الصفحة الأساسية > البديل النقابي > مؤتمر تحت الحصار واعتداءات وحشيّة على النقابيّين يوم الافتتاح
المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل:
مؤتمر تحت الحصار واعتداءات وحشيّة على النقابيّين يوم الافتتاح
14 كانون الأول (ديسمبر) 2006

افتتح صبيحة هذا اليوم الخميس 14 ديسمبر 2006 المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل في جوّ متوتر للغاية بسبب الحصار الأمني المضروب على نزل سقانص-المرادي بجهة المنستير، الذي يحتضن المؤتمر، والاعتداءات الوحشيّة التي تعرّض لها العشرات من النقابيّين الذين جاؤوا من قطاعات وجهات مختلفة، ليتابعوا كما جرت العادة أشغال مؤتمر اتحادهم أو ليدافعوا عن حظوظهم كمرشحين للمكتب التنفيذي باعتبارهم لم يتمكنوا لسبب أو لآخر من الحصول على نيابة. وقد حجز البعض منهم غرفا في نزل بالجهة واكتفى البعض الآخر بالتنقل بسيّاراتهم على أمل العودة إلى منزله في المساء.

منع فتجمّع

حوالي التاسعة صباحا، توجّه العشرات من النقابيّين غير المؤتمرين إلى النزل الذي ينعقد فيه المؤتمر، فوجدوا أمامهم قوّة كبيرة من البوليس السّياسي منعتهم من الوصول إليه. فما كان من هؤلاء إلا أن تجمّعوا في الطريق ورفعوا شعارات احتجاجيّة خصوصا بعد أن اعتدى البوليس على السيد الحبيب بسباس الكاتب العام السابق لجامعة البنوك والمرشح لعضويّة المكتب التنفيذي والسيد شكيب دحدوح (نقابي من قطاع البنوك)، وما أن وصل الخبر إلى قاعة المؤتمر حتى عمّ الاستنكار داخل المؤتمرين فمنعوا عبد السلام جراد الأمين العام المتخلي من إلقاء كلمته لمدّة عشرين دقيقة وكانوا يرفعون الشعارات وخاصّة "رفع الحصار واجب ... طرد البوليس واجب" ولم يتمكن جراد من إلقاء كلمته إلا بصعوبة. ولمّا جاء دور رئيس إتحاد الصناعة والتجارة الهادي الجيلاني لإلقاء كلمته كضيف قابله المؤتمرون بعاصفة من الاحتجاج، كما لاقى رئيس إتحاد الفلاحين المبروك البحري نفس الاستقبال، ولم تجد تدخلات عبد السلام جراد لتهدئة الأجواء نفعا. وفي هذا الجوّ المشحون نادى العشرات من النواب بمقاطعة المؤتمر، وخرج حوالي المائة منهم من النزل للالتحاق بالنقابيين المحاصرين، الذين كانوا يرفعون شعار "حركتنا مستمرّة و البوليس على برّه"

اعتداءات فضيعة

وظلّ الحال على هذه الوتيرة إلى حدود الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر، ففي هذه الساعة بالذات خرج من النزل عدد كبير من أعوان البوليس السّياسي وهاجموا النقابيين المتجمّعين بالطريق واعتدوا عليهم بالعنف وخرّبوا سيّارات البعض منهم وقد نقل السيد خميّس سقرة، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي بتونس، إلى مستشفى سوسة قصد الإسعاف نتيجة الاعتداء عليه، كما تمّ الاعتداء على السيد حمّادي بن ميم (التعليم الثانوي) المترشح لعضوية المكتب التنفيذي، وعبد اللـّه قرّام الكاتب العام السابق لجامعة المالية، و محمّد بن عمّار (نقابي-تونس المدينة) وقد تضرّرت أذنه اليمنى ونزفت دما، والأخضر عمارة (نقابي من قطاع الفلاحة بتونس). ولم تتوقف اعتداءات البوليس عند هذا الحدّ، فما أن عاد النقابيّون إلى النزل الذي اكتروا فيه غرفا حتى فوجئوا بأدباشهم ملقاة أمام الغرف، وطلب منهم المسؤولون مغادرة النزل. وفي نفس الوقت، كان أعوان البوليس السياسي ينتصبون بالطرق المؤدّية إلى المنستير ليمنعوا النقابيّين الوافدين من الجهة أو من جهات أخرى من الوصول إلى مكان انعقاد المؤتمر.

عبد السلام جراد هو المسؤول

يؤكد النقابيّون المتضرّرون أنّ البوليس السّياسي ما كان ليهاجمهم عند الواحدة والنصف بعد الظهر دون إذن من عبد السلام جراد، الأمين العام المتخلي والمترشح لنفس الخطة في المؤتمر، وهم يفسرون سلوكه هذا بتخوّفه وتخوّف السلطة من حدوث مفاجآت في المؤتمر رغم كل التلاعبات التي تمّت قبل المؤتمر لضمان استمرار سيطرة جراد وبطانته على الاتحاد. لذلك حضر البوليس السياسي بكثافة داخل النزل لمراقبة تحرّكات المؤتمرين ولمنع النقابيّين من غير النواب من متابعة الأشغال والاتصال بالمؤتمرين والنقاش معهم وكذلك منع المترشحين للمكتب التنفيذي من غير النوّاب وجلهم من المناضلات والمناضلين المعروفين باستقلاليّتهم عن السلطة وتفانيهم في الدفاع على مصالح الشغالين من القيام بحملتهم الانتخابيّة لتقليص حظوظهم في النجاح. وممّا يؤكد تورّط عبد السلام جراد في ما حصل هو أنّ أحد المترشحات للمكتب التنفيذي وهي السيّدة نعيمة مسلم خاطبته هاتفيّا يوم الأربعاء ليلا لتعلمه أن البوليس السّياسي منعها من دخول مدينة المنستير فردّ عليها قائلا:"آش جابك لهنا، تبّعي المؤتمر من دارك".

لجنة من النوّاب لمتابعة القضيّة

أمّا داخل قاعة المؤتمر، فقد تشكلت تحت ضغط النواب لجنة اتصلت برئيس المؤتمر ورفعت إليه جملة من المطالب منها رفع الحصار الأمني عن النزل وعدم منع النقابيّين الوافدين على جهة المنستير من السكن وتمكين المرشحين للمكتب التنفيذي على الأقلّ من دخول النزل ومتابعة أشغال المؤتمر. وإلى حدود مساء هذا اليوم، لم تطرأ تطورات جديدة عدا كون البوليس السّياسي تراجع إلى الخلف لينتصب أمام النزل ويواصل منع النقابيّين من الدخول. وقد التحق بهم عدد من النواب لمساندتهم وللتعبير عن استنكارهم لما يحصل.

وما من شك في أن هذه الممارسات الفاشستيّة لنظام بن علي تكشف عن الأزمة التي يتخبط فيها، فلم يعد له من وسيلة للتعاطي مع مشاكل البلاد غير القبضة الأمنيّة، فقد منع انعقاد مؤتمر الرّابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان بالقوّة الغاشمة، ونظم انقلابا على جمعيّة القضاة وعلى جمعيّة المحامين الشبّان، وهو يحاول اليوم بكلّ الوسائل، وبتواطؤ من عبد السلام جراد وبطانته، مواصلة السيطرة على الاتحاد العام التونسي للشغل الذي بيّن مناضلاته ومناضلوه بمن فيهم أعضاء في الهيئة الإداريّة وكتاب عامّون لاتحادات جهويّة رغبتهم في الاستقلاليّة وفي الدفاع عن مصالح الشغالين والتضامن مع قوى المجتمع المدني من أجل الحرّيّة والديمقراطيّة.

فهل يؤكد نواب المؤتمر 21 هذا الاتجاه الاستقلالي والكفاحي ويفسدوا حسابات بن علي وجراد؟ ذلك ما ستكشف عنه الأيّام المتبقية من عمر المؤتمر.

ملاحظة

مناورة خسيسة

قبل المؤتمر، أعلمت قيادة إتحاد الشغل رئيس الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان أنه سيكون، وبعض رؤساء الجمعيّات الأخرى، ضيوفا على المؤتمر ولكن دون أن يكون له الحق في أخذ الكلمة. وقبل الأستاذ مختار الطريفي الأمر وسافر صبيحة اليوم إلى المنستير، وهناك وزّع كلمة مكتوبة على النوّاب وعاد إلى تونس العاصمة. ولمّا تيقن عبد السّلام جراد من هذه العودة تظاهر بمناداته لإلقاء كلمة فأعلمه أعوانه أنه غير موجود، وبهذه الصّورة تصبح المسؤوليّة مسؤوليّة رئيس الرابطة "المتغيّب" وليس مسؤوليّة جراد الذي حرمه من الكلام إلى نوّاب المؤتمر.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني