الصفحة الأساسية > البديل النقابي > هل مازال للمفاوضات من معنى؟
هل مازال للمفاوضات من معنى؟
3 أيار (مايو) 2007

تنعقد اليوم الخميس 03 ماي الجاري الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي [1] لتدارس أوضاع القطاع بعد الإضراب الذي شنه الأساتذة والمعلمون يوم 11 أفريل الماضي من أجل جملة من المطالب المادية والمهنية أهمها منحة العودة المدرسية والقانون الأساسي ومدارس المهن وحركة النقل بالنسبة للأساتذة.

ومن المعلوم أن وزارة الإشراف كانت أوصدت إثر هذا الإضراب باب التفاوض مع نقابة الأساتذة ودخلت في حملة تحريض ضدها موجهة برقيات شكر للأساتذة الذين لم يضربوا. وهي حركة رأى فيها النقابيون عموم الأساتذة سابقة خطيرة ومسا بالحق النقابي.

ومن المعلوم أيضا أن اتصالات حصلت بدلا عن جلسات التفاوض جمعت الأمين العام ببعض أعضاء الحكومة والوزير الأول بخصوص مطالب الأساتذة من أجل "تهدئة الأجواء" و"زحزحة الأمور" لتلافي التصعيد والاصطدام مجددا. وكان قد راج خبر مفاده أن الأمين العام اقترح على الحكومة خلال هذه الاتصالات الترفيع في مقترحات مقادير منحة العودة المدرسة إلى 180 دينار حتى يقبل نقابيو القطاع بالاتفاق في ذلك وعدم العودة للإضراب. ويؤكد مسؤولون نقابيون من التعليم الثانوي ومن الأساسي على حد السواء أن الأمين العام لم يستشرهم مسبقا في مقترحه هذا فيما يبرره هو ومعاونوه بأنه أراد بذلك التأكيد على أن النقابيين لا يرفعون مطالب تعجيزية وأن مقترحاتهم معقولة وفي متناول الحكومة الموافقة عليها لتنقية الجو الاجتماعي والحفاظ على السلم والاستقرار.

ويفيد نفس الخبر الذي راج منذ أيام أن الحكومة رفضت هذا المقترح لذلك وافقت القيادة النقابية على منح قطاعي التعليم فرصة عقد هيئاتهم الإدارية يوم 03 ماي بالنسبة للتعليم الثانوي و05 ماي بالنسبة للمعلمين.

فحسب الموعد المحدد إذن تنعقد اليوم الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي التي يشرف عليها السيد محمد شندول عضو القيادة النقابية ولكن أساسا للنظر في المستجد الذي حصل صبيحة يوم غرة ماي على هامش إحياء ذكرى عيد العمال العالمي في قصر قرطاج. فقد سرب السيد عبد السلام جراد عبر أحد معاونيه (عبيد البريكي) أن رئيس الدولة أعلمه أنه وافق على منح المعلمين والأساتذة مقدار 180 دينارا مقسطة على ثلاث سنوات بعنوان منحة العودة المدرسية ولكن تحت اسم آخر غير هذا المسمى احتراما لمبدأ عدم إحداث منح جديدة بالتوازي مع الزيادات العامة في الأجور التي سيصرف خلال شهر ماي الجاري آخر قسط منها.

وبطبيعة الحال أوحى الأمين العام للرأي العام النقابي أنه حقق انتصارا ثمينا وأن نقابات التعليم ليس أمامها من خيار غير المسارعة بإمضاء اتفاق في الغرض بما أنه ما عاد هناك من مجال لمزيد النقاش للقبول أو الرفض.

وقبيل انعقاد الهيئة الإدارية تباينت ردود الأفعال حيال هذا الخبر ومرد ذلك أن مآل بقية المطالب (مدارس المهن والقانون الأساسي وحركة النقل) مازال غامضا. ويبدو أن الكثير من مجالس الإطارات في الجهات تنبهت لهذا الأمر فاشترط بعضها الموافقة على أي مقترح وأي مبلغ مالي لهذه المنحة بضرورة الاستجابة لحلول مرضية بخصوص الثلاث مطالب الأخرى المذكورة.

لكن الأمر الذي لم يقع طرحه إلا نادرا هو هذا الأسلوب المعتمد من طرف السلطة في التفاوض حول المطالب المهنية مع الهياكل النقابية. فمن جهة وفي إطار التصعيد ضد النقابات تصدر توصيات للوزارات في مثل هذه الحالات بغلق باب التفاوض والدخول في حملات تضييق على القواعد وعلى النقابيين، ومن جهة أخرى يحال الأمر على رئيس الدولة وبذلك تصبح اتصالات الأمين العام بالرئاسة تعوض المفاوضات وتأخذ قرارات رئيس الدولة على أنها حلول مفروضة لا سبيل لنقاشها.

والأمر الأخطر من كل هذا هو أن القيادة النقابية الحالية وأمينها العام، عبد السلام جراد، مازال مستمرا في النهج الذي كان أرساه سلفه الأمين العام السابق، إسماعيل السحباني، في تغييب هياكل الحوار الاجتماعي والتفاوض بين ممثلي العمال والأعراف والدولة واستبدال ذلك بالقرارات الفوقية بين رئيس الدولة والأمين العام بشكل يجعل الحلول والاتفاقيات في هذا القطاع أو ذاك حول هذا المطلب أو ذاك هو منة من رئيس الدولة "الذي يكن عطفا خاصا على الشغالين" ومزية من الأمين العام "حلال الصعاب" والقادر الأوحد على إيجاد الحلول.

فمثل هذا الأسلوب الذي علاوة على انه يكرس وبجلاء منطق الحكم الفردي وغياب هياكل وسياسة حوار وتفاوض اجتماعي يضرب في الصميم العمل النقابي ويقزم الهياكل المنتخبة ويقدمها لقواعدها على أنها عاجزة على توفير وبلوغ الحلول. وكان من الأجدر أن يقع التفطن إلى هذه الظاهرة التي تشكل إلى جانب مظاهر أخرى سببا من أسباب تراجع وزن النقابات ومصداقيتها لدى القواعد والعمال.

هوامش

[1سنوافيكم في أقرب الآجال بنتائج الهيئة الإدارية.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني