الصفحة الأساسية > البديل النقابي > 1 مـاي في قفصة
1 مـاي في قفصة
5 أيار (مايو) 2008

وجهان مختلفان عرفتهما الاحتفالات باليوم العالمي للعمال بجهة قفصة عكسا طبيعة التفاعل مع هذه المناسبة والرؤى النقابية التي تقود أصحابها، ففي مقرّ الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة، قاد عمارة العباسي كعادته السنوية "عزفا منفردا" خصّصه هذه المرّة للدفاع عن نفسه أمام ضخامة حجم الاتهامات التي تُوجّه له من قبل الفاعلين الاجتماعيين بالجهة صاغها في خطاب سوقي ومتشنّج مسّ الأشخاص والخصوصيات والأعراض، وهاجم فيه الحركة الاحتجاجية بالجهة وأساسا بالرديف وأم العرائس في الوقت الذي تجد فيه مساندة وتضامنا كبيرين من كل الفئات والقطاعات والجهات لمشروعية مطالبها وعدالة مضامينها، ولعلّ ذلك ما جعل جزء هام من الحضور النقابي الضعيف يغادر القاعة مبكرا تاركا المكان لعشرات أعوان الحراسة الذين بات الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل يحتمي بهم تعويضا للفراغ النقابي الذي بات يحيط به طيلة السنوات الماضية، غير أن ذلك لم يمنع عديد الأصوات الحاضرة من أن تهتف لاستقلالية المنظمة وديمقراطيتها ونضاليتها في ردّ على الإسفاف الذي عُوملت به تلك المناسبة، ولو أن ذلك قد عرّض عضو فرع قفصة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السيد فتحي تيتاي لتهجّم "قباضيات" عمارة العباسي.

أما في الرديف فقد عرف الاتحاد المحلّي احتفالا استثنائيا بالمناسبة حيث غُطت جدران المقر منذ الصباح بشتّى أشكال التغطية الإعلامية لتفاصيل وتداعيات الحراك الاجتماعي (بيانات، صور، شعارات، شعر...) كما علا صوت التسجيلات الموسيقية لعديد الفنانين الملتزمين في الوقت الذي التحق فيه بالمكان المئات من المواطنين لحضور الاجتماع الخطابي الذي بدأ مع الساعة العاشرة صباحا وتواصل لأكثر من ساعتين وتناول فيه الكلمة عديد النشطاء النقابيين ومناضلو المجتمع المدني من الرديف وأم العرائس وقفصة (عمّار عمروسية) والقصرين (ساسي بوعلاق) وبن عروس (النفطي حولة) والذين وقفوا على جملة من الأفكار لعلّ أهمّها:

- مشروعية المطالب التي رفعتها الحركة الاحتجاجية بمنطقة الحوض المنجمي ممّا جعلها تلف حولها أعدادا غير مسبوقة من الأهالي.
- مدنيّة التحركات وسلميتها ممّا أضفى على الاحتجاجات الشعبية احتراما وتقديرا فائقين.
- بروز زعامات شابّة قد تتبوأ مكانة هامّة في الحراك الاجتماعي والسياسي في تونس في السنوات القادمة.
- أهمية حركة المساندة للمنجميين سواء في تونس أو خارجها ممّا ساهم في إعطاء دفع إضافي للمحتجّين وربط التواصل بين فعاليات نضالية مختلفة.

كما حضر الملف النقابي بقوّة حيث وقف جلّ المتدخّلين على التغييرات الهائلة اقتصاديا واجتماعيا في العلاقات الشُغلية التي نجم عنها توسّع الاهتمامات النقابية وانفتاحها أكثر على المشاغل الحياتية لبقية فئات المجتمع وقطاعاته، وهو ما تجلّى أساسا في تحمّل الاتحاد المحلّي بالرديف مسؤولياته تجاه معطّلي ومهمّشي الجهة واحتضانه لشتّى أشكال نضالاتهم والدفاع عنهم والتفاوض من أجل ملفاتهم، وهو دور لم يجد قبولا لدى المركزية النقابية والاتحاد الجهوي للشغل، وهنا أبدى المتدخّلون نقدا كاسحا لهذين الطرفين الذين أُتهما بمحاصرة الفاعلين النقابيين بالجهة في محاولة لدفعهم للتنصّل من الحركة ولو كان ذلك عبر العقاب النقابي، وقد دعا المتدخّلون إلى إبطال قرار التوقيف عن النشاط النقابي في حقّ عدنان الحاجّي، وسط هتافات مئات الأهالي الذين غصّت بهم الساحات المقابلة لمقرّ الاتحاد:

- يا عمارة يا جبان الرديف لا تهان
- يا حشّاد شوف شوف الخيانة بالمكشوف

وكان السيد بشير العبيدي قد تدخّل باسم المعتقلين والموقوفين واصفا شتّى الأهوال التي جابهها الأهالي ورموز الحركة المطلبية من قبل شتّى التشكيلات الأمنية، واقفا عند كلّ التجاوزات التي حصلت في حقهم مندّدا بها ومستغربا من تواصلها، موجّها أصابع الاتهام إلى وجوه بعينها أمرت بالتعذيب والتنكيل، وأخرى نفذت بكل همجية وبربرية، واقفا بالأساس عند المدعوين لطفي حيدر رئيس منطقة الأمن بالمتلوي ومحمّد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بمنطقة الأمن بقفصة، محمّلا إياهما مسؤولية هامة في ما حصل من انتهاكات جسيمة لأعراض وأجساد الأهالي والمعتقلين، داعيا سلط الإشراف إلى التحقيق الجدّي في الأمر ومحاسبة الجلاّدين وأعرافهم حسابا يليق بجرائمهم.

كما لم ينسى العبيدي أن يؤكد على أن كلّ تلك العراقيل والتجاوزات لا يمكن أن تمنع نشطاء الحركة الاحتجاجية وقادتها من مواصلة تبني نفس المسار النضالي حتّى تحقيق المطالب المرفوعة، وقد قوطع هذا الخطاب أكثر من مرّة بشعارات محيية صمود المحتجّين ومندّدة بجرائم الجلاّدين.

وقد كان لأهالي الرديف موعد مسائي فنّي انطلق مع الساعة السادسة وتواصل حوالي ساعتين وأثثت الشطر الأول منه مجموعة موسيقية من أبناء الجهة الذين غنّوا جملة من الأغاني الملتزمة للبحث الموسيقي ومرسال خليفة والشيخ إمام، وقد تفاعل معها الحضور الكبير الذي استمتع بعدها بفقرات شعرية ليُترك المكان بعد ذلك لفرقة جلالة التي غنّت أفضل الأغاني لمجموعة جيل جلالة المغربية وسط تفاعل شعبي مؤثر وغير مسبوق.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني