الصفحة الأساسية > البديل الوطني > تونس في المزاد
تونس في المزاد
9 كانون الثاني (يناير) 2010

في عام 1803 عرض الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون شراء 2.1 مليون كلم مربع من الأراضي الفرنسية شمال أمريكا على نابليون بونابارت مقابل 15 مليون دولار فما كان على هذا الأخير سوى الموافقة. وبهذا الثمن كسب توماس جيفرسون وأمريكا مساحة تفوق مساحة فرنسا ذاتها بأربعة أضعاف وتشمل اليوم 15 ولاية أهمّها لويزيانا والتي اشتقّ اسمها من الإمبراطور الفرنسي آل بوربون والعجيب أنّ العقد الموقع بين أمريكا وفرنسا شمل بالإضافة إلى الأرض هناك سكان نيواورليانز وقبائل الهنود الحمر وأسماك المسيسيبي وأيّ ثروة يمكن أن تُكتشف لاحقا.

خلال القرون التالية تكرّر هذا المثال كثيرا وفي السنوات الأخيرة من الألفية الثالثة أصبحت موضة فالأكراد في العراق يبيعون جبل من اليورانيوم يزن مائة وتسعون ألف طن والمالكي يبيع جزيرة الرصاص النفطية لإيران وفي تونس اليوم يطبق هذا المثال قطرة قطرة، فكل يوم نكتشف صدفة إمّا على الأنترنيت وطبعا في المواقع المحجوبة أو على الوثائق التي تتناثر صدفة أمامك أو على سبيل خطأ نجد أن ذلك النزل قد فرّط فيه مالكه لأجنبي أو تلك الشركة التي تعلن إفلاسها ليملكها أجنبي أو ذاك القطاع الذي تفرض عليه الدولة الخوصصة ليشارك فيه أجنبي وأخيرا بتنا نسمع أن تلك المساحة الشاسعة من منطقة كذا على ملك الدولة قد فرّطت فيها للخواص الذين بالضرورة أجانب مثل أكبر مشروع في تونس إلى حدّ الآن "سما دبي" والذي لم نرى منه سوى السماء فالمشروع وعد بفتح آفاق للمعطلين وتقليص نسبة البطالة إذ به لم يقلّص سوى مساحة تونس، وأخيرا وليس آخرا الجزر التي "يُدلّلُ" عليها في مزاد مفتوح على الأنترنيت والسعر ثمانية عشرة مليار دولار، وكان الشرف لجزيرة "قطعاية GATTAYA" جنوب البلاد قرب جزيرة جربة من محافظة مدنين أن تكون هي الأولى في هذا المزاد، والغريب هو أنه ليس للتونسي الحق في المشاركة بمثل هذا المزاد فهو لا يعرف عنه شيء حتى يوم تنتهي كلّ معاملات البيع فالإعلان عن مثل هذه الصفقات يتمّ في مواقع محجوبة على الأنترنيت في تونس والسعر المقترح بالدولار أي لا يمكن للتونسي يقطن داخل هذا الوطن أن يعلم ولا أن يشارك في هذه الصفقات، ويتقى المسألة قانونية دائما لأنه قد أعلن عن المزاد والخطأ هنا هو خطأ التونسي الغير مطّلع (حتى يضمن حقّ الشفعة).

صحيح أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثّرت كثيرا على الدول وخاصة دول العالم الثالث بطرق مختلفة ويمكن أن يكون هذا سبب للجوء إلى بيع الأرض لكن الخوف الكبير أن يكون عقد البيع يشمل كذلك سكان الولاية وسمك البحر وما سيكتشف من ثروات لاحقا.

تونس تباع علنا أمامنا ونحن لا نعرف ما هي المقاييس التي تتخذ في مثل هذه الحالات ففي حالة القبض على فرد من الشعب يتعاون مع قوى خارجية يقبض عليه بتهمة التجسس وإن كان من العسكريين فتكون التهمة الخيانة العظمى وعقابها الإعدام فماذا نسمى بيع هذه الأرض وفي أي قانون نصنّف هذه الجريمة في حقّ الشعب التونسي وفي حقّ الفلاقة والمناضلين الذين سالت دماءهم فداء لهذه الأرض ولهذا الوطن العزيز.

ملاحظ


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني