الصفحة الأساسية > البديل الوطني > عام على المجزرة
الحوض المنجمي:
عام على المجزرة
7 حزيران (يونيو) 2009

لم يجد النظام النوفمبري سبيلا لإخماد صوت انتفاضة الحوض المنجمي التي استمرت أشهرا دفاعا عن حق الشغل والتنمية العادلة سوى المرور إلى تشغيل أكثر أجهزته القمعية ثقلا وبطشا. إذ أقدمت فيالق من جيش البرّ على اقتحام بلدة "الرديف" الصامدة والمبادرة بإطلاق الرصاص الحيّ صبيحة 5 جوان 2008 على التجمعات والإعتصامات السلمية لمئات الشبان ببلدة "الرديف" كان نتيجتها استشهاد الحفناوي المغزاوي (26 سنة) إضافة إلى سقوط عشرات الجرحى إصابات البعض منهم بليغة. ولعل وفاة عبد الخالق عميدي (27 سنة) بعد أشهر متأثرا بجراحه خير دليل على قولنا. ومثلما هو معلوم شرعت عصابات البوليس وعلى الأخص البوليس السياسي في حملات تنكيل واسعة ضد الأهالي في الرديف وأم العرائس والمظيلة (اعتقالات واسعة، نهب ممتلكات، إذلال في الشوارع، إلخ.) وفي تحدّي صارخ لدعوات الرأي العام الوطني والعالمي أمعن نظام الحكم في نهج القوّة الغاشمة منقادا بهدف وحيد لا يتجاوز فرض صمت القبور وتطويق الحريق الاجتماعي الذي تسرّبت آنذاك شظايا لهبه إلى الجارة "القصرين". وفي كلمة سخّرت السلطة كل إمكانياتها للتنكيل بالأبرياء في منطقة الحوض المنجمي وتحديدا "الرديف" وفعلت ما لم تفعله السلطة الاستعمارية زمن الاحتلال المباشر حتى أن الكثيرين من الأهالي والمتابعين للأوضاع ربطوا بين جرائم الكيان الصهيوني وما مارسته عصابات الإرهاب والعنف الهمجي بمنطقة الحوض المنجمي.

والحقيقة إن مثل هذا الربط ليس بالأمر الاعتباطي فتطويق المدن المنجمية تم أسابيع قبل 5 جوان وتدرّج إلى حدّ الحصار الشامل والعزل التام لمدن بكاملها بعد إطلاق الرصاص كما إن حملات الترويع للأهالي في الشوارع والبيوت تمّت بمجموعات بوليسية سرية توافدت ضمن تعزيزات أمنية عبثت بالممتلكات (تخريب، سرقة...) والأجساد دون أدنى ضوابط قانونية وأخلاقية (مهاجمة المقاهي، اقتحام البيوت، تفريق الجنائز...).

ومن نافلة القول إن هجوم السلطة الكاسح لكسر شوكة الحركة الاجتماعية تم على مراحل مختلفة وبوسائل متعدّدة. فالبداية مثلما هو معروف كانت بإقحام المؤسسة العسكرية لتصفية الحساب مع الحركة الاحتجاجية المطلبية في بادرة هي الأولى في 1984.

وبعدها شن حملة اعتقالات واسعة مسّت العشرات بل المئات من الشبان غير المعروفين بأفكارهم النقابية أو السياسية والزج بهم في السجون بتهم ملفقة ومستنسخة هدفت إلى تشويه الحركة الاحتجاجية حاضرا ومستقبلا (سكر، تشويش في الطريق العام و...).

ثم تطورت بعد قضم الحركة من الأسفل وإفقادها طاقتها النضالية الميدانية إلى إيقاف أغلب الفاعلين في الحركة والزج بالعديد من أنصارها في قضايا كيدية انتهى جل المحالين فيها إلى معايشة محاكمات جائرة داست أبسط حقوق المتقاضين ولسان الدفاع على حدّ السواء ولعلّ حيثيات جلسة ما عرف بمجموعة الوفاق الجنائي تعبير مكثف عن السقوط المريع للقضاء التونسي الذي يتستر على جرائم التعذيب رغم الأدلة الصارخة وحرم المحالين أمامه وحتى لسان دفاعهم من الكلام وأصدر أحكاما وصلت حدّ العشر سنوات في الطور الابتدائي ضد البعض. واليوم وبعد مرور سنة على المجازر الفظيعة التي مورست ضد أهالينا بـ"الرديف" وسواها يجدر بنا الوعي باستمرار معاناة الصامدين والصامدات فالحصار البوليسي بما يرافقه من إهانات واستفزازات مستمر بل وفي تزايد مع اقتراب يوم 5 جوان والمساجين ليسوا فقط وراء القضبان وإنما تم إبعادهم إلى سجون قصيّة (مدنين، رجيم معتوق، قابس، صفاقس، بوزيد...) إضافة إلى عودة العربدة البوليسية والتعديات الجسدية والمعنوية على المناضلين والمناضلات في قفصة دون أن ننسى عودة الإيقافات والمحاكمات بالرديف ممّا يحتم على كل القوى الديمقراطية رصّ الصفوف وتوحيدها من أجل:
- الإسراع بإطلاق سراح عدنان ورفاقه وإيقاف القمع ضد الملاحقين.
- محاسبة مرتكبي مجزرة 5 جوان والواقفين ورائها مهما علت مسؤولياتهم في جهاز السلطة.
- محاسبة الجلادين وممارسي العنف وعلى الأخص الرباعي التالي: سامي اليحياوي (مدير إقليم أمن قفصة)، محمد اليوسفي (رئيس فرقة الإرشاد بقفصة)، فاكر فيالة (رئيس منطقة شرطة قفصة) وبلقاسم الرابحي (رئيس الفرقة الثانية المختصة بقفصة).

الحوض المنجمي في 05 جوان 2009


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني