الصفحة الأساسية > البديل الوطني > رسالة إلى صديق المتمدن
رسالة إلى صديق المتمدن
26 نيسان (أبريل) 2010

أهلا بالصّديق العزيز لطفي الهمامي،

لا أدري إذا كان أمر "قمع" حرية الاتصال والنشر والتبادل والإبحار... على شبكة الانترنت يعود إلى "اليوتوب" هذه المرة أو بسبب سياسة وقائية "وطنية" تستبق ما يمكن أن يروّج من "أخبار زائفة" وغير ذلك... زمن طرف "شرذمة ضالّة" وغير ذلك... تحترف "الاستقواء بالأجنبي وغير ذلك..."... ربما بسبب انتخابات بلدية أو غير ذلك... أو مواعيد ما أو غير ذلك...

بصراحة لا أريد أن أضيّع وقتي في التعليق على هذه الحكايات واحدة واحدة. ثمّة أدب كامل يتعلق بالروايات البوليسية والأفلام البوليسية وغير ذلك

يمكن فقط أن أتذكر في هذا الصدد أن وسائل الاتصال والتواصل وكذلك كل ما يتعلق بالمعلومات والمعلوماتية والبحث والنشر والانترنت... كانت موضوع إيطوبيات كبرى جاء بها الفلاسفة والأدباء والعلماء أخيرا ولا بأس من عدم استعرض هذا الأمر الآن فأنا لا أريد الوعظ.

في الحقيقة، لا شيء ممّا يحدث يمكن أن يمتّ بصلة إلى المصلحة العامة أو الرأي العام أو الشأن العام أو الحاجة العامة وبصراحة أيضا لا أريد أن أتكلم بأكثر عمق عن أمور لا علاقة لها بتدبير المشترك الذي ينفع الناس ببناء المحلّى في أفق كوكبي أو التفكير كوكبيا والنضال محليا أو أو أو، بمعني أن كل الأطروحات والفرضيات لا تزعجني شخصيا طالما تقطع مع الحبال الهارية والمتهرّية التي هي نفسها قيود مستنزِفة ولكنها هشة ومترجرجة طالما لا معنى لها ولا جدوى منها فقط لأنها تضحك الأطفال.

أظنك تذكر غراندريس كارل ماركس حينما يتحدث عن المَكَنَات ومجتمع العلم وتكنولوجيا إبداع الذكاء وتوزيعه وتعميمه... عندما يفكر في العمل الحي والعقل العام والمشترك... بالمبدأ وبالنتيجة، دون ذكر تفاصيل بؤس الكتابة والنشر وتفاهة المكتوب والمنشور، تعلّمت أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يقطعني عن الحياة في هذا العالم هو عجزي عن الكتابة...هذا لن يحدث لن يحدث.

يشير أحد الجغرافيين الفرنسيين إلى أن بلادنا بلاد، كما يحلو له أن يقول، (...) قاصدا النساء وكرة القدم والمهرجانات. أوافقه على المستويين الثانيين وأختلف في الأول الذي أعوّضة بالغلق والحجز والحجب والمراقبة والتجسس والحصار والطوارئ... وليختر ما يناسبه.

لقد فكرت في عريضة دولية إحتجاجا على قطع الاتصال بمؤسسة الحوار المتمدن من تونس ولكن في ما يفيد الأمر ياترى؟ خاصة وهو لا يذكّرني إلا بلغو وبلادة الجامعة العربية وغيرها بما في ذلك، بل قبلا، المنتظمات والمنظمات العالمية...؟

أنا مثلك مثلنا جميعا لنا علاقة وحيدة بالغرب هي كُتّابُه أي أصدقاؤنا بالمنى العام والشخصي كذلك، هذا هو الغرب ولا شيء آخر وفي ماعدا ذلك تخلف ورعب قائم على إيروطيقا بل بورنوغرافيا وستريبتيز القتل وتدمير الحياة بكاملها، إذ من يحكم العالم وكيف؟؟

الحوار المتمدن، وللتاريخ كنتَ أوّل من نبّهني إليها في باريس، وكانت في ذلك الوقت أظن أيام العدوان على لبنان (2006) محجوبة من تونس. ها أني أعود إلى النقطة الصفر وتظل الحوار المتمدن موقعا حرا وتطوعيا ومستقلا ومناضلا. هذا هو بالذات ما نريده.

ولكن العودة إلى نقطة البداية لا تغير شيئا. سنظل ننشر في المؤسسة التي أسسها مناضلون، والتي نعترف بها ولا نعترف بغيرها والتي تحترمنا ولا نحترم غيرها.

إنه لشرف لنا أن ننشر جنبا إلى جنب سعدي يوسف وأدونيس وغادة وأنسي وأحلام وغيرهم من أعزائنا في المروج ...
إلى جانب كل التلوينات اليسارية في المنطقة المناضلة من الكون...

شرف المساواة والنضال المشترك والمقاومة النظيفة والمنصفة ...

أليست الأولى في العالم الناطق بالعربية... ألا تتفوق على كل المواقع والجرائد؟؟

ألسنا نكتب بعيدا عن كلّ أنواع الفساد التي يخلفها المقابل المادي المشبوه من مصادره إلى مرتزقته؟

ثم كم نحن الذين ننشر في الحوار المتمدن من تونس أنا وأنت ونفر أو اثنان أو ثلاثة لا أدري تحديدا؟

هل كنت أحلم بعدد زوار لموقعي الفرعي بالحوار المتمدن واللذين ناهز عددهم المائة و50 ألف إلى حد الآن.

أنت تعلم عن موقع الجامعة التونسية الآن في العالم حسب آخر الإحصائيات...

وتعرف وضعية النشر وحاله كمّا وكيفا...

لا مكان لنا في العالم ولن يكون...

إلا ببعض المجهود الفكري ربّما...

إني أعلم انه لا مفر لهذه الأنظمة الأمنية الدكتاتورية، التي يساندها أعداء الفكر الجمهوري من الداخل والخارج على تدمير نفسها، لا مفرّ لها من المشترك ومن الجمهور...

إن... "فكرة الشيوعية"... هي فكرة الكتابة أي الحياة الحيّة...

هل يوجد عندنا كتاب أصلا بالمعني الذي نتبناه في الحوار المتمدن؟

أليس العَلم الأحمر والأبيض مع باقي ألوان الطيف يرفرف في قنوات الدعارة المموّلة؟

هل هنّ كاتبات؟

لماذا لا يتمّ حجبها الآن فورا؟

كم العالم متمدّن فعلا، وكِتابه في مؤخرته...

شكرا صديقي العزيز على تعاطفك النبيل

نلتقي

صلاح الداودي،
تونس،
الأسبوع الأخير من أفريل 2010.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني