الصفحة الأساسية > البديل النقابي > غلق مؤسسة فاعتصام فمواجهة مع البوليس
غلق مؤسسة فاعتصام فمواجهة مع البوليس
11 آب (أغسطس) 2007

غلق مؤسسة = تجويع العمال => اعتصام => تدخل البوليس => اعتداء على العمال = عدم احترام الحرية النقابية

تعرض يوم أمس الجمعة 10 أوت 2007 عمال وعاملات شركة كلودال مودال للنسيج، بضاحية الزهراء جنوب العاصمة تونس، المعتصمين بمقر الشركة إلى الاعتداء الوحشي من قبل أعوان البوليس يقودهم رئيس مركز شرطة الزهراء استجابة لطلب السيدة سندس المكي التي تتولى تسيير المعمل منذ اختفاء صاحبه الأصلي الإسباني الجنسية وبموافقة متفقد الشغل المحلي برادس.

كلودال مودال هو اسم شركة نسيج إسبانية تنشط بتونس منذ سنوات عدة وتشغل 150 عاملة وعامل اختفى صاحبها الإسباني الجنسية فجأة شهر مارس الماضي وتعطل نشاطها ووجد العمال أنفسهم في حالة بطالة قسرية، وبالتالي مدفوعين للاعتصام بمقرها دفاعا على حقوقهم المادية والمهنية، وبعد شهر من الاعتصام تم قطع الماء والكهرباء عن المقر خلال شهر أفريل الماضي ودخلت "المعركة" طورا جديدا.

وقد علم العمال والعاملات بأن عضو الاتحاد الجهوي المدعو نجيب الرزقي عقد بمقر ولاية بن عروس جلسة تفاوض مع المسيرة سندس المكي، والتي لا تتمتع بأية صفة قانونية ولا تعدو أن تكون رئيسة فريق عمل (cheftaine de chaîne) دون علم ولا مشاركة النقابة الأساسية وهو الأمر الذي أثار استياءهم فتحولوا إلى مقر التحاد الجهوي مطالبين بتمكينهم من فحوى المحادثات ونتائجها. غير أن رفض عضو الاتحاد الجهوي مدّهم بالإعلام حول وضعيتهم شكل منطلقا للتوتر في علاقتهم بالاتحاد الجهوي الذي بات يعتبرهم "نقابة متنطعة" وخاصة الكاتبة العامة السيدة البكوشي نظرا للشعارات التي رفعوها ضد العضو نجيب الرزقي متهمين إياه ببيع ملفهم.

لذلك قرروا الاستمرار في الاعتصام بمقر الشركة وصرفت لهم منحة وقتية من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لشهري ماي وجوان 2007. وفيما كانوا ينتظرون منحة شهر جويلية علموا أن اتفاقا حصل يقضي بعودتهم للعمل ابتداء من بداية شهر أوت الجاري، وتبيّن لهم أن هذا الاتفاق الممضى هو الآخر بين عضو الاتحاد الجهوي نجيب الرزقي ومتفقد الشغل برادس السيد عمار الهوش دون علم النقابة الأساسية (على خلفية أنها نقابة متنطعة ينبغي إذن إزاحتها رغم وضعها القانوني وصفتها الرسمية كممثل عن منخرطيها ورغم أنها زادت في عدد منخرطيها في شهر أفريل الماضي غير آبهة بظروف الأزمة) سيكون مرتكزا لطرد البعض منهم بما أنه ينص على الاستغناء عن البعض وقبول البعض كمنتدبين جدد وبصفة وقتية وعلى قاعدة عقود شغل جديدة.

ولعل ما أثار غضب العاملات والعمال هو انه لم يتسنى لهم الاطلاع على هذا الاتفاق الذي أضحى رسميا وملزما لهم إلا عن طريق السيدة سندس المكي وليس عن طريق الاتحاد الجهوي ولا عن طريق عضوه المكلف بالملف الذي أمضى على الاتفاق، أي بما يعني أن في الأمر شيء يدعو للريبة والشك.

لذلك تمسك العمال والعاملات بعدم القبول بهذا الاتفاق الذي غيب ممثلهم الشرعي المباشر النقابة الأساسية وتحصنوا بمقر العمل مانعين دخول الشاحنات وتشغيل آلات المعمل ريثما يحصل اتفاق جديد بمشاركة النقابة الأساسية يضمن عدم الاستغناء عن بعضهم وعدم عودتهم للعمل كمنتدبين جدد أي باحتساب أقدميتهم مع تمكينهم من أجور الأشهر التي قضوها معتصمين وخاصة شهر جويلية المنصرم.

وبما أنهم منعوا إحدى الشاحنات الواردة عن المصنع فقد تدخلت فرقة من البوليس بقيادة رئيس مركز الشرطة بالزهراء لجبرهم على فك الاعتصام وإخلاء السبيل أمام الشاحنات رغم أن وفدا من العمال كان قبل يوم من ذلك اتصل بمنطقة الأمن بكل من حمام الأنف وبن عروس وعرضوا عليهما الوضعية ولقوا هناك اعترافا لهم بحقهم في التصرف كذلك.

وقد كان واضحا من تدخل رئيس مركز الشرطة أن المستهدف الأول من ذلك هو الكاتبة العامة للنقابة الأساسية أولا وبعض العضوات الأخريات ثانيا، إذ تم الاعتداء عليها ضربا وركلا بالأرجل أرضا مما تسبب لها في رضوض في رأسها واستوجب نقلها إلى المستشفى الجهوي ببن عروس والاحتفاظ بها تحت المراقبة الطبية طيلة مساء الجمعة 10 أوت الجاري.

ويبدو أن هذا التحرك دفع بالسلط وخاصة والي الجهة الذي طلب من العمال العودة فورا للعمل على أن تعقد جلسة يوم الثلاثاء القادم بمقر الولاية وبحضور النقابة الأساسية لعقد اتفاق جديد يوفر حلا معقولا ومقبولا من جميع الأطراف.

السؤال الذي يتبادر للأذهان هو لماذا يقع بعث نقابات بالمؤسسات ثم يقع إقصاؤها من التفاوض في ملفاتها التي تخصها هي قبل غيرها؟ وهل إذا كانت نقابة ما على خلاف مع تشكيلة الاتحاد الجهوي أو عضو منها أو كاتبها العام يقع التشفي منها بتحريض متفقد الشغل ضدها وأعوان البوليس ليقع تأديب "المتنطعين" من هذه النقابة ؟ هذا على فرض أن هذه النقابة لها خلاف مع الاتحاد الجهوي وهو ما ليس بواقع الحال؟ ثم هل يقع الانتقام من نقابة ومنخرطيها أي 150 عامل وعاملة لأنهم رفعوا شعارات ضد عضو الاتحاد الجهوي بمثل هذه الطريقة؟ وفي الأخير هل بات لزاما على النقابات أن تناضل ضد الأعراف وضد كبار المسؤولين في الاتحاد معا ؟

أسئلة كثيرة أصبح الكثير من النقابيين يطرحها ويحتار في الإجابة عنها حقا لأن كثير من الأمور قد اختلطت إلى حد مريب ومفجع.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني