الصفحة الأساسية > البديل العربي > محرقة صهيونية في غزّة
فلسطين المحتلة :
محرقة صهيونية في غزّة
2 آذار (مارس) 2008

تسارعت في الأيام القليلة الماضية وتائر العدوان الصهيوني على غزّة ووصل هذا التصعيد أبعادا خطيرة تُنذر بكارثة حقيقية بالقطاع. فقد تجاوز عدد الشهداء منذ يوم الأربعاء الفارط المائة، من بينهم 39 طفل وأكثر من نصفهم من المدنيين العُزّل.

ومثلما هو معلوم فإنّ حرب الإبادة الجماعية تتمّ بوسائل وأساليب متعدّدة فيها الحصار الاقتصادي وفيها الاحتياجات لقنص رجالات المقاومة أيّا كانت تنظيماتهم السياسية وفيها القصف الجوّي الأعمى لتدمير ما تبقّى من منشئات إقتصادية واجتماعية وقتل الشيوخ نساء ورجالا والإجهاز على الأطفال بما فيهم الرضّع في سنّ 5 أشهر.

كلّ هذا يتمّ تحت دعاوي مقاومة سقوط صواريخ المقاومة على بعض البلدات الاسرائيلية، وأكثر من ذلك فإنّ نائب وزير الحرب الصهيوني يجد الجرأة الكافية ليس فقط لتبرير ما يحصل وإنّما التهديد بصوت عالي "بمحرقة حقيقية للفلسطينيين" على حدّ تعبيره صبيحة الجمعة 29 فيفري 2008.

تحدث هذه الجرائم بكلّ فظاعاتها الانسانية والأخلاقية أمام مرأى ومسمع الجميع فلا ما يسمّى الشرعية الدولية وكلّ مؤسساتها تحرّكت ولا النظام العربي الرسمي تململ ولا حتّى الرأي الدولي والعربي نشّط فعاليات مناهضته لهذه الحرب العدوانية القذرة.

وأخطر من ذلك فإنّ الإدارة الأمريكية لم تعد تجد أدنى حرج في المجاهرة بتزكيتها مثل هذه الجرائم ولم يعد واردا في قاموسها حتّى الدعوة المغشوشة إلى "ضبط النفس" و"مراعاة المدنيين" مثلما تعوّدنا سابقا سماعه. فأثناء زيارة "رايس" إلى طوكيو يوم 28 فيفري 2008 وبعد لقائها مع رئيس حكومة الإحتلال الصهيوني وأثناء ندوة صحفية سُئلت عمّا إذا كانت طلبت من "أولمرت" العدول عن استخدام القوّة المفرطة إمتنعت الوزيرة عن الإجابة بشكل مباشر قائلة : "على حماس أن توقف صواريخها" وأضافت "أنا حزينة لمقتل المستوطن الاسرائيلي"!!

بطبيعة الحال مثل هذا الموقف ليس بالجديد في جوهره على راعية الدولة الصهيونية ولعلّ صفاقته هذه المرّة متصلة أولا: بدرجة الوهن المفزع للأنظمة العربية العميلة وسقوطه المريع في ظلّ المتغيرات الدولية والاقليمية المتسارعة، وثانيا: بحالة الانقسام الحادّ للساحة الفلسطينية ووصول أحد أطراف الاستقطاب الثنائي حدّ التحريض العلني على القضاء على المقاومة مرّة بدعوى أنّ "حماس" جلبت القاعدة إلى غزّة وفق تصريح "عبّاس" مؤخرا، ومرّة أخرى بدعوى تواصل إطلاق صواريخ المقاومة، وثالثا: بمحدودية فعل الشعوب العربية ضدّ هذه المجازر وانغماس قواها الوطنية والتقدّمية في قضاياها وهمومها الاقليمية الضيّقة، ورابعا: في ضعف التضامن الأممي وتشتت اهتماماته وقواه في قضايا وبؤر توتّر ساخنة كثيرة يشهدها عالم اليوم.

والحقيقة أنّ استمرار العدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني وخصوصا بقطاع غزّة وإمكانات اتساعه في الأيّام القريبة القادمة يجعل من أوكد الواجبات على جميع القوى المعادية للإمبريالية والصهيونية في العالم إعادة رصّ صفوفها وإعلاء صوتها مجدّدا في وجه الإبادة الجماعية نصرة للحقّ الفلسطيني في الحياة والمقاومة والتحرير. كما أنّ مجريات الأوضاع تحتّم في نظرنا على الشعوب العربية وقواها المناضلة إعادة ترتيب أجنداتها السياسية بما يضمن الربط الجدلي الثوري والمتماسك من جهة بين مجمل مسارات النضال القومية والقطرية، ومن جهة أخرى بين السياقات المختلفة لميادين العمل السياسية والإجتماعية والوطنية المعادية للهيمنة الإمبريالية الصهيونية وأدواتهما المحلّية. وبصفة ملموسة متّصلة ببلادنا، وتحديدا بالقوى الوطنية على مختلف أحزابها ومنظّماتها الأهلية، فنحن نرى وجوبية تعديل أوتارها بما يضمن إعادة تنشيط الروابط القومية لجماهير شعبنا ومقاومة الأضرار الفادحة التي ألحقها نظام بن علي بها. وهو أمر لن يتحقق دون العمل الجماعي المشترك تحت سقف مبادرات وأنشطة عملية تستهدف خلق تيار شعبي واسع أكثر ما أمكن من أجل:

1- إعلاء صوت شعبنا ضدّ المجازر المرتكبة في حقّ أشقائنا الفلسطينيين.

2- مقاومة مسار التطبيع الذي سار ويسير عليه النظام.

3- التصدّي النشيط لكبح جماح السلطة الهادف لمزيد إلحاق بلادنا بالقوى والدوائر الامبريالية بما فيها الرّاعي الأول والأكبر للكيان الصهيوني: الولايات المتحدة الأمريكية.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني