الصفحة الأساسية > البديل الوطني > سيّارة الإسعاف... سيّارة الموت
سيّارة الإسعاف... سيّارة الموت
14 أيار (مايو) 2009

يوم السبت التاسع من شهر ماي وحوالي السّاعة السّابعة مساء حلّت الفاجعة بأهالي بلدة "تاكلسة" إثر حادث مرور مروّع أودى بحياة ثلاثة من أبنائها كلّهم يسكنون نفس الحيّ (سيدي عيسى). الحادث وقع بالقرب من المدخل الجنوبي لمدينة "سليمان" على بعد حوالي كيلومترين فقط من مناطق العمران فسيّارة الإسعاف التي من المفترض أن تأتي من أقرب مستشفى (المستشفى المحلّي بسليمان) لا يتعدّى زمن وصولها العشر دقائق ولكن للأسف الشّديد لم يصل أعوان الحماية المدنيّة إلى مكان الحادث إلاّ بعد ساعة ونصف السّاعة وسط استياء وسخط المواطنين الذين هبّوا لنجدة المصابين ولم تقف المأساة عند هذا الحدّ فسيّارة الحماية المدنيّة تعطّّلت لأنها تعرّضت بدورها لحادث مرور وهي في طريقها إلى المستشفى وكان لا بدّ من الانتظار حوالي نصف ساعة لتأتي سيّارة إسعاف أخرى زمن كاف ليغادر "كمال" الحياة في عقده الرّابع تاركا وراءه ابنه "نضال" في سنّه الرّابعة، ولترحل "حياة" إلى الأبد تاركة ابنيها "حلمي" و"أحمد" أحدهما لا يزال في حالة خطيرة بالمستشفى أمّا "توفيق" الذي رحل وهو في ربيع العمر تاركا لوعة كبيرة، فمنذ أسبوع فقط أقام حفل خطبته، أكّد شهود عيان أنّه ظلّ على قيد الحياة ودماؤه تنزف إلى حين وصول "المسعفين" ولم ينج من هذا الحادث الأليم سوى "رمزي" الذي لا يزال في المستشفى بعد إصابته بعدّة كسور خطيرة.

وتجدر الإشارة أنّ عدد متساكني "تاكلسة" يبلغ حوالي ثلاثين ألف نسمة ليس لهم مستشفى ولا قسم استعجالي ولا حتّى سيّارة إسعاف كلّ ما لديهم مستوصف بائس يفتقر لأبسط المرافق الطبيّة يتردّد عليه طبيب (طبّ عام) ثلاث مرّات في الأسبوع مع العلم أنّ هذه البلدة قد أنجبت لتونس عشرات الأطبّاء الأكفاء.

في هذه اللحظة أشعر أنّني بلدتي الصّغيرة التي إلتحفت سواد الحزن، أننّي وجع أهلي الطيّبين ، أنّني جراحهم التي لا تندمل.

رحم اللّه "حياة" و "كمال" و"توفيق" ورزق ذويهم مزيدا من الصبر والسلوان.

ابنكم نجيب البكّوشي من باريس


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني