الصفحة الأساسية > البديل الوطني > أي موقع لصاحبة الجلالة بعد انتخابات التأسيسي؟
بالمـرصـاد:
أي موقع لصاحبة الجلالة بعد انتخابات التأسيسي؟
3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

يمكن الجزم أنّ قرارات المحكمة الإدارية في علاقة بالطعون الانتخابية لن تغيّر كثيرا في خريطة المجلس التأسيسي، وعليه فإنّ رقاب التونسيات والتونسيين مشرئبة في اتجاه محتوى الدستور الجديد نظرا لما شاب سابقه من نقائص جوهريّة عند سنّه أو ما لحقه من تشويهات طوال حكمي بورقيبة وبن علي.

ويبدو أنّ الصحافيين التّونسيين أكثر إصرارا هذه المرّة على رؤية وجوههم بأكثر وضوح في مرآة الدستور الجديد بما يعنيه ذلك من سنّ فصول قاطعة ومتميّزة تحمي القطاع من أيّ تجاوزات ممكنة أو ديكتاتوريّة محتملة، وتنظر إليه من زاوية دوره في الثورة التونسيّة وفي التغييرات المجتمعيّة المقبلة وخاصّة بعد التطورات النوعيّة في قطاع الاتصال.

إنّ التنصيص على نديّة سلطة الصحافة والإعلام للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائيّة وتفاعلها معهم في بناء الدولة الجديدة لن يكون معطى دستوريّا مفارقا أو تضخيما لحجم قطاع قد يجد مكتسبات في مجلة الصحافة الجديدة وإنّما هو إرجاع لحقّ مشروع سلبته أنظمة طالما ناصبت له العداء وحاولت تطويعه لخدمة أجندات بعيدة عن جوهره.

كما أنّ التأكيد على أنّ أيّ انتهاك للصحافيين ولمهنتهم من أيّ جهة كانت يُمثّل جريمة دستوريّة يبدو أكثر ضمانا بأن يلعب أصحابه أدوارا متقدمة في بناء تونس الجديدة بعيدا عن التجاذبات السياسيّة والإملاءات الماليّة، مثلما يُمثّل حصانة متقدّمة لمهنة مازالت تلاقى شتّى الصعوبات حتّى في أعتى الديمقراطيات وتجعل فرسانها فريسة لتلك المراسيم أو المكمّلات القانونيّة التي تحصرهم في إطار مصلحة الدولة والأمن العام وتُعاملهم ضمنيّا كأفراد ناقصي وطنيّة أو معدومي المسؤوليّة في إسقاطات لتجارب سياسيّة قمعيّة.

إنّ الوصول إلى مصادر الخبر ونشره وتعميمه بدأ يأخذ في السنوات الأخيرة أهميّة فارقة في حركيّة المجتمعات والسياسات المحلية والدوليّة أعطاه ملفّ ويكيليكس شحنات إضافيّة. وإنّ وقاية الخبر من أيّ تعتيمات ممكنة مهما كان مصدرها وإخراجه من أرشيفات المؤسسات السوداء لن يحصل بمجرّد وجود إرادات سياسيّة أو بحصول تسريبات من هنا وهناك وإنّما يرتهن بقدرة جمعيّة يسنّها الدستور ويحميها.

ولعلّ هذه الفصول لن تمثل فقط حاضنا قانونيا للقطاع الإعلامي والاتصالي، وإنّما ستلعب دورا سياسيّا في تشكيل سلطة الإعلام التي مازالت لحدّ اللّحظة رهينة مبادرات فرديّة وسلوكات نقابيّة ترهنها في كثيرا من الأحيان لسلطة الحزب والحكم والمال وتُوزّعها بين بقيّة السّلطات في تخوّف من أدوار لم يلعبها لحدّ الآن ومنذ أكثر من خمسة عقود. ولعلّ المهنيّة وأخلاقيات المهنة والالتزام بمكتسبات الثورة وحقوق الأفراد والجماعات الذين حققوها سيُمثّل أهمّ علامات بناء هذه السّلطة التي لن تحتاج للقوّة الماديّة لبناء صرحها ولا لانتخابات أو استفتاءات لإعلان شرعيتها.

الفاهم بوكدّوس



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني