الصفحة الأساسية > البديل الوطني > من أجـل تحالف ديمقراطي تقـدمي
من أجـل تحالف ديمقراطي تقـدمي
16 أيلول (سبتمبر) 2010

أعلنت قيادات "حركة التجديد" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"حزب العمل الوطني الديمقراطي" و"تيار الإصلاح والتنمية" وبعض غير المنتظمين في 10 جوان 2010 عن تكوين تحالف المواطنة والمساواة وعزت هذه التنظيمات والشخصيات ميلاد هذا التحالف الجديد لمساندتها للأمين الأول لحركة التجديد أحمد إبراهيم مرشح المبادرة الوطنية للانتخابات الرئاسية.

مع العلم أن "التكتل الديمقراطي" و"الإصلاح والتنمية" لم ينضما إلى المبادرة الوطنية ولا كونا معها قوائم مشتركة في الانتخابات التشريعية لأكتوبر 2009.

إن تجمع حركات سياسية ومناضلين ديمقراطيين مناهضين للاستبداد على توحيد قواهم في إطار جبهوي اختيار صائب بل ضرورة يفرضها تشتت وضعف الحركة الديمقراطية التونسية وواقع الحياة السياسية المتميز بالركود وتقهقر وانحصار الفضاءات الديمقراطية وتتالي خيبات الأمل في الانتخابات الوطنية والمحلية.

هذا الوعي بضرورة العمل الجبهوي ليس بالأمر الجديد وسنعمل بمعية رفاقنا وأصدقائنا على إنجاحه.

لقد تكررت التجارب الجبهوية خاصة منذ سنة 1989 ولم تحقق أهدافها وسرعان ما تشتت إذا ما استثنينا منها التحالف الديمقراطي حول التجمع الإشتراكي التقدمي سنة 1999 والمبادرة الديمقراطية سنة 2004.

إننا لا نعتقد أن التجربة القصيرة المشتركة بين الأحزاب والشخصيات التي كونت إتلاف المواطنة والمساواة كافية لبناء هذه الجبهة الجديدة ولأن تأمّن له الدوام.

نحن لا ننكر على أحد حقه وقدرته أكان حزبا أو فردا في تطوير قراءته للواقع السياسي أو مواقفه لكن نحذر من التطورات السريعة دون أن يسبق التقارب بين مواقف هذه المنضمات وهؤلاء المناضلين استخلاص ما في تجاربهم السابقة من نجاحات وانحرافات وتراجعات وأسباب انتهاء هذه التجارب.

أمام فشل المبادرة الوطنية وانفراطها لم نفتأ منذ ديسمبر 2009 ننادي كل الرفاق من حركة التجديد ومن حزب العمل والمستقلين بأجراء تقييم التجارب السابقة كل على حدة أو بصفة مشتركة في إطار حواري مفتوح يطرح فيه كل مناضل ومناضلة مقترحاته ومشاغله ومآخذه على التجارب السابقة التي ناضل فيها أو ساندها وفي هذا الإطار نقترح تنظيم ندوة مفتوحة للبحث وتقصي أسباب فشل المبادرة الوطنية ولاستخلاص الدروس لبناء تحالف جدي ولكن لا من مجيب.

لقد أدى التمشي الذي اتبع في تكوين تحالف المواطنة والمساواة إلى الوقوع في خطأين اثنين بالإمكان تجاوزهما إن قبلنا كلنا مراجعة ما حدث وتسلحنا بالشجاعة السياسية للاستماع للأصوات الناقدة والقراءات المغايرة وقبل أن نقدم اقتراحاتنا، فسنحاول تحديد هذين الخطأين.


1. استئثار القيادات بالحوار حول تكوين التحالف الجديد وتغييب جمهور المناضلين والمناضلات المتحزبين وغير المنتظمين.

للأسف ما نعاينه هو أن الحوار الذي سبق الإعلان عن هذا التحالف وكتابة أرضيته قد حصر في الدوائر القيادية فلم تشرك لا الكوادر الوسطى في بعض التنظيمات ولا المناضلين الديمقراطيين غير المنتظمين إذا ما استثنينا البعض منهم الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة وهذا تناقض صريح مع الخطاب المنادي لأداء النضال السياسي بطرق جديدة تتسم أساسا بالديمقراطية والخروج من الطرق البيروقراطية الذي اتسم بها اليسار التونسي طوال القرن الماضي والذي قطعت معها المبادرة الديمقراطية سنة 2004 فارتقت بالحوار حتى أصبح حوارا ديمقراطيا مواطنا.

وقد نتج عن هذا الأسلوب إضفاء صورة سلبية عن العمل الوحدوي لدى أعداد هائلة من الشباب و من جموع المناضلات والمناضلين الديمقراطيين إلى التساؤل عن موقعهم في بناء التحالف الجديد و إلى الشعور بالإقصاء في تحديد محتواه وأهدافه وأنهم لا يعاملون على قدر المساواة مع القياديين الحزبيين.

2. تحديد سقف الحوار حول الإتلاف:

بعد الإعلان عن هذا إتلاف المواطنة و المساواة، فتح حوار في عديد الجهات وأكدت القيادات أن مشروع الأرضية قابل للتنقيح وغير مكتمل. فظهر من خلال اللقاءات التي تمت أنه لا يسمح الخوض هذه الاجتماعات في كل المسائل و بوجود سقف للجدل ولدلالة على ما نقول نذكر مسألتين:

- للمرة الثانية غيب تقييم التجارب السابقة بصفة تعددية فلم يطرح كمسألة أساسية
إننا نعتقد لكي يكون هذا الإتلاف الجديد بعد واعد لا يمكن المرور الى تجربة جديدة دون تقييم سابقاتها، فكل حركة سياسية تغيب تاريخها وتفسخ ذاكرتها لا يكون لها مستقبل ولا تراكم تجاربها.

- حصر الحوار في الهوامش
برز من خلال نقاش مشروع الأرضية الذي تم نزعة نحو حصر الحوار حول المسائل الثانوية في المشروع و رفض الخوض في الأبعاد الاستراتيجية و البعد المجتمعي له.

فما حدث في الندوة التي تمت في مقر التكتل الديمقراطي من رفض لورقة نقاش تقدم بها مجموعة من المناضلين بتعلة إن ما تطرحه يعد حوارا إيديولوجيا يؤكد جليا أن الحوار المطروح له مقدسات وخطوط لا يجب تجاوزها وهذا عين العلة.

نحن ننادي بحوار دون محرمات ولا مقدسات تطرح فيه جميع الإشكاليات إيديولوجية كانت أم سياسية لأن المشروع المقدم خلق سابقة غير محمودة لما بلور وحسم بعض المفاهيم الجديدة التي لم يناقشها المناضلون والمناضلات المتحزبين و غير المنتظمين من قبل بعض الدوائر القيادية و لم تكن نتيجة قراءة تأليفية.

إن الالتقاء والتحالف لن ينجحا إلا إذا كانت ولادتهما طبيعية لا قسرية و ذلك على أساس الالتزام الطوعي وعلى أن لا يكون المشروع مبني على ردة فعل متسرعة وأن لا تكون أهدافه سياسية ضيقة أو لحل إشكاليات داخلية لبعض الأحزاب.

أيّ تحالف نريد ومع من:

السؤال الأساسي المطروح هل يندرج هذا التحالف الجديد في إستراتيجية بناء القطب الديمقراطي التقدمي أم له أهداف أخرى غير معلنة؟

للأسف لا يتراء لنا أن مشروع الأرضية يندرج في ما نادينا به في حركة التجديد منذ مؤتمرنا الأول سنة 2001 ولم نناقضه بل أكدناه في مؤتمرنا الثاني سنة 2007. في إستراتيجية بناء القطب الديمقراطي التقدمي و لا حتى يشير أو يوحي به.

لقد تمكن الإتلاف الجديد من توسيع دائرة التحالف إلى منظمات غير منحدرة من الفكر الماركسي أو متأثرة به (و لو أن عديد الشخصيات الوطنية لم يكن لها انتماء للفكر العمالي) وهذا إيجابي فالمعركة الديمقراطية لن نقودها ولن ننجزها وحدنا.

كيف نقبل بتغييب شعارنا في فصل السياسة عن الدين ونكتفي بالمناداة بعدم استعمال الدين في السياسة فهما مفهومان مختلفان نحن لا نقبل وجود إمام أكبر أو مجلس أعلى إسلامي أو سلطة تحدد سقف القوانين الصادرة عن السلطة الشرعية المنتخبة ديمقراطيا؟

هل من الطبيعي أن حركة تقدمية مثل حركة التجديد و غيرها تقبل دون تساؤل مشروع لا ينبس ولو بكلمة حول المسألة الاجتماعية والاقتصادية ولا يشير إلى البعد التقدمي كمفاهيم ومشروع اجتماعي و أليس ذلك في تناقض صارخ مع ثوابتها؟

هل كل مكونات هذا التحالف الجديد مؤمنة بالبديل المجتمعي الذي ننشد أي مجتمع ديمقراطي تقدمي ذو بعد اجتماعي منحاز إلى الشعب والشغالين مدافع عن المكتسبات الثقافية والمجتمعية التقدمية التي كسبها شعبنا؟

وحتى يكون الحوار حول بناء الائتلاف وأرضيته جادا فنحن نقترح:

1/ أن يكون الحوار شاملا حتى تتسنى إعادة بناء أرضيته على أساس الاستماع إلى كل القراءات الديمقراطية والتقدمية وعلى أساس حوار تأليف، و هذا يمرّ حتما بالتمسك بهدف بناء القطب الديمقراطي التقدمي كبعد استراتيجي الوحيد القادر على تعبئة جمهور المتحزبين والمستقلين التقدميين الذين لم يعودوا على استعداد قبول أي مشروع يسقط عليهم فهم يطمحون كما بينت تجربة المبادرة الديمقراطية أن يساهموا في بناء كل مراحل مشروع إتلاف ديمقراطي وفي تصور هيكلته وفي تحديد أرضيته وأهدافه وأن يعينوا بأنفسهم من يوكلون لهم للتحدث باسمهم وبكتابة أرضية تكون نتيجة حوار جماعي ومن خلال مواقف تأليفية قرروها بأنفسهم ولهم حق التصويب والتعويض وعزل من لم يكن أمينا لتصوراتهم وقد كانت هذه الطريقة هي أحد أسرار نجاح المبادرة الديمقراطية والتفاف التقدميين والديمقراطيين حولها من متحزبين وغير متحزبين.

2/ اعتبار ما قدم أنه ورقة عمل وليس مشروع الأرضية حتى نعطي الفرصة لكل المناضلات والمناضلين للمشاركة لأن ّما كتب على المرمر يصعب إصلاحه ويجب أن نعطي لأنفسنا الوقت اللازم بدون تسرع فإحدى إيجابيات هذه المبادرة الأخيرة هي أن التفكير في بناء جبهة سياسية ليس وليد ظروف انتخابية ولذا بإمكاننا عدم التسرع وحركة التجديـد خاصة ملزمة نظرا لما تحملته من مسؤوليـات في انتخابات سنتي 2004 و2009 بأن تعمل على فتح حوار جدي مع كل الديمقراطيين دون تعالي وعلى تجميع كل التقدميين على أساس المساواة والنديـة.

3/ تنظيم ندوة وطنيـة يستدعى لها ويشارك فيها كل من شارك في المبادرة الوطنية ويشارك في الإئتلاف الجديـد يجب أن نفتح كل النوافذ ونعمل على تجاوز كل الأخطاء السابقة والممارسات البيروقراطية وأن ندفع للعمل السياسي الوطني فنحن ملزمون بالنضال مع الناس ولا بتعويضهم ولا بتلقينهم.

4/ فتح حوار على كل المنابر في صحف المنظمات السياسية العلنيـة وفي الصحف الإلكترونيـة وفي كل الصحف الصادرة في البلاد دون مقص ورقابة مهما كانت تساؤلات كاتبيها ومواضيعها ما عدى مقالات القذف والتخوين.

كل خطوة نقوم بها يجب أن تمهد لبروز القطب الديمقراطي التقدمي الوحيد القادر على تغيير ميزان القوى لصالح مشروع المجتمعي الديمقراطي والتقدمي وجمهوريـة ديمقراطيـة اجتماعية.

أن لدينا اعتقاد راسخ أن هذا ممكن لو تتضافر العزائم ونتجاوز الهيئات التي حلت بهذا المشروع ونتحمل ونحمل كل الأطراف مسؤولياتها في بناء تحالف واسع فنحن لا نهاب الحوار مع المناضلات و المناضلين الديمقراطيين أليس هدفنا واحد فعلينا عندئذ أن نستلهم ممّا هو إيجابي من تجاربنا دون إقصاء أيّ أحد إلا من أقصى نفسه.

تونس في 16 سبتمبر 2009

محمـد الأخضـر أللالة
عضـو الهيئة السيـاسية لحركة التجـديـد


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني