الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > أتراه يعود...؟
أتراه يعود...؟
2 أيار (مايو) 2010

الإهداء إلى اللاتي يعشن الوجه الآخر للسرية

الشمس بالكاد أشرقت، مكانه فارغ، تلمست الفراش إنّه باردا، لقد قام منذ فترةǃ هاهو صوته قادم من المطبخ:
- صحّ النومǃ تفطرين معي؟
- أكيدǃ

صمتت قليلا، أتراه يعود؟ لم يكلمها في الموضوع لكنها أحسّت ذلك. البارحة جفاه النوم ضل يتقلب كأنما على الجمر. خيّم الصمت على الفطور، لم ينبس ببنت شفة على غير عادته لكنها لم تعلق، اكتفت بابتسامة دافئة وسألته:
- نشوفك اليوم ولاّ كيف العادة؟
- يمكن

أرادت أن تغادر البيت قبله، فهي لم تكن تحبّ لحظات الوداع، طبعت قبلة على خده وانصرفت. لم تمرّ ثوان حتى عاد الباب وانفتح، إنها هي مرة أخرىǃ
- نسيت بعض الأوراق.

قلّبت أوراقها على الطاولة لم تأخذ منها شيئا، اتجهت نحوه ضمته بحرارة ثم انصرفت. الأفكار تتدفق في رأسها كالسيل كالطوفان في ذاك الزقاق الضيق هل تراه اليوم أم أنها آخر لحظات تلك التي قضتها معه هذا الصباح؟ أيرجع إلى تلك العادة التي و إن تكررت لم تألفها ولا تعودت عليها؟ أتُراه...؟ أتُراه...؟ أتُراه..؟

أسرعت الخطى علّها تسبق سيل الأفكار الذي يكاد يغمرها. فجأة تتوقف، طيف على عجل صدمها ومرّ غير مكترث، يا للفظاظةǃ التفتت إليه
- تي ماو...

إنه هو، كيف تخطئه وهي التي تعرفه منذ زمن، نعم إنه هو ذلك الأصلع الدميمǃ ثم يلحق به آخر فمجموعة، إنهم في كل مكان سرب من الجراد يتجه نحو البيت.
- كيفاش سمعوا أولاد الـ...كلبه؟

أسرعت خلفهم، أتراه سبقهم؟
- أرجو أنه خرج؟

دفعت الباب، البيت فوضى عارمة رائحة أوراق محروقة. جالت ببصرها في الغرفة لم ترى غير البوليس والمخبرين يفرغون ما في الرفوف والخزائن في حركة هستيرية دون هدف، صاحت فيهم:
- باش تلقوه في الخزانة وإلاّ على الرف؟ عندكم تصريح باش تفتشوا؟

انقضّ عليها الأصلع، دفعها إلى الحائط وانهال عليها بالضرب والسباب.
- وين مشا؟

لم تجبه لكنها رمقته بنظرة حقد حارقة جعلته يتراجع خطوات إلى الخلف.
- ماهيش باش تتكلم بنت الـ...، الليلة نضيفها عنا، قلّو يجي يحز عليك أتو ينفعكǃ

وتعالت الضحكات، قيّد يديها خلف ظهرها ودفعها في خشونة. ابتسمت وهي تتمتم "نعم عاد حبيبي إلى السرية".

آرام


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني