الصفحة الأساسية > البديل الوطني > وتتواصل ملاحقة مراسل قناة الحوار التونسي بقفصة
وتتواصل ملاحقة مراسل قناة الحوار التونسي بقفصة
10 كانون الثاني (يناير) 2009

يجري يوم الثلاثاء 13 جانفي 2009 الشوط الثاني من محاكمة قادة الحركة الاحتجاجية ونشطاء المجتمع المدني بجهة قفصة على خلفية الحراك الاجتماعي الذي عرفه الحوض المنجمي منذ مطلع العام الماضي للتنديد بتردي أوضاع السكان المعيشية وللمطالبة بتوفير الشغل وبعدالة السياسية التنموية. وكان الطور الابتدائي قد عكس محاكمة مهزلة فاقت بعض أحكامها السجن بعشر سنوات، وشهدت حكما ظالما، بست سنوات، على مراسل قناة الحوار التونسي الفاهم بوكدوس.

وسيتم الطـّور الاستئنافي دون حضور الصحافي باعتبار أن الحكم الذي سلّط عليه غيابيّا لا يمكـّنه من ذلك، لكن لا شكّ أن جزء من تصريحات عدد كبير من المحاكمين ستتعرّض لاسمه ولحيثيات إقحامه في هذا الملف، وهم الذين أكدوا أمام حاكم التحقيق أن لا رابط بينه، وبين المعتقلين وأحداث الانتفاضة المنجمية، غير ما فرضته طبيعة عمل الفاهم بوكدوس الإعلامي وما يتطلبه من تواصل مع نشطاء الحركة وأهاليها، ونقل للمستجدّ من الاحتجاجات وتداعياتها.

وكانت الحركة الأهلية التي انطلقت في 05 جانفي 2008 وتواصلت على مدى أكثر من ستة أشهر، الحدث الاجتماعي الأهمّ في تونس منذ انتفاضة الخبز 1984، وأكثرها متابعة تسجيلية وتوثيقا (بيانات، نصوص، صور، فيديو...)، فرغم حدة الحصار الإعلامي والأمني الذي ضرب على تلك المنطقة والتعتيم الممنهج الذي استهدف أحداثها، فإن ما خرج للعلن كان وفيّا لحقيقة الأوضاع في تلك المدن، ودقيقا في توصيف تطوراتها وفي استنطاق شخوصها، كما كان صاعقا للسلطة لأنه عرّى أكثر الجوانب استغلالا في دعاياتها الداخلية والخارجية للتعويض عن سجلها السلبي في مجال الحريات وحقوق الإنسان.

ولأن جزء كبيرا من ذلك المجهود التسجيلي كان بفضل الفاهم بوكدوس، فإن نصيبا وافرا من حقد آلة القمع قد طاله لإبعاده عن تغطية بقية الأحداث عبر فرض الاختفاء عليه منذ 05 جويلية الماضي، وللتنكيل به عبر ذلك الحكم القاسي الذي ترجم تلك التهم الجنائية التي تفتقد لأي سندات مادية أو واقعية غير روح الانتقام الرخيصة.

إن الإمعان في مطاردة مراسل قناة الحوار التونسي في قفصة وتتبعه لا يمثل إلا خسارة إضافية لواقع حرية التعبير وحق الاختلاف في بلادنا، وانعكاسا لمزيد خنق الحريات الصحفية والإعلامية في محاولة لإبعاد التونسيات والتونسيين عن الاطلاع على حقيقة الأوضاع في بلادهم ومحاولة تقديمها للرأي العام الدولي في صورة نمطية مهترئة. لكن لا شك أن المساندة التي يمكن أن يجدها الفاهم بوكدوس من الصحافيين ونشطاء المجتمع المدني وكل الأحرار والشرفاء سيخفف من معاناته، ويعزز إيمانه بشرف مهنته وبكل القضايا العادلة التي ينتصر إليها.

عفاف بالناصر

قفصة في 10 جانفي 2009


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني