الصفحة الأساسية > البديل الوطني > ضحية أخرى للبطالة والتهميش
التشغيل استحقاق يا عصابة السراق:
ضحية أخرى للبطالة والتهميش
18 كانون الأول (ديسمبر) 2010

شهدت مدينة سيدي بوزيد حدثا استثنائيا تمثل في إضرام الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه أمام مقر الولاية صبيحة يوم 17-12-2010.
محمد البوعزيزي شاب تونسي في مقتبل العمر فبعد وفاة والده اضطر للعمل كبائع متجول بسبب رفض السلط تمكينه من عمل يكفل له ولإخوته الثمانية العيش الكريم، ومع تزايد المضايقات لمنعه من كسب قوته واحتجاجا على تعرضه للعنف اللفظي والمادي من قبل عون التراتيب الذي هاجمه بتعلة عدم قانونية هذا النشاط، توجه محمد إلى مقر الولاية طمعا منه في إنصافه من قبل المسؤولين ولكنه استقبل بأبواب موصدة وكلمات عمقت جرحه، فلطالما سمعنا عن قدسية القوانين ولكن لماذا تغافل عون التراتيب عن "كرتش" الذي ينتصب وسط الطريق الرئيسي ويلقى دعما من السلط الجهوية لنشاطاته المشبوهة (مخدرات، خمور، الخ.) ولا تقع محاسبته بل يلقى التأييد وحتى الترويج لبضاعته. وأمام كل هذه الظروف لم يجد هذا الشاب حلا لوضعيته التي تكاد تكون مشابهة لآلاف من شباب الجهة المحرومين إلا أن يضرم النار في نفسه فسقط شهيدا أمام أعين المواطنين الذين احتشدوا بالآلاف أمام مقر الولاية منادين بالثأر لهذا الشاب وتعالت الحناجر هاتفة بحق الشغل لشباب الجهة المحروم في حين تنهب أقلية خيرات البلاد.

ونادوا "التشغيل استحقاق يا عصابة السراق"

إن حادثة الشاب محمد ليست بحالة معزولة عن الواقع الاجتماعي لمدينة سيدي بوزيد فهي تعيش الخصاصة والحرمان وتفوق نسبة البطالة فيها 40 بالمائة خاصة في صفوف حاملي الشهائد العليا وهي كبقية المدن الداخلية تعيش التمييز في التنمية ففي حين تنعم المدن الساحلية بالتنمية والاستثمار فإن المدن الداخلية لا تحصل إلا على أقل من 10 بالمائة تماشيا مع قاعدة "خليهم يجروا ورى الخبزة ويسيّبونا ننهبوا".

ولكن أثبتت الساحة الاجتماعية في السنوات الأخيرة أن أهالي هذه المناطق ليست معزولة عن الواقع السياسي فقد أثبتت معظم الاحتجاجات (الحوض المنجمي، الصخيرة، جبنيانة، بن قردان) أن مواطني يجدون في هذه الأحداث متنفسا للتعبير عن سخطهم على النظام الحاكم وعلى خياراته اللاوطنية وعن تمسكهم بمطالبهم رغم قناعتهم أن التغيير لن يأتي في ضل هذا الحكم الفردي.

إن المتتبع لهذه الأحداث يفهم جيدا أن لا حركة سياسية بدون حركة اجتماعية فاعلة وعليه فإن كل الأطراف أحزابا ديمقراطية وجمعيات مدعوة اليوم إلى تنسيق الجهود من أجل خوض معركة مشتركة وتحمّل المسؤوليات في قيادة حركة اجتماعية مناضلة وواعية بأهدافها من أجل بناء حراك شعبي يساهم في تطوير الحياة السياسية وخوض صراع حقيقي ضد السلطة الحاكمة يشارك فيه عامة الشعب دفاعا عن كرامتهم ومن أجل بديل ديمقراطي وشعبي.

الإمضاء
نضال


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني