الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > أريد أن أحـــلم
أريد أن أحـــلم
9 آذار (مارس) 2008

الإهــداء: إلى شاهين السّافي، حتّى لا يتلاشى الحلم..

لا نحب الألم، الخوف، الألم، العدم، العبث، اليأس، السهولة، الصعوبة وانهيار الأمل وتفشى كوليرا اليأس فينا...

نحلم ونتخيل ونُغمض أعيننا أحيانا حتّى لو في قلب المدينة الصّاخبة بكل أصواتها المُزعجـة: بزمامير السيّارات واللغو البشري والحركات المجّانيّة، نحلم ولـو كنّا في زمـن اليقظة..

نحلم لنرحــل إلى عالم سُـريالي يطفح بالخيال، بالمعجزات والغرائب.. ملائكة، ورود وزنابق، لوحات تشكيليّة، مسرحيات دون ركـح ولا إضاعـة، أفلام دون شاشة عرض، شُمـوع مُضيئة، دببة بيضاء وقلوب حمراء، كلّها تتطاير ونطير دون حدود، مُتناثـرة بين النّجـوم والنيازك..

بعد أن ودّعتنا الأرض صُحبة إخوتنا في الإنسانيّة، ضاقت بنا.. بأطماعنا وحروبنا، بالإستبداد والظلم، والفوارق الطبقيّة.. بالسّجون والمشانق تهمس إلينا: أنـا أرض الزنابق.. ليست للمشانق.. لست للسّجـن والسجـون أنـا الحياة.. آه أودّعــكم أبنائـي.. وهي تنساب ذرّة وراء ذرّة، تذوب بكل جمالها ومصابها دون أن تنسى أن توصينا بوصاية أحــد أبنائها..

نيتشه: "لا تتّخذوا لكم من الأعـداء إلاّ من يستحق البغضاء وتجاوزوا عــن عـداء من لا يستحقّ إلا الإحتقار..."

يتامـى نحن، تـرحـل أمّنا "الأرض" وتتركنا في قلب تسونامي الفضاء، العين هي السّاق تنقلنا إلى حيث نشاء...

البشريّة جمعاء مُعلّقة في الفضاء.. نساء.. رجال.. أثرياء..

بُسطاء.. حكّام.. شعراء وكتاّب.. الكل سواء.. الثروة الوحيدة هي البصـر...

هل تتخيّل؟ وهل تحلم معي؟

في غمـرة الطـوفان البشري، تـرى محمود درويش يهذي من حمّـى اللاوطن واللاحدود واللاكره واللاقتال واللاألم واللاحقد...

لك حلم يسبق الشعر بهيّ

ونداء يسبق الإيقاع بحـريّ

كأنّ الليـل هـذا

خلوة الخالق بالمخلوق

كُن سيّــد أوصافك منذ الآن

يا بُـنيّ لك حلم

فاتبع الحلم بما أُوتيت من ليل.. وكن إحدى صفات الحلم

وأحلم تجد الفردوس في مـوضعـه..

في خضم الفوضى البشريّة، سقطت الرّقابة وأينع الحلم إليك وأزهر، فاتّكل على عينيك هي الحلم في الفضاء..

وغير بعيد عن محمود درويش تستمع إلى مرسال خليفة إلى سيلين ديــون، إلى نجاة الصغيرة وجـاك بريل...

تفيق من هدوئك وتنتقل عيناك إلى أطفال صغار على هيئة الملائكة يُرتّلون ترانيم السلام ويغنّون أغاني فيروز...

يقطع انتباهك طفل صغير يُحدّثك ببراءة: هل تعرف من نحن؟ نحن أطفال العراق: بغداد وكربلاء ونحن أطفال فلسطين: غزّة والضفة، وأطفال لبنان : قانة وبيروت..

هل تعرف كيف نموت؟ برصاص وقذائف، بعضنا يموت وفي يده حجر وبعضنا يموت وفي يديه ورد هديّة لأمه أو صديقة .. يرمينا الرصاص إلى دائرة الموت ولكنّ الموت يصيّرنا ملائكة لأننا شهداء وأيضا صغار..
مثلا هل تعرف من قتلني؟ ذاك المعلق ورائك تستدير وتراه.. تُدمع عيناك فأنت الآن في الحلم لا رصاصا ولا قذائف وعالمك الحالم لا يتيح لك الإنتقام فتتذكّر كلمات أمك: الأرض :"تجاوزوا عن عداء من لا يستحقّ إلا الإحتقار.." ذاك المعلّق ورائك وكلّ الجلادين ورجال السياسة علما وأنهم يعيشون البؤس واليأس في عالمك الحالم... تتيه في الطوفان البشري وتندفع ممطرا إلى نصفك المعلّق في الفضاء تودّ لو تقرب منه إلا أن حالة إنعدام الجاذبية لا تمكنك من التنقل إلى حيث تشاء فتنسف أحلامك ومشاريعك... تغامر بروح العاشق وثورة المقاتل لتبوح لشطرك السابح الذي ينتظرك بشغف وولاء.. تستعير من الروائيّة هيفاء بيطار جملة من روايتها "امرأة من هذا العصر" فتبحث عن هيفاء لتعتذر لها على الإستعارة وتشكرها أيضا على هوسها اللغوي وتصرخ بأعلى صوتك: ذراعايا ممدودتان حتّى أقصاهما راسمتان زاوية قائمة مع جسدي: هذا هو الصليب.. وتفتح يديك فيصل صوتك مكلّلا بشبق الحياة وجنونها..لتُرسم مساحة للحلم مكلّلة بالسفور والحبور والنّدى...

خولة الفرشيشي


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني