الصفحة الأساسية > البديل العربي > حتى لا يكون الانسحاب من غزة خدعة
حتى لا يكون الانسحاب من غزة خدعة
أيلول (سبتمبر) 2005

لا شك أن الانسحاب الإسرائيلي من غزة يمثل انتصارا للمقاومة في فلسطين. فلو أن غزة لم تتحول منذ احتلالها في جوان 1967 إلى بؤرة نضال تقض مضجع المحتل لما فكر الكيان الصهيوني ثم أقدم في نهاية الأمر على الانسحاب منها من جانب واحد.

ولكن هذا الانتصار لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يخفي بعض الحقائق. أولى هذه الحقائق أن غزة لم تتحرر نهائيا. فقضية المعابر وخاصة معبر "رفح" منفذ الفلسطينيين الوحيد للعالم الخارجي عبر مصر، لا تزال قائمة إذ أن حكومة الكيان الصهيوني تحاول مواصلة السيطرة على هذه المعابر.

كما أن غزة باقية برا وبحرا وجوا تحت المراقبة الإسرائيلية وهو ما يجعل منها كما يتردد في الشارع الفلسطيني "سجنا كبيرا" أو "سجنا اجتماعيا" لا منطقة محررة بما يعنيه التحرير من سيادة على البر والبحر والجو وبالتالي من حرية الحركة.

وثاني هذه الحقائق أن شارون يحاول توظيف الانسحاب من غزة والضجة الإعلامية التي تقام حوله والتي تقدمه على أنه "خطوة كبيرة" نحو "السلام" للتغطية على مشروعه الرامي إلى مزيد تهويد القدس ودعم الاستيطان في الضفة الغربية. وبهذه الصورة يصبح الانسحاب من غزة التي استحال عمليا وأمنيا على الكيان الصهيوني البقاء فيها، خدعة لقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية من الجانب الآخر لا مؤذنا بنهاية الاحتلال في "أراضي 1967" على الأقل التي أصبح يطالب بها الفلسطينيون ويقنعون بها مرحليا لإقامة دولتهم المستقلة.

وثالث هذه الحقائق أن اليمين الفلسطيني اللاهث وراء مصالحة مع الكيان الصهيوني بدعم ورعاية من الإدارة الأمريكية يحاول استخدام الانسحاب من غزة للتشكيك في خيار المقاومة وصوابيته وبالتالي السعي إلى افتكاك سلاح المقاومة وهو ما يخدم مصالح الكيان الصهيوني الذي يريد أن تقوم السلطة الفلسطينية بما عجز هو عن القيام به وهو السيطرة على غزة وتجريد المقاومة من سلاحها والحيلولة دون أن تتحول غزة إلى قاعدة لتحرير باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وخصوصا القدس الشرقية والضفة.

وما من شك في أن اليمين الفلسطيني يلقى في مسعاه هذا الدعم من الرجعية العربية وفي مقدمتها الرجعية المصرية التي تحاول بالتنسيق مع حكومة شارون، وبموافقة من الإدارة الأمريكية، أن تكون لها عين على غزة حتى لا يتسرب منها السلاح الذي تستعمله المقاومة ضد المحتل الصهيوني.

ورابع هذه الحقائق أن الأنظمة الرجعية العربية ومنها نظام بن علي ستحاول استغلال ذلك الانسحاب لتبرير التطبيع مع الكيان الصهيوني طمعا في مساعداته واسترضاء لإدارة بوش.

هذه هي الحقائق المهمة التي يوحي بها انسحاب حكومة شارون من غزة. ولا نخال الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية إلا واعيين بها. كما أنهما بينا في الماضي قدرتهما على إفشال كل المؤامرات التي تستهدف حقوقهما الوطنية، فنحن على يقين أنهما سيؤكدان ذلك بهذه المناسبة حتى يكون الانسحاب من غزة خطوة نحو التحرير الكامل لا خدعة إسرائيلية تدعم الاستيطان في القدس والضفة.

إن الواجب يقتضي منا في تونس أن ندعم باستمرار النضال الوطني الفلسطيني وأن نتصدى لأي تطبيع مع الكيان الصهيوني، خصوصا أن مجيء مجرم الحرب أرييل شارون إلى تونس وارد بعد الدعوة التي وجهها إليه بن علي لحضور قمة مجتمع المعلومات في منتصف شهر نوفمبر القادم، وهي زيارة تندرج بكل تأكيد في نطاق "العودة بالتطبيع إلى مجراه السابق" كما ورد في الصحافة الإسرائيلية عقب توجيه الدعوة إلى شارون.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني