الصفحة الأساسية > البديل العربي > نداء الى القوى والأحزاب الماركسية في الوطن العربي
نداء الى القوى والأحزاب الماركسية في الوطن العربي
18 أيلول (سبتمبر) 2006

بعد التشاور التقى عدد من ممثلي الأحزاب والشخصيات الماركسية الموقعة أدناه، وتداولوا حول الأوضاع السيئة السائدة في المنطقة العربية المترتبة عن الهيمنة الامبريالية ورأس حربتها الامبريالية الأمريكية التي تهدف عبر مشاريعها المختلقة (الشرق الأوسط الموسع أو الجديد) إلى الاستحواذ على ثروات المنطقة واخضاعها سياسيا وعسكريا للنفوذ الامبريالي-الصهيوني. وهو ما أفضى الى احتلال العراق والسعي إلى تصفية القضية الفلسطينية باعتبارها بؤرة الصراع الرئيسية بين مشروع التحرر العربي ومشروع الهيمنة الاستعمارية. كما أفضى كذلك الى شنّ الحرب الاجرامية التدميرية الأخيرة على لبنان، وأصبحت مجمل البلدان العربية واقعة بين حالة الاستعمار المباشر والخضوع بدرجات متفاوتة وأشكال متنوعة للهيمنة الامبريالية الساعية الى مزيد تقسيم المنطقة وتفتيتها على أسس عرقية أو طائفية رجعية.

إنّ التمادي في تنفيذ هذا المشروع الامبريالي يتم بتواطؤ من الطبقات الرجعية السائدة الحاكمة في مختلف البلدان العربية ذات المصالح المتشابكة مع الامبريالية ومن نظمها المستبدة والفاسدة على النهب وتكريس البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية المتخلفة، والحفاظ على التجزئة وتدعيمها وتهيئة كل الظروف لانجاح السيطرة الامبريالية الصهيونية.

كما وقف الملتقون عند الواقع المرير لتراجع دور العديد من القوى الماركسية والشيوعية حتى أصبح العديد منها هامشيا يعاني أزمات معقدة جراء حملات القمع المديدة، كما أن عديد منها اختار التكيف نتيجة أخطاء في التصور والممارسة، وقد ارتد بعضها أو أعضاء منها إلى مواقع ليبرالية وقبل التكيف مع العولمة الرأسمالية بدعوى أنها حاملة لمشروع "الحرية والديمقراطية والرفاه"، وأنها طرف حاسم في الدفاع عن "الاصلاح الديموقراطي" في الأقطار العربية، إن هذه الأطراف تجسد- بموقفها هذا الذي يفصل المسالة الديموقراطية عن المسالة الوطنية- موقف الموالاة للامبريالية، مما ترتب عنه انحسار دور اليسار وضياع الرؤى المبدئية التي تحكمه والمعبّرة عن دوره التحرري والتقدمي الريادي الساعي لمواجهة الامبريالية من أجل تأسيس عالم بديل يعبر عن مصالح الطبقة العاملة والشعوب ويقوم على التحرر الوطني والتكافؤ وحرية تقرير المصير وضمان حق الاختلاف والتعدد والعدالة والمساواة الاجتماعية والديمقراطية. وكان من نتيجة الهجوم الامبريالي كذلك ما عرفته الساحة السياسية العالمية من انكسارات للمشروع الاشتراكي الأممي وارتداد في الساحة العربية ارتبط بسقوط بعض التعبيرات الوطنية مما أفسح المجال لصعود التيارات الأصولية الاسلاموية التي تحمل مشروعاً مناهضاً لتطلعات التحرر والاستنارة والتقدم يتقاطع مع التوجهات الليبرالية المتوحشة السائدة ضمن العولمة الامبريالية، إنّ هذه الحركات تقدم خدمة ثمينة للامبرياليين بتصوير الصراع الوطني والطبقي على أنه صراع ديني وطائفي، وهي تلتقي في ذلك مع غلاة المحافظين من منظري الامبريالية الذين يروجون للصدام بين الحضارات والأديان.

وفي حين أبدت بعض تيارات الاسلام السياسي مقاومة ايجابية للاحتلال، فان أطرافا أخرى باتت فرس الرهان لتكريس المشاريع الامبريالية (مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا أو مشروع الشرق الأوسط الجديد) بدعوى أنها قوى "سياسية معتدلة". وبهذا أصبحت القوى المتنفذة في الوطن العربي متكونة من النظم الرجعية التابعة والاستبدادية والحركة الأصولية وبعض الأطراف والأحزاب الليبرالية، وهي قوى مندمجة أو قابلة للاندماج في النمط الرأسمالي العالمي، ومتحالفة أو ساعية للتحالف الاستراتيجي مع القوى الامبريالية، وبالتالي لا تحمل للوطن سوى التبعية والتخلف والنهب والافقار وتعزيز التجزئة والتفكك الطائفي. الأمر الذي يفرض البحث عن بديل حقيقي يعبر عن مصالح العمال والفلاحين الفقراء والطبقات والفئات الشعبية. ويحمل مشروعها الهادف الى التحرروالاستقلال والتطور الاقتصادي والمجتمعي، بديل وطني ديمقراطي شعبي يعطي الأمل بالمستقبل ويعزز من دور الحراك المجتمعي، دور النقابات والمنظمات المدنية المستقلة وكل أطراف النضال الشعبي. ويهيّأ لتأسيس القوى القادرة على هزم المشروع الامبريالي الأمريكي بالخصوص والمشروع الرأسمالي عموما، والتصدي لكل بدائله. وينجز تغييراً حقيقياً بات متأكدا.

ومن هذا المنطلق تعتبر هذه الأحزاب والشخصيات الموقعة أدناه انه بات من الضروري والحاسم اليوم السعي إلى تنسيق نشاطها على المستوى العربي وفي كل بلد بهدف بلورة برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي يمثل التقاطعات التي تجمعها من أجل خوض النضال بجميع أشكاله حسب وضعية كل قطر بشكل مشترك، وبما يدعم من قوتها جميعاً وقوة كل منها، كذلك من أجل أن تصبح الحركة الماركسية العربية قوة فاعلة بصفتها المعبرة عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وكل الطبقات والفئات الشعبية، والمعبرة أيضاً عن قيم التقدم والديمقراطية التي باتت مطلباً ملحّاً وعن العدالة في أفق مستقبل اشتراكي.

ولقد ارتأى المجتمعون بأن لقاءهم التحضيري هذا يهدف الى تنظيم العمل من أجل التقاء كل القوى والأحزاب الماركسية وكل المثقفين الماركسيين المتوافقين مع التوجهات الأولية الواردة هنا وتحاورها من أجل تأسيس تحالف يجمعهم عبر صياغة برنامج مشترك يتعلق بالتوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما يتعلق بالنشاط العملي المشترك وبالخطوات الضرورية من أجل بلورة رؤية فكرية مشتركة تقرب فيما بينهم وتعزز نضالهم والتحامهم بالطبقة العاملة والجماهير الكادحة وبكل قضايا وهموم الوطن العربي.

ولهذا قرر المجتمعون اصدار هذا النداء، وهو دعوة عامة لكل القوى والأحزاب الماركسية المعنية بالمشروع، وتأليف لجنة متابعة تكون مهمتها التحضير للقاء موسع، بعد التشاور مع تلك القوى والأحزاب، وتحضير الأوراق اللازمة لانجاح اللقاء بما يثري الحوار الهادف إلى صياغة البرنامج المشترك الذي يعبر عن التقاطعات الممكنة وضبط آليات التنسيق الملائمة.

المشاركون في النقاش:


سلامة كيلة، ماركسي مستقل – سوريا.
أديب دمتري، حزب الشعب الاشتراكي الديمقراطي – مصر.
براهمة المصطفى، نائب الكاتب الوطني – النهج الديمقراطي – المغرب.
عبد الرزاق الهمامي، رئيس الهيئة التأسيسية لحزب العمل الوطني الديمقراطي – تونس.
عبد اللطيف بنلحسن، عضو اللجنة المركزية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي – المغرب.
حمة الهمامي، الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي – تونس.
يوسف عبدلكي، حزب العمل الشيوعي – سوريا.
الحسن أحمد صالح، الحزب الشيوعي السوداني – السودان.
سعدالله مزرعاني، نائب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني.
جمالات أبو يوسف، ماركسية مستقلة – فلسطين.
ناهد بدوية، ماركسية مستقلة – سوريا.
كمال بدوي، ماركسي جزائري.

باريس في 18 سبتمبر 2006

للاتصال: mac@ras.eu.org


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني