الصفحة الأساسية > البديل العربي > مشاريع للنهب والتدمير والإذلال
المشاريع الإمبريالية في الشرق الأوسط:
مشاريع للنهب والتدمير والإذلال
8 حزيران (يونيو) 2007

نص الورقة التي قدّمها الرفيق حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم "حزب العمال الشيوعي التونسي" في ندوة اسطنبول حول مقاومة الشعوب للهيمنة الامبريالية على الشرق الأوسط، 9 و10 جوان 2007.

يمثل الشرق الأوسط، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وحلف فرسوفيا في بداية تسعينات القرن الماضي، إحدى أسخن نقاط العالم. فمن ناحية ما انفكت كبريات الدول والمجموعات الامبريالية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، تركّز هجومها على هذه المنطقة، ومن ناحية أخرى تجري هناك الصراعات الأشدّ ضدّ الامبريالية. مواجهة لا يعني تطوُّرُها كما مآلُها الشعوب والقوى الثورية والمناهضة للامبريالية بالمنطقة فحسب ولكن يعني أيضا الشعوب والثوريين والقوى المحبّة للحريّة والسلام في العالم قاطبة. ومن هذه الزاوية فإن تنظيم هذه الندوة الأممية يكتسي أهمية بالغة. ولا يمكن إلاّ أن تثني على هذه المبادرة ونتوجّه بالشكر إلى الرفاق الأتراك.

صراع على إعادة اقتسام مناطق النفوذ

إنّ سقوط الاتحاد السوفياتي وتفكيك قواعده العسكرية في الشرق الأوسط، والحضور الباهت لوريثه، روسيا، في هذه المنطقة، لم يتسبب بأي وجه في تهدئة الصراعات الجارية داخل الصف الامبريالي للسيطرة على هذه المنطقة بل بالعكس زادت الصراعات ضراوة. وهي تتنزّل في إطار السباق من أجل اقتسام مناطق النفوذ سواء في المنطقة المذكورة أو غيرها من أصقاع العالم، غداة اختلال توازن القوى الناجم عن سقوط القوة العظمى الأخرى.

وإذا كان الشرق الأوسط، أو لنقل "الشرق الأوسط الكبير"، حسب العبارة التي تستخدمها الإدارة الأمريكية في مشروعها الذي يحمل اسم "مشروع الشرق الأوسط الكبير" للدلالة على المنطقة الممتدة من المغرب إلى أفغانستان وباكستان، يثير اهتماما كبيرا فلأنه ينتج حاليا ثلث (3/1) الإنتاج العالمي من النفط ويملك ثلثي (3/2) المخزون العالمي من هذه المادة الإستراتجية، وخلال السنوات العشرين القادمة، وخاصّة مع تزايد حاجيات القوى الاقتصادية الجديدة، وتحديدا الصين والهند، سيرتفع الطلب بنسبة 40%، سيما والبحث عن حقول نفطية أخرى خارج منطقة الشرق الأوسط، وعن مصادر طاقة بديلة، لم يؤدي إلى نتيجة هامة حتى الآن، مما يضاعف من أهمية المنطقة عند البلدان الكبرى المتطوّرة. ناهيك أنه خلال العقدين القادمين سيمرّ نصيب الشرق الأوسط من إنتاج النفط العالمي إلى الثلثين (3/2) بعد ما كان الثلث (3/1). إن السيطرة على هذه المنطقة هي بمثابة السيطرة على العالم، خاصّة إذا راعينا أهميتها الإستراتيجية كما التجاريّة.

الإمبريالية الأمريكية في صدارة السباق

ألقت الامبريالية الأمريكية بكامل ثقلها، العسكري والاقتصادي والسياسي في هذا الصراع على إعادة اقتسام منطقة الشرق الأوسط. ووجدت في 11 سبتمبر 2001 تعلّة، خاصة بعد وصول بوش إلى البيت الأبيض وسيطرة ا لمحافظين الجدد على مراكز القرار، لتسريع وتيرة المسار الذي كان بدأ بعد منذ عشر سنوات (1991) ولم يكن لجميع المشاريع التي أعدتها الامبريالية الأمريكية للمنطقة مهما كانت الأسماء التي حملتها ("مبادرة الشراكة الشرق أوسطية"، 2002 "مشروع الشرق الأوسط الكبير"، 2003 و"الشرق الأوسط الجديد"، 2006) والأهداف التي زعمت أنها تخدمها (نشر الديمقراطية، التصدي لامتلاك السلاح النووي، وأسلحة الدمار الشامل، مكافحة الإرهاب...) سوى غاية واحدة ووحيدة وهي بسط نفوذها على المنطقة، وتعزيز سيطرتها على العالم، وتحجيم دور منافساتها من الدول الكبيرة والتجمعات الامبريالية، ذات الحاجة،جزئيا أو كليا، إلى نفط الشرق الأوسط. والأمر يتعلّق بالاتحاد الأوروبي، واليابان، والصين، والهند. ووضع اليد على بترول المنطقة يعني التحكم، بقدر ما، في نسق التطور الاقتصادي لهذه البلدان.

والامبريالية الأمريكية تستخدم كافة الوسائل، وبالأخص القوة العسكرية، لتحقيق أهدافها. وإذا كانت الولايات المتحدة قد اتخذت سنة 1991 من غزو العراق للكويت ذريعة، كي تهاجم العراق وتضمن حضورا عسكريا مديدا في المنطقة، فإنها ، غداة سبتمبر 2001، اكتست شراسة وصلفا مضاعفين، وتنصلت من كافة قواعد القانون الدولي، وبلورت أطروحات عسكرية جديدة من طراز فاشي، مثل أطروحة "الحرب الوقائية" و"الحق في السبق في استعمال السلاح النووي" و"محور الشر" و"الدول المارقة"... التي تبيح لها حريّة التدخل متى وحيث تريد وبالطريقة التي تختار، وشنت عدوانها على العراق بمعيّة حليفتها بريطانيا العظمى رغم معارضة "الأمم المتحدة" واستنكار الشعوب.

شرق أوسط تحت الرقابة

واليوم بات الشرق الأوسط بكامله تقريبا تحت الرقابة العسكرية الأمريكية، وأفغانستان والعراق محتلتين، وشعوبها تواجه حروبا من أشرس وأفتك ما عرف تاريخ الإنسانية. وفي فلسطين تشن دولة إسرائيل الصهيونية، رأس جسر الامبريالية الأمريكية والغربية عامة في المنطقة، حربا وحشية متواصلة ضد الشعب الفلسطيني وتغتصب أرضه وتهوّدها. ولم تحمل اتفاقية أسلو لشعوب المنطقة لا سلاما ولا أمنا. وفي صائفة 2006 هاجمت هذه الدولة ذات الطبيعة النازية لبنان بدعم عسكري وغطاء دبلوماسي من الولايات المتحدة الأمريكية. ويبقى هذا البلد دائما تحت طائلة عدوان جديد وحرب أهلية هيأ تربتها الامبرياليون الأمريكيون والفرنسيون والصهاينة والرجعيّة اللبنانية وبعض الأنظمة الرجعية العربية (السعودية، مصر، الأردن...).

وغير بعيد عن بلدان الخليج، تحتل أثيوبيا الصومال بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، أما السودان فلم يكد يخرج من حرب الجنوب حتى وجد نفسه غارقا في مشكلة دارفور حيث أمريكان وصينيون يتنازعون بقوى وسيطة على الثروات النفطية المتواجدة في باطن هذه المنطقة. ويقيم الامبرياليون الأمريكان قواعد عسكرية واسعة النطاق ببلدان الخليج في كل من البحرين والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وهذه القواعد لا تسمح لهم بوضع البلدان المعنية تحت وصايتها فحسب ولكن أيضا بتهديد جميع بلدان المنطقة. وهم يتمتعون بتسهيلات عسكرية في الأردن ومصر واليمن وجيبوتي، وفي تركيا، عضو الحلف الأطلسي يقيمون قاعدة "أنجرليك" العسكريّة.

وفي شمال إفريقيا يتزايد حضورهم يوما بعد يوم، وقد حصلوا بعد على تسهيلات عسكرية،خاصة في المغرب. والحديث يتواتر بإلحاح عن تركيزهم مركز قيادة في المنطقة من شأنه تسهيل المراقبة الأمريكية لبلدان جنوب الصحراء الإفريقية.

وتتعرّض سوريا وإيران للتهديد المتزايد،الأولى بتهمة "دعم الإرهاب" والثانية بتهمة "السعي لامتلاك القنبلة النووية". والولايات المتحدة ما انفكت تحرّض مجلس الأمن ضد إيران وتنسج التحالفات في المنطقة وتحشد ترسانتها العسكرية في الأماكن القريبة لتأمين عدوان محتمل.

وإذا كان تغيير النظام في سوريا يمكنها من طمأنة إسرائيل ومراقبة الحدود العراقية، فإن سقوط النظام الإيراني يُتيح لها خاصة أن تستحوذ على ثروات إيران الطبيعية، وعلى نفطه بدرجة أولى. والتخلّص من قوّة إقليمية ناشئة، قد تعرّض مصالحها ومصالح توابعها للخطر.

مصالح احتكارية ضخمة

وتقف وراء هذه الاعتداءات العسكرية أو بالأحرى وراء كل هذه البربرية، المصالح الاحتكارية للولايات المتحدة أو للدول الرأسمالية الكبيرة الأخرى. ويكفي تقديم بعض المعطيات. فالشركات البترولية الأمريكية حازت على نفط العراق (الذي كان ملكا للدولة) بمقتضى عقد يدوم 30 سنة. ومن عام 2003 إلى 2006 ارتفعت مرابيح الاحتكارات البترولية العاملة في المنطقة من12% إلى 160%. وقد غنمت هذه الاحتكارات من الارتفاع المشهود الذي عرفته أسعار النفط. وفي نفس السياق حطّمت شركة "إكسون موبيل" ما بين 2003 و2006 جميع الأرقام القياسية إذ تضاعفت عائداتها من 21،5 مليار دولار إلى 40 مليار دولار. أما "شال- شِفرون" فقد قفزت عائداتها في المدّة نفسها من 15 إلى 30 مليار دولار وينبغي تسجيل أن جزءا كبيرا من الريع النفطي الذي يدخل خزينة البلدان المعنيّة يعود إلى الولايات المتحدة أو إلى غيرها من البلدان الامبريالية، سواء في شكل استثمارات أو لتسديد فاتورة السلع المستوردة وخاصة منها المعدات العسكرية باهظة الثمن التي لا تصلح للتصدي لأعداء الوطن أو حمايته بل لقمع الشعوب وتهديد الأنظمة بعضها بعضا. وقد تضاعفت المبادلات التجارية بين الولايات المتحدة وبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الفترة الممتدة من 2003 إلى 2006.

وتصارع بلدان الإتحاد الأوروبي، واليابان وأيضا الصين وروسيا لنيل نصيبها من أسواق هذه المنطقة. غير أن الولايات المتحدة تحافظ على هيمنتها التي لم تشهد سوى تناميها خلال السنوات الـ 15 الأخيرة.

اضطهاد الشعوب

إن شعوب المنطقة هي جميعا ضحيّة الهيمنة الامبريالية والصهيونية. والمستهدف هو استقلالها وحريتها وسيادتها على ثرواتها الوطنية، وثقافتها وحضارتها وهويتها القومية، وحقها في الحياة وفي السلام. ولقد سعى الامبرياليون في الآونة الأخيرة إلى تطوير النظريات الأشدّ عنصرية إزاء شعوب المنطقة، وأشهر تلك النظريات ما يسمى بـ"صدام الحضارات" التي تقدّم صورة شيطانية للإسلام والمسلمين وتخلط بين هؤلاء وبين الإرهاب والبربرية من أجل إيجاد ذريعة لارتكاب المجازر ضدهم لبسط الهيمنة عليهم. إن الامبريالية، وكما فسّرها لينين، لا تعني في علاقتها بالشعوب سوى الاستعباد والنهب.

ولقد تغيّرت في سنوات معدودات، ملامح "الشرق الأوسط الكبير". بلدان أضحت مستعمرات وشبه مستعمرات وتابعة. أما من ظل منها متشبثا بقدر من الاستقلال فقد وضع على القائمة السوداء وبات تحت طائلة العدوان. إنها العودة إلى عهد سالف،عهد الاستعمار المباشر . وهذا التحول يجعل المسألة الوطنية ذات طابع ملح في هذه المنطقة . فهي المسألة التي عليها مدار بقية المسائل كلها، وطرحها يكتسي راهنيّة كبيرة خاصّة في البلدان المحتلّة. ولا تقدّم ينتظر هذه البلدان خارج تمتعها بحق تقرير مصيرها وحوزها على استقلالها.

غير أن شعوب الشرق الأوسط "الكبير" لا تعاني من الاضطهاد الوطني فحسب بل كذلك من الاستبداد السياسي الذي تمارسه نظم متخلّفة وعميلة تحكمها. هذه الأنظمة وبعضها ما زال يحمل بعض سمات حكم مطلق إقطاعي، تحرم شعوبها أبسط حقوقها السياسية، وسواء أكانت أنظمة ملكية أو جمهورية،فإن الأوتوقراطية هي الجامع بينها. والرئاسة مدى الحياة والتوريث باتا من عادات النظم التي تسمي نفسها جمهورية. وهناك حيث ثمّة تداول مزعوم كما هي الحال في تركيا فإن الجنرالات هم الذين يمسكون بخيوط اللعبة.

وفي البلدان المحتلّة، كما هو شأن العراق، وفلسطين، وأفغانستان، فإن الديمقراطية الأمريكية أو الإسرائيلية باتت مرادفا للبربرية والتقتيل اليومي للمدنيين والتعذيب الجماعي والسجن... ويمثل سجنا غوانتانامو وأبو غريب رمزي هذه الديمقراطية.

ويشكل الاضطهاد الاجتماعي في أعتى مظاهره قرين هذا الاضطهاد الوطني والسياسي. فإن ثروات بلدان الشرق الأوسط مجمّعة بين أيدي الإحتكارات الأجنبية من ناحية والأقليات المافيوزية المحليّة من ناحية أخرى. وتبين كافة التقارير الأممية (انظر مثلا تقرير الأمم المتحد حول التنمية البشرية في البلدان العربية 2003) أن النسب المتعلّقة بالتنمية البشرية في مجالات التعليم والشغل والثقافة وحقوق النساء والأقليات هي من أدنى النسب في العالم. وتعيش شعوب البلدان المحتلّة، كالعراق وفلسطين وأفغانستان أو الصومال عيشة البؤس المطلق. أما البلدان التابعة كمصر والمغرب وتونس والأردن واليمن وتركيا فإن السياسات النيوليبرالية التي فرضتها الدول الامبريالية وأدواتها العالمية(صندوق النقد الدولي البنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية...) قد فاقمت فيها البطالة والتهميش والفاقة والجهل وتردّي الخدمات الاجتماعية، الخ. ومعنى ذلك أن الامبريالية لم تكن تعني قطّ ولن تعني أبدا الازدهار والتقدّم للشعوب، بل هي مرادف للنهب والبؤس.

إن المسألة الوطنية في بلدان الشرق الأوسط تتشابك مع مسألة أخرى تخصّ الأقليات القومية والعرقية والثقافية والدينية. وهي مسألة لا يخلو منها بلد تقريبا، إن هذه الأقليات تعاني إلى جانب الاضطهاد الامبريالي من الاضطهاد الذي تسلّطه عليها النظم القائمة.والامبريالية تستخدم مسألة الأقليات لتقسّم وتثير الحروب والفتن الطائفية.ففي العراق مثلا ركّز المحتلون نظاما قائما على المحاصصة الطائفية.وهم يسعون ،بتواطؤ سعودي أردني ، إلى إثارة فتنة عامة بين السنة والشيعة في المنطقة لمواجهة إيران، وفي صائفة 2006 أفتى أئمة سعوديون بعدم جواز مساندة حزب الله في تصديه للعدوان الصهيوني لأنه شيعي.

إن المسألة الوطنية في الشرق الأوسط تتداخل، نتيجة لكل ذلك، مع المسألة الديمقراطية والاجتماعية، كما مع مسألة الأقليات، لكنها تبقى أي المسألة الوطنية – مسألة مركزيّة. ولذا فالصراع ضدّ الهيمنة الامبريالية وعملائها، والذي يشمل الصراع ضدّ الصهيونية، هو الذي يوجّه عملية التحرير في المنطقة، دون أن يعني ذلك عدم مراعاة خصوصيات كل بلد على حدة، ففي البلدان التابعة مثلا تقع المواجهة مباشرة مع أنظمة الاستبداد والعمالة وحل المسألة الوطنية يمرّ عبر التخلّص من هذه الأنظمة وهو ما يعطي النضال من أجل الحرّيات والديمقراطية مكانة بارزة. مهما يكن من أمر فالمهم أن لا يقع تجاهل المسألة الوطنية باسم أولويّة النضال الديمقراطي وهو ما يقود إلى مواقف خاطئة وأحيانا فظيعة كتلك التي تهادن الامبريالية الأمريكية أو تنخرط في مشاريعها باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان كما أنه من المهم أن لا يقع تجاهل النضال من أجل التصدّي "للخطر الخارجي" وهو مايقود أيضا إلى مواقف خاطئة كتلك التي تهادن أنظمة الاستبداد وتتواطأ معها.

الشعوب تقاوم في سبيل كرامتها

الاضطهاد الامبريالي الذي تعاني منه شعوب المنطقة وأقلياتها دفعها إلى الصمود في وجهه. وتشهد العراق وأفغانستان وفلسطين والصومال مقاومة مسلّحة تنمو وتتسع.وقد أصبحت المقارنة بين المستنقع العراقي والمستنقع الفيتنامي أمرا شائعا اليوم حتى في الولايات المتحدة وعلى ألسنة كبار المسؤولين. وفي لبنان كبّدت المقاومة خلال الصائفة الماضية المعتدي الصهيوني فشلا غير محسوب. وفي تركيا لم يتخلّ الأكراد عن النضال من أجل حقوقهم الوطنية. وإلى جانب هذه المقاومة المسلّحة. ما انفكّت تتطوّر في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حركات احتجاج اجتماعي وسياسي. وفي بعض البلدان، مثل الجزائر، قامت خلال السنوات الأخيرة حركات جماهيريّة واسعة للسكان البربر المطالبين بحقوقهم الثقافية والاجتماعيّة.

إن القمع السياسي والتفقير الاقتصادي والاجتماعي والإذلال القومي هي العوامل الرئيسية التي تحمل الشعوب على التمرّد لكن حركات المقاومة والاحتجاج السياسي والاجتماعي هذه رغم أهميتها فهي تشكو من نقاط ضعف ونقائص كثيرة في مقدّمتها أن هذه الحركات، وباستثناء العراق ولبنان وفلسطين، ما تزال دون متطلبات النضال ضدّ الهيمنة الامبريالية. وفي بلدان عديدة تعاني الحركة العمالية والشعبية من تخلّف سياسي كبير وهو ما يسمح لأنظمة العمالة والفساد بالمضي قدما في بيع أوطانهم لشركات الدول الأجنبية وهدر خيراتها ورهن مستقبلها.وثانيا فإن العنصر المهيمن في أغلب الحالات سواء في مستوى حركات المقاومة المسلّحة أو على مستوى الحركات السياسية والاجتماعية هو العنصر الديني،أي التيارات الأصولية الممتدة من حركة الإخوان المسلمين إلى السلفية الجهادية. ورغم كون بعض هذه الحركات يساهم في إضعاف المحتل الامبريالي أو الصهيوني وعملائه فإن ذلك لا يمنعنا من أن نسوق بعض الملاحظات.

إن هيمنة التيارات السياسية الدينية على حركات المقاومة لا يساعد على توحيد الحركة الوطنية المناهضة للاحتلال على قاعدة برنامج وطني يتجاوز الاختلافات الدينية والعرقية. فهذه التيارات قائمة على الأساس الطائفي، فضلا عن كونها تعطي الصراع ضد الامبريالية طابعا دينيا (إسلام ضدّ مسيحية أو يهودية) مما يضعفه ويضعف أبعاده الأممية ويحدّ من نطاق التضامن معه.

وعلى صعيد آخر لا تملك هذه التيارات مشروعا مجتمعيا مقنعا من شانه أن يستجيب لتطلعات الشعوب ومتطلبات العصر. فهي حركات تخلط بين الاحتلال ومكاسب الإنسانية في مضمار الحريّة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدّم العلمي والثقافي. إن تطلّع شعوب المنطقة نحو الاستقلال الوطني لا ينفصل على تطلعها نحو التمتع بجميع هذه المكاسب. والدولة الدينية أو الطائفية هي دولة عصر قد ولّى فعصرنا ليس عصر أئمّة يحكمون بشرعتهم، وإنما هو عصر الشعوب التي تريد أن تحكم نفسها بنفسها وفقا لما تمليه عليها مصالحها.

وفي البلدان التابعة تشكّل الحركات السياسية الدينية في الغالب جزءا من الأنظمة القائمة، وإذا كان هناك أحيانا بعض الخلافات حول بعض المسائل ذات الصبغة السياسية والثقافية فإن هذه الحركات تدافع عن النظام الاجتماعي الاقتصادي نفسه. فبرنامجها هو برنامج النيوليبرالية. وهي لا تضع موضع المراجعة التبعية والاستغلال الامبريالي، بل تسعى إلى التلاؤم مع مختلف الخطط النيوليبرالية الامبريالية.

إن ضعف الحركات الثورية اليسارية الحاملة لمشاريع تحرر وطني واجتماعي وإقامة دولة ديمقراطية على أساس مبدأ المواطنة، أي دولة علمانية ، واقع يحسّ بشكل درامي في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن فهذه الحركات كان بإمكانها أن تعطي النضال ضدّ الهيمنة الامبريالية أبعادا فكريّة واجتماعية وسياسية والإنسانيّة، أسلم وأعمق وتربطه بالتحرر التام من كافّة أشكال الاستبداد والاستغلال والتبعيّة وتصله بحركة التحرر العالمي من نير الرأسمالية والامبريالية .

غير أنّ القوى المناهضة للامبريالية مدعوّة جميعها إلى مساندة حركات المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان وفي أفغانستان والصومال وفي كل مكان يشهد فصلا من فصول المعركة ضدّ الامبريالية مهما كانت طبيعة قياداتها. إنّ قيادة هذه الحركة أو تلك أمر يهم الشعب المعني، فهي إفراز لتاريخه وخصائصه الوطنيّة، ودرجة تطوره الاجتماعي والثقافي وتجربته السياسية، ولا يمكن أن يكون وجود قيادة دينية على رأس حركة مقاومة أو فصائل دينية تسهم فيها ذريعة لعدم مساندتها علما وأن الامبريالية تستخدم هذا العامل لتشويه حركات المقاومة وتبرير الاحتلال ونفي حق الشعوب المعنيّة في تقرير المصير.

عدوّ واحد، مصير واحد

تواجه شعوب المنطقة عدواّ مشتركا يتمثّل في الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتّحدة، وفي الصهيونية والأنظمة الرجعيّة الحاكمة.وخلاص هذه الشعوب يكمن في نضالها المشترك ضدّ هذا العدو. والاحتكام إلى العوامل القومية والعرقيّة والدينية سواء كان ذلك داخل الوطن الواحد أو ما بين شعوب المنطقة من شأنه أن يشتت صفوفها لا غير. والمصالح المشتركة هي التي ينبغي إعلاؤها. وما على القوى المناهضة للامبريالية، التقدميّة والثوريّة، إلاّ أن تعمل بلا هوادة على تحمل مسؤوليتها في تصدّر النضال وتعزيز الوحدة الوطنيّة والتقدّم بمشروع اجتماعي وسياسي شعبي وعصري وتقدّمي.

وفيما يخصّ البلدان المحتلّة كالعراق وأفغانستان وفلسطين والصومال، ونضيف إليها لبنان، تدور المعركة بالسلاح، فلا ينبغي للقوى المناهضة للامبريالية والتقدميّة والثورية، أن تهادن العدو بأيّة حال من الأحوال أو تتأخر عن الركب. فالشعوب لا تمنح هذه القوى ثقتها إلا إذا كانت مثالا في النضال ضدّ الاحتلال. إن الوقت لم يفت كي تتدارك التأخير. وتجربة الرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والحزب الشيوعي اللبناني مفيدة على هذا الصعيد.

وفي العراق لا نرى من مدخل إلى حل صحيح وعادل خارج رحيل قوات الاحتلال الأمريكية والانجليزية. ثمّ أن كافة القوى السياسية بالبلاد الممثّلة لجميع الأطياف القومية والثقافيّة والعرقية والدينية تجتمع حول نفس الطاولة لإخراج بلدها من الفوضى والدمار الناجمين عن الاحتلال، وحينها يمكن لوفاق وطني أن يتحقق على قاعدة صون استقلال البلاد وسلامتها الترابية ووحدتها الوطنيّة وإرساء دولة ديمقراطيّة عصريّة تحتكم إلى مبدأ المواطنة وتضمن نفس الحقوق للجميع دون تمييز عرقي أو طائفي أو جنسي.إذا كان لا بدّ من مرحلة انتقاليّة بإشراف مراقبين دوليين أو عرب فإنه لا يسمح لأي من القوى التي اعتدت على العراق أو ساندت العدوان أن تكون شريكة.

وفي فلسطين لا أحد ينكر، والرفاق الفلسطينيون هناك شهود على ذلك، أن الوضع اليوم أسوء مما كان قبل توقيع معاهدة أوسلو. فالصهاينة نهبوا وهوّدوا مزيدا من الأراضي وهدّموا مزيدا من المساكن والبنى التحتيّة وبنوا مزيدا من المستعمرات وأقاموا جدار العار العنصري وقتلوا وسجنوا وأبعدوا مزيدا من الفلسطينيين. والحياة برهنت أن الصهيونية، العنصريّة والعدوانيّة والتوسّعيّة، لا تقبل إلى جوارها بوجود دولة فلسطينية مستقلّة فوق الأراضي المحتلّة عام 1967، والاتحاد الأوروبي يساهم في الحصار المضروب على هذا الشعب والامبريالية الأمريكية وكذلك الإمبرياليون الأوربيون والروس لا يمكن أن يضطلعوا بدور وسطاء سلام ولا أن يكون أصدقاء للشعب الفلسطيني. والامبريالية الأمريكية، خصوصا، تمثّل شريكا مباشرا في اضطهاد الشعب الفلسطيني. والدولة الصهيونيّة نفسها تشكّل منذ تأسيسها حجر زاوية في الإستراتجية الامبريالية للهيمنة على المنطقة. ولذا فإن المسألة الفلسطينية ينبغي، في نظرنا أن تعالج من منظور استراتيجي أكثر واقعيّة، هو منظور دولة فلسطينية ذات سيادة، ديمقراطية وعلمانية على كامل تراب فلسطين التاريخية، وبالتالي فإن أية خطوة تكتيكية أو مرحليّة لا بدّ أن تدرج ضمن هذا المنظور اجتنابا لكل ضبابيّة أو خلط.

ولا مطمح للمنطقة في سلام أو امن أو ازدهار طالما ظلتّ الصهيونية قائمة. إن الأمر يتعلّق بإستراتيجية طويلة النفس لكنّه الأضمن والأعدل للفلسطينيين سواء كانوا مسلمين أو يهودا أو مسيحيين. ومآل الصراع في سبيل هذا الحل مرتهن بنضال الشعب الفلسطيني وكافة اليهود المناهضين للصهيونيّة، وبنضال جميع شعوب المنطقة من أجل خلق ميزان قوى جديد مع الامبريالية وبمساندة كافة القوى المناهضة لها، والمحبّة للحريّة في العالم. واليوم، يطرح على القوى الفلسطينية الوطنية والتقدّميّة المهمّة الثقيلة المتمثّلة في بلورة وتكريس برنامج وحدة وطنية قادرة على تعبئة الشعب الفلسطيني ومساعدته لا على مجابهة المحتل الصهيوني فحسب بل وكذلك على تجاوز النزاع الداخلي بين فتح وحماس.

وتبقى الحاجة ماسّة اليوم، سواء في العراق أو فلسطين وما شابههما، إلى حركة وطنيّة موحّدة في جبهة تحرير ذات راية واحدة وجيش تحرير تحت إمرة واحدة، أسوة بالتجارب الناجحة التي عرفتها مقاومة الاستعمار القديم والجديد وتجاوزا لحالة التشرذم والفسيفساء الفصائلية والطائفية والحزبية، ومن أجل فاعليّة أكبر في مبارزة الاحتلال وتقريب ساعة النّصر، دون أن ينفي ذلك الخلافات البرنامجية الأخرى وإمكانيّة مواصلة الصراع حولها بوسائل فكريّة فقط، دون ودون الانجرار إلى مواجهات دامية تشتّت وتبعِّد

وفي أفغانستان كما في الصومال يتطلّب الحل الصائب أولا، رحيل قوات الاحتلال لتمكين الشعوب من أخذ مصيرها بين أيديها وتخطّي الفوضى وانعدام الأمن اللذين سبّبهما وغذاهما الامبرياليون وعملاؤهم. وفي لبنان حيث يسعى الامبرياليون والصهاينة إلى إثارة فتنة طائفية لإضعاف المقاومة وتصفية المكاسب المحققة في الصائفة الماضية فإن وحدة القوى الوطنية، بقطع النظر عن انتماءاتها الفكرية والسياسية أكثر من ضرورة. والقوى المناهضة للامبريالية لا يسعها إلاّ أن تدين الضغوط والتهديدات التي تمارس على سوريا وإيران. فالنظام السوري ليس نظاما ديمقراطيا دون شكّ، لكن ليس الامبرياليون الأمريكان أو غيرهم هم الذين سيمنحون الشعب السوري الحرّية والديمقراطيّة. والعراق يقدّم مثالا بليغا على ذلك والشعب السوري نفسه هو الذي يحقّ له أن يحقق هدفا مماثلا. وينبغي القيام بعمل تربوي وتنظيمي في صفوفه ليضطلع بهذه المهمّة ومعارضة كل تدخّل خارجي. وإيران ليست بدورها مثلا للديمقراطيّة أو العدالة الاجتماعيّة والنزعات القوميّة والشوفينيّة لبعض أوساط الملالي الحاكمة التي تحلم ببسط نفوذ إيران باتجاه وسط آسيا مستندة على العنصر الفارسي ونحو الشرق الأوسط مستندة على العنصر الشيعي، أمر لم يعد سرا، غير أنه، ومرّة أخرى، ليس من مشمولات الامبريالية الأمريكية أن تأتي بالحل، فالشعب الإيراني جرّب الهيمنة الأمريكية أيام الشاه. والتّدخل الأمريكي في إيران من شأنه أن يغرق المنطقة في حالة من الفوضى أشدّ. وعلى القوى التقدميّة الإيرانية أن تعوّل على نفسها وعلى مساندة القوى التقدّميّة في المنطقة والعالم. أما في البلدان التابعة فإن القوى التقدّميّة المناهضة للامبريالية، مدعوّة إلى أن تكون على رأس النضال ضدّ الدكتاتوريات القائمة، وضدّ الحضور الامبريالي، وإلى أن تضع أرضيّات تشمل المطالب الشعبيّة السياسية والاجتماعية الكفيلة بتجميع أوسع القوى. وفي كل الحالات فالمطلوب أن لا تصبح صعوبة ظروف النضال الناجمة عن بطش أنظمة الاستبداد وغطرستها ذريعة لإهمال العمل في صلب الجماهير والتعويل على "مساعدة" العوامل الخارجيّة (أي الامبريالية الأمريكية) لإضعاف تلك الأنظمة أو استبدالها بأخرى وإحلال الديمقراطيّة.

ويطرح مشكل شائك في هذه البلدان و هو مشكل التيارات الإسلامية. و مهما كانت الحال، لا يمكن لهذا المشكل أن يكون بمثابة تعلة للتعاون مع الأنظمة القمعيّة و الفاسدة القائمة التي تستخدم شبح هذه التيّارات لترويع النساء و المثقفين و الشرائح الوسطى و الرأي العام في البلدان الغربيّة. و قد أفادتنا تجربتنا في تونس بالخلاصات التالية: أوّلا، و من أجل قطع الطريق أمام دكتاتوريّة تيوقراطيّة، على القوى التقدّميّة أن تكون في مقدّمة النضال ضدّ الأنظمة القائمة و أن تتبنّى مطالب الشعب و تعمل على عدم ترك قيادة النضال لتلك الحركات الدّاعية إلى إقامة نظام تيوقراطي. و ثانيا، فإنّ النضال من أجل الحرّيّات و الدّيمقراطيّة يجب أن تحكمه رؤية متماسكة فإنّ وجود الحرّيّات حتّى و إن استفاد منها الإسلاميون يمثل وضعيّة أنسب للعمال والشعب عامّة لتطوير وعيهم وتنظيمهم من عدم وجودها تحت ذريعة "مكافحة الأصوليّة والإرهاب". و ثالثا، فإنّ مسألة الهويّة ينبغي أن تتكفل بها القوى التقدّميّة، فإن الامبرياليّة تقود هجوما ضدّ ثقافة و هويّة و ديانات شعوب المنطقة ممّا جعلها تشعر بإذلال كبير و تريد الدفاع عن نفسها ضد خطر تفسّخ هويّاتها وهو ما يفسر انجرارها أحيانا وراء حركات أصولية تعبر عن نظرة متحجرة ومتخلفة للهوية.

إن الحداثة والتقدّم والديمقراطيّة لا يمكنها أن تصبح جزءا لا يتجزأ من هويّة شعب إلا متى كانت من صنع يديه، أي نتيجة لمسار يراعي تاريخه و خصوصيّاته الثقافيّة و الاجتماعيّة و الوطنيّة بتفاعل مع مكتسبات الإنسانية التقدميّة. و الكوسموبوليتيّة الامبرياليّة تمثل عامل اغتراب وطنيّ و لا يمكنها أن تكون عامل تحرير و تقدّم. إن الدفاع عن هويّة شعوب المنطقة ينبغي أن يشكل جزءا من المسألة الوطنيّة و من النضال ضدّ الامبرياليّة.

ورابعا، فإن باب العمل المشترك مع القوى الإسلامية التي تقبل مواجهة الاستبداد أو الهيمنة الامبريالية على قاعدة مطالب ملموسة لاينبغي أن يغلق. وقد توفقنا في تونس إلى بلورة أرضية نضال ضد نظام الاستبداد تشمل عَلْمانيين وإسلاميين، ويعود نجاح التجربة حتى الآن إلى اقتناع الطرفين بأهمية الحريات بالنسبة أليهما والى الشعب التونسي ويبقى مستقبل هذه التجربة مرهون بإرادتهما السياسية وبقدرتهما على التغلّب على المصاعب التي تعترضهما،من صفوفهما أحيانا، وهما مدعوان إلى مقاومتها وسدّ الباب خصوصا أمام العناصر أو التيارات التي تريد تخريب هذه التجربة وهو مسعى لا يخدم في نهاية الأمر سوى الاستبداد ومصالح الذين يريدون "مصالحته" أو مهادنته.

وأخيرا لا يمكن للقوى التقدّميّة المناهضة للامبريالية في المنطقة، وخاصّة منها اليسارية، إلاّ أن تدعم نضال الأقليات، قومية كانت أو دينية من أجل حقوقها، بما في ذلك الحق في تقرير المصير بالنسبة إلى الأقليات القوميّة المضطهدة وفي ذهننا هنا بالخصوص الأمّة الكرديّة والشعب الصحراوي في بلاد المغرب. ولا ينبغي أن تكون محاولات الامبريالية توظيف تلك الأقليات أو احتواء قياداتها السياسية ذريعة لنكران مشروعيّة نضالها أو لتبرير اضطهادها والسيطرة عليها. إن موقفا سليما من قضايا هذه الأقليات هو الكفيل وحده بسدّ الباب أمام التوظيف والاحتواء الامبرياليين.

لقاء دوري

وختاما، فإن على القوى المناهضة للامبرياليّة في المنطقة أن تتكاتف باستمرار وتعمل على تقريب وجهات نّظرها من أهم القضايا وتوحيد شعاراتها و تنسيق تحرّكاتها. إنه شرط لازم لتوفير الأرضيّة الملائمة لوحدة شعوب المنطقة ضدّ الهيمنة - الامبرياليّة - الصهيونيّة - الرجعيّة. كما أنه من واجبها أن تعمل على توسيع رقعة التضامن الاممي مع القضايا العادلة لهذه الشعوب فتعبئ الاحزاب التقدمية والعمال والحركات النقابية والمثقفين والعلماء الذين يرفضون أعمال "هولاكو" القرن الواحد والعشرين والحركات الشبابية والنسائية والحقوقية وغيرها.

إن مآل الصراع في المنطقة لا يهم شعوبها فحسب بل شعوب العالم بأسره، فانتصار المقاومة في العراق مثلا على الاحتلال الأمريكي الأنجليزي لن يضعف الهيمنة الامبريالية الأمريكية في المنطقة فقط، بل في كافة مناطق العالم.

لقد شهدت معظم العواصم الغربية تحركات جماهيرية كبرى ضدّ الحرب على العراق وضدّ احتلاله وما تزال توجد درجة معيّنة من التعبئة حول القضيّة العراقيّة والفلسطينية خاصّة، ومن واجب القوى المناهضة للامبريالية في المنطقة وخاصّة الحركة اليسارية والشيوعية أن تستثمر تلك التعبئة لتطويرها وتحويلها إلى تيار كبير شبيه بذلك التيار المعادي للحرب على الفيتنام.

ويلقى على عاتق هذه القوى بذل جهد كبير في اتجاه شعوب البلدان الغربيّة وشعوب أمريكا اللاتينية للتصدي للدعاية المضلّلة التي تروّجها وسائل الإعلام الامبريالية لإلباس حركات المقاومة في المنطقة لبوس الإرهاب والتطرّف الديني.

وفي وسع هذه الندوة، على ما نرى، أن تصبح سنويّة كي يتسنّى متابعة تطوّر الأوضاع في المنطقة ومواصلة تبادل الرّأي و تحديد المهمّات المشتركة. وضمان تنسيق قارّ نابع من هذا اللقاء يشكل أمرا حيويّا.

تونس، في 8 جوان 2007



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني