الصفحة الأساسية > بديل الشباب > أين الحقيقة فيما جرى ويجري؟
أين الحقيقة فيما جرى ويجري؟
14 نيسان (أبريل) 2010

تجري الإشاعات في الأوساط الشعبية هذه الأيام، في العاصمة تونس خاصة، حول حملة الإيقافات التي يقوم بها "الأمن" التونسي في صفوف الجمهور الرياضي من محبي فريق الترجي الرياضي التونسي خاصة. وفي هذا الصدد تروج أخبار كثيرة ومتنوعة بل ومتناقضة أحيانا حول مخلفات الأحداث العنيفة والمؤلمة التي شهدها ملعب المنزه عشية يوم الخميس 8 أفريل الجاري بتونس العاصمة، من هذه الأخبار الحديث عن مقتل عدد من أعوان الأمن وكذلك وفاة طفل صغير ومنها أيضا التقديرات المختلفة لحجم الأضرار المادية الحاصلة في تجهيزات الملعب (كراسي...) وقد بثت التلفزة التونسية التي نقلت المقابلة على الهواء صورا من ذلك. ومن الإشاعات أيضا أن عملية قطع الكهرباء قبل انتهاء المباراة ببعض الدقائق كانت مدبّرة ولم تكن مجرّد عطب مفاجئ. وعلى خلاف ما أعلنته التلفزة التونسية مساء يوم الأحد 11 أفريل في برنامج الأحد الرياضي من أن "البوليس تصرّف بحكمة" يقول الكثير ممّن حضروا المقابلة أن فرق البوليس هي التي تسبّبت في هذه الأحداث ذلك أن مجموعات منها كانت تحركت تجاه المدارج قبل أن ينقطع التيار الكهربائي وأن بعض الأعوان كانوا تسللوا إلى المدارج وحالما انطفأت الأضواء في جانب من المدارج قاموا باستفزازات للجمهور الغاضب من نتيجة المباراة التي تعادل فيها الترجي مع فريق حمام الأنف (الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة).

وقد نقلت قناة "تونس 7" التلفزية مشاهد من العنف مثل اقتحام بعض المتفرجين للميدان والاعتداء على بعض اللاعبين (الاعتداء على اللاعب المعار من الترجي لفريق حمام الأنف والذي سجّل الهدف الأول لفريقه). وكان هذا اللاعب صرّح للتلفزة بأن أحد مسؤولي فريق الترجي هو الذي اعتدى عليه مخلفا له أضرار في وجهه.

وقد سارعت الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة باتخاذ سلسلة من العقوبات ضد فريق الترجي (خطية مالية، حرمان جمهورها من عدد من المقابلات، تغريم بكلفة إصلاح المعدات المتضررة...) فيما تكتمت وسائل الإعلام عن طبيعة الإجراءات الأمنية الأخرى التي تم اتخاذها ضد عدد من المتفرجين. وتفيد بعض الإشاعات أن أكثر من 200 محبّ من أنصار الترجي قد تم القبض عليهم وإيقافهم على ذمة التحقيق ومن المنتظر أن تتخذ في شأنهم عقوبات بالسجن كتلك التي اتخذت ضد عدد من المتفرجين منذ سنوات بمناسبة مقابلة الترجي والأولمبي الباجي في باجة والتي ذهب ضحيتها قتيلان من جمهور باجة.

وإن كان تعدّد أحداث العنف أثناء المباريات الرياضية يشهد على عمق الأزمة التي تتخبّط فيها الرياضة في بلادنا وانسداد الآفاق أمام شبابنا الذي أضحى فريسة مفضلة للبطالة والأمراض الاجتماعية، فإنه من غير الخافي أن المعالجة الأمنية في هذا الباب لا يمكن أن تضمن التحكم في الأحداث التي تنشب من حين إلى آخر بمناسبة المقابلات الرياضية خاصة في مرحلة أوشكت البطولة التونسية على الانتهاء وباتت "حمّى الحماس" للانتصار لهذا الفريق أو ذاك لنيل البطولة أو لتفادي النزول إلى درجة دنيا في أوجها.

إن المعالجات الأمنية والتستر على الأحداث وأسبابها وإخفاء الحقيقة على الشعب، عوضا عن الانكباب على الأسباب الحقيقية للعنف في الملاعب، كلها أساليب أثبتت فشلها الذريع. ومن الأكيد أن حالة الاحتقان والغضب التي تتملك الشباب نتيجة الفقر والبطالة والإحساس بالحرمان والغبن ستتخذ من أبسط الأسباب وحتى أكثرها تفاهة لتفجّر أحداثا أكثر عنفا ودموية سيكون أبناء الشعب هم الوحيدون الخاسرين فيها فيزج ببعض منهم في السجن أو يعنف هذا إذا لم يلق حتفه.

مشاهد


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني