الصفحة الأساسية > البديل الوطني > موطن تصعب فيه الحياة
سيدي عيش :
موطن تصعب فيه الحياة
10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

«سيدي عيش» منطقة يحاصرها الجبل من كل صوب وجهة، وتهددها فيضانات الأودية بين اللحظة والأخرى، فالمشهد هناك شبيه بإحدى القرى الإفريقية النائية: شيخ يرتدي برنس صوفي يركب عربة يجرّها حمار، ومتسول يقف حائرا بين منعرجات الطريق، وطفل يركض عاريا بين أزقة الأنهج، وفضلات متناثرة في كل مكان...

هناك الصورة تصطدم في كل مشهد بواقع مأساوي تروي صراع الفلاح وأرضه والطفل وظروف نشأته وهناك تحكي ملامح الشيخ تجربة حياة قاسية في كل تفاصيلها ووقائعها.

رغم الثروات الطبيعية الموجودة (الجبس، والطين، والكوارتيز...) لإنشاء مصانع كفيلة بتشغيل مئات المعطلين عن العمل، غير أن سياسة التهميش والفقر كانت العنوان الأبرز لمدينة ثرواتها مدفونة تحت التراب فيما يعاني سكانها الخصاصة والفقر الاحتياج.

إقصاء وتهميش

شباب لا يتوانى عن لعب الورق بعدما أعياه الانتظار والصبر الطويل للحصول على موطن شغل فكانت المقاهي ملاذه اليومي لقضاء أغلب أوقاته بعدما مل سياسة الوعود الجوفاء.

في مقهي بوسط المنطقة التقينا النادل «مهذّب» وهو بصدد مغادرة محله الذي عبّر عن استيائه من السياسات التي انتهجها النظام البائد طوال سنوات حكمه مشيرا إلى ضرورة هيكلة البرامج الفلاحية والتنموية بالجهة.

بدوره قال «أشرف بن مقلس» : «أصحاب رؤوس الأموال استولوا على أرزاقنا وأراضينا بينما نحن نعاني الأمرين والحال أن الآبار التي تم إنشاؤها تسببت في نزوح كميات هامة من المياه وساهمت في نقص طاقة التيار الكهربائي» .

من ناحية أخرى قال «هيثم سناني» : «سياسة البرامج التنموية بالجهة مهمشة وغير منظمة والفلاح يفتقر إلى أبسط الوسائل الضرورية للإنتاج والعناية بأرضه مشيرا إلى أن المناخ الجاف زاد الطين بلة، إضافة إلى غياب الدعم اللازم من الدولة. حال الطريق الرابطة بين المنطقة ومدينة «ماجل بلعباس» لا يختلف كثيرا عن المسالك الجبلية».

«نوفل الاطرش» ، يقول: «عانينا الأمرين طوال السنوات الماضية والحال هي الحال... لم يتغير شيء... وضعيتنا الاجتماعية تزداد تأزّما يوما بعد يوم وحالنا لم تصله رياح الثورة خصوصا وأن نسبة المعطلين عن العمل بلغت أرقاما مفزعة مما يعني أن أوضاعنا تزداد سوءا نتيجة الفقر. والسبب الرئيسي لحدوث هذه الأزمات هو البطالة وهو ما يضطرنا إلى العمل في الحضائر بأجور متدنية» . وعن وضعه الاجتماعي قال: «أجريت 3 عمليات جراحية بعدها أصبحت عاجزا عن العمل وعن مجاراة نسق الحياة» .

في نفس السياق يقول «مصطفى سعيد» : «قلة الحاجة والظروف الصعبة وكثرة المشاكل الاجتماعية كانت لها عدة آثار نفسية سلبية على نفسية المواطن بسبب الصعوبات التي يواجها الأهالي في كسب قوتهم اليومي» .

مشاريع فاشلة

تتميز منطقة «سيدي عيش» بمناخ قاس يتسم بعدم انتظام كميات الأمطار السّنوية وهو ما انعكس سلبا على المحاصيل الزراعية مثل مخاطر تواتر سنوات الجفاف وعنف التساقطات نتيجة تأثرها بالظاهرة المناخية إضافة الى ارتباطها بشكل مباشر بطبيعة التربة حيث تتكون جلها من قشرة كلسية أو جبسية تقلل من صلوحية الزراعة.

فحال الشباب هناك ليس أفضل حال من وضع الفلاح حيث يعاني من غياب الدعم والإمكانيات اللازمة لإنشاء آبار عميقة يتغلب من خلالها على المناخ الجاف.

البرامج التنموية الفاشلة زادت من تعقيد الأمر، مثل مشروع البحيرة حيث تم إنفاق مبالغ خيالية قدرت بالمليارات بإشراف شركات أجنبية. ولكن بعد سنوات من العمل تبيّن أنّ هناك تسرّب في الجبل. ورغم محاولات سد تلك الثقوب فإن جميع المحاولات كانت فاشلة.

وقد ذكر عديد الأهالي أن مياه البحيرة تتعرض إلى السرقة حيث يتم إبرام اتفاقات بين بعض المسؤولين في الادارة والفلاحين لتفريغ مياه البحيرة في أراضيهم الزراعية. ويتساءل عديد المواطنين عن التسيب والإهمال المفرط لمثل هذه المحميات الغابية التي تتعرض إلى السرقة والمتاجرة.

وفي هذا السياق يقول الأهالي بأن مشروع البحيرة هو من المشاريع الفاشلة التي تتحمل رموز من النظام الفاسد مسؤوليتها ولم يجن منها الأهالي سوى الفقر حيث تم حرمانهم من التصرف في أراضيهم بتعلات واهية.

تساؤلات عديدة يطرحها الفلاح والشاب من أجل تحسين وضعيتهم المعيشية وتلبية مطالبهم وحقوقهم المشروعة التي مازالت تترقب ردودا ملموسة تتجاوب وتطلعاتهم المستقبلية.

محمد علي لطيفي



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني