الصفحة الأساسية > البديل الوطني > في تونس الشعب لا يتظاهر، إنه ينتفض
في تونس الشعب لا يتظاهر، إنه ينتفض
13 كانون الثاني (يناير) 2011

كل تونس تشتعل، الأحداث تتسارع على أقصى سرعة وعلى نحو يفاجئ الجميع حتى وإن كان بعضنا تكهن بها، الاحتجاجات لا ترتخي بل تتصاعد، إشكال جديدة من المقاومة،إضرابات جهوية بقيادة النقابيين المتجذرين، أحياء العاصمة تدخل المعركة، الرصاص يدوي، شهداء جدد في شمال وجنوب البلاد، مظاهرة في صفاقس لم نرى مثيلا لها من قبل ، شائعات حول اغتيالات وإقالات داخل الجيش، العاصمة في حالة سياج أمني، تعنيف للصحفيين والفنانين الذين حاولوا التظاهر، الإيقافات تتواصل ومنها اختطاف زعيم حزب العمال، ارتباك داخل السلطة، قرارات وإعلانات متناقضة، ليلة الطرابلسي في حالة فرار، الماطري وعائلته التحقوا بكندا تحسبا من غضب الشعب ثم يتم استقبالهم من قبل الجالية التونسية بالشتائم.

اليوم ننبهر بالشعب التونسي، بشجاعته وتضحياته ووعيه، كل الأطياف السياسية وكل الّذين لا شأن لهم بالسياسة يشهدون له بذلك. شعارات حاسمة، سياسية، تزعزع أسس النظام وتتساقط عليه كالقنابل. الرعب يسكن قصر قرطاج هذه الليلة. كيف نفسر أن الثكنات أفرغت من الجيش وأن أعصاب السلطة لم تعد تتحمل مظاهرة لثلة من الفنانين. كل جمرة تتحول إلى لهيب. لذلك أُعلنت حالة الطوارئ.

الجماهير تجاوزت كل مطالبة بالتفاوض وبالحوار مع بن علي. شعار واحد يدوي في كل أرجاء البلاد كالرعد: "بن علي على برّ" أي ليرحل بن على. وحتى المدن التي لم يتوفر لها إلى حدّ الآن شرف الدخول في المعركة شراينها تخفق على وقع وصدى هذا الرعد.

نحن نقول بكل وضوح أن كل من ينتهج اليوم سياسة مدّ اليد لبن علي تحت دعاوي المصلحة الوطنية سيساعده على الخروج من أزمته، ولن تكون هذه السياسة إلا إحباط لاندفاع الجماهير وامتصاص غضبها ولن تكون نتائجها إلا ضرب مصلحة الجماهير في الحرية والتخلص نهائيا من الديكتاتورية. من يمد يده لبن علي، يمد يده لدولة اللصوص والقتلة والعمالة. من يمد يده لبن علي لا يسعى إلى إنقاض تونس وإنما إلى إنقاض الديكتاتورية التي هي على وشك الانهيار. الجماهير تصيح "وزارة الداخلية وزارة إرهابية" "تونس حرة حرة وبن علي على بّر" ، فلتسقط هذه الوزارة ولتسقط هذه الديكتاتورية.

لا للوفاق الوطني مع بن علي ولا "لحكومة إنقاض وطني"، فذلك ليس إلا إنقاض لدولة الإرهاب.

نعم لحكومة وطنية ثورية تظم كل أطراف المعارضة الجذرية والديمقراطية، كل المنظمات الجماهيرية والنقابية والحقوقية، تظم كل ممثلي المجتمع المدني، بل المجتمع الثوري. نعم لانتخابات حرّة وتحت إشراف ورقابة الشعب المنتفض، انتخابات لا تنتظر سنة 2014. تنبثق عن هذه الانتخابات جمعية تأسيسية ثورية تحل كل مؤسسات الإرهاب وفي مقدمتها وزارة الداخلية، تسرح كل عملاء دولة الديكتاتورية وتضع الجيش الوطني تحت إمرتها. فليس لشعب التونسي أن يركع أمام المؤسسة العسكرية،بل على الجيش أن يستجيب لإرادة الشعب، أن يحمي هذه الإرادة أن يصون سيادة الشعب لا سيادة الطرابلسية والماطرية وآل بن علي ومصالح الدوائر الإمبريالية.

وإرادة الشعب التونسي اليوم واضحة لا غبار عليها!

حكومة وطنية ثورية وانتخابات حرة تعبّر عن إرادة الشعب وجمعية تأسيسية أي برلمان جديد ذلك هو السبيل الوحيد الذي يُخرج تونس من دائرة التخلف والاستبداد ويُدخلها ديمقراطية الشعوب.

غسان الماجري


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني