكم مع بعض ومع الفئات الشعبية الأخرى مبدأ قويا لا تنزاحون عنه فهو سرّ قوتكم ومفتاح نجاحكم وسنكون في حزب العمال كما كنا دوما إلى جانبكم.

عاشت نضالات العمال التونسيين

المجد لشهداء الحركة النقابية التونسية

المجد والنصر للشغيلة العالمية

المجد والنصر للمقاومة

تسقط الدكتاتورية

يسقط رأس المال والإمبريالية

ملاحظة

حزب العمال الشيوعي التونسي


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني