راشد الغنوشي

هذه بعض التوضيحات حول التصريحات التي قدّمها السيّد راشد الغنوشي في برنامج «الصراحة راحة» الذي بثّته قناة حنبعل في سهرة السبت 29 أكتوبر 2011 والتي أرادها/ظنّها «مطمئنة».

• قال السيد راشد الغنوشي: «التوانسة أسقطوا كلّ بنود الدستور إلاّ بند الهوية والتونسي عندما يقوم كل صباح لا يسأل نفسه من أنا؟ تونسي؟ افريقي؟» .

والمقصود الفصل الأول من الدستور: تونس دولة مستقلة لغتها العربية ودينها الإسلام.

1. إذا كان هناك فصل أو بند أو مبدأ وارد بالدستور القديم لم يسقطه الشعب التونسي بل قام بالثورة دفاعا عنه، عن محتواه الذي أفرغ بفعل دولة الاستبداد فهو الفصل الثامن من الدستور القديم: فصل الحريات.

2. الشعب التونسي لم يقم بثورة ليؤكد هويته الإسلامية وحتى يطمئن كل صباح عند قيامه من النوم.

3. الهويّة العربية الإسلامية للشعب التونسي لا تعطي لأيّ طرف يتكلم باسم الدين أو باسم القومية شرعية المسك بالسلطة لأنّ هذه الهوية أمر عام شائع ومشترك بين كلّ التونسيين والعقيدة والطقوس أمر خاص من قبيل الحريات والحقوق الفردية (كلّ شاة معلقة من كراعها) والاقتصاد والتنظيم الاجتماعي شأن دنيوي من اختيار وتنظيم البشر.

4. تتحدث عن الهوية الإسلامية بأيّ مرجعية؟ الشقّ النيّر من الزيتونة في الثلاثينات مثلا؟ أو الشقّ المحافظ؟

الإسلام بقراءة ابن تيمية وابن الجوزاء والسيّد قطب وأبي العلاء المودودي؟

أو الإسلام النيّر العقلاني المتحدر من: عبد الله بن المقفع... والمعري... والتوحيدي... والحاحظ... وابن طفيل... وابن رشد... وابن خلدون... ورواد النهضة من أمثال: الأفغاني ومحمد عبدة ... ومصطفى خزندار... والطهطاوي... والطاهر الحداد...

• قال السيد راشد: «إسرائيل دولة احتلال» .

1. يعني هناك إسرائيل دولة في المنطقة وهناك فلسطين وهي دولة محتلة. وإسرائيل يعاب عليها احتلالها لبعض الأراضي التابعة لفلسطين (في أحسن الحالات حسب تقسيم 1948 أو حدود 1967 أو تقاسم القدس: شرقية وغربية).

2. هل هذا هو موقف الاتجاه الإسلامي/حركة النهضة أم هذا موقف جديد؟ متى تبنته النهضة؟ قبل أو بعد الزيارة الأخيرة لأمريكا والإشادة خلالها بالطابع الديمقراطي لدولة إسرائيل لأن بها أحزابا دينية.

3. ما هو الدور الذي لعبته قطر في هذا الطُرْح/الطَرْح.؟ علما وأنّ قطر هي راعية التطبيع في علاقة بالأنظمة العربية. والجزيرة هي راعية التطبيع في علاقة مع المواطن العربي، إذْ هي التي أدخلت «إسرائيل» إلى البيوت العربية وسياسة «الأمر الواقع» إلى القلوب العربية.

• قال السيد راشد الغنوشي: «هذا من المرات القليلة التي تلتقي فيها مصلحة الداخل مع مصلحة الخارج» .

1. الداخل: حزب برؤيته وتحالفاته وانتمائه لمنظومة عالمية وانخراطه في مشروع بلبوس ديني على شاكلة الإسلام التركي.

2. الخارج: الشرق الأوسط الذي أعدّه البيت الأبيض الأمريكي وقلبه ومحوره الكيان الصهيوني وأداة تنفيذه الرجعية العربية بزعامة قطر.

الذين بادروا بالتهاني: أردوغان كلمني وزارني سفير قطر.

• قال السيّد راشد الغنوشي: «الإسلام في صعود... العلمانية في تراجع في العالم... وسوف يصلنا سفراء من فرسا مسلمون... ومن أمريكا أيضا مسلمون...» .

1. هؤلاء المسلمون سيطبقون سياسة هي سياسة بلدانهم، سياسة الأنظمة التي أرسلتهم ولن يفكروا في مصلحة الشعب التونسي لا لشيء إلا لكونه شعب مسلم.

2. هل تعتبرهم أصدقاء للشعب التونسي يا أيّها السيد راشد لأنّهم مسلمون؟ وهل تمنحهم صكّ الدخول لجنة تونس لنهب خيراتها لأنّهم مسلمون؟

3. وما رأيك في مئات وآلاف من أحرار العالم، من العالم الغربي الذين يطالبون بلدانهم بفسخ ديون العالم الثالث ويعتبرونها نهبا استعماريا وبعثوا جمعيات مختصة في النضال من أجل هذه الغاية.؟ !!! هؤلاء هم أصلا من العلمانيين وليسوا على الأرجح من المسلمين وإذا وجد بينهم من ينتمي للثقافة أو العقيدة الإسلامية فهو وأنت على طرفيْ نقيض في الفكر الاقتصادي إن كان لك فكر طبعا !!!).

• قال السيد راشد: «فندق البحيرة الإسلامي لا يعرف الشغور ولم يعرف البطالة».

فندق البحيرة «الإسلامي» يحمل «لابل» ) label) سلسلة فنادق فرنسية عالمية شهيرة ومن طراز عال وتبيع الخمرة في كلّ أرجاء المعمورة. وصاحب هذا النزل «الإسلامي» يملك عديد النزل بالمنستير وسوسة مثلا وجميعها يوفر الخمرة لحرفائه. ولكنّه لا يستطيع بيع الخمرة بنزله الكائن بالبحيرة لأنّ الخمرة ممنوعة بكامل منطقة البحيرة التي وقع تهيئتها بأموال نفطية اشترطت في العقد منع بيع الخمرة لسنوات (لا يعلم متى تنتهي/متى انتهت إلا أرباب النفط)

1. وعلى كلّ حال يعرف أعوان بلدية البحيرة الذين يرفعون الفضلات (الشقوفات حكك وقزاز/علب وقوارير) المجموعة يوميا من هذا النزل «الإسلامي» مقارنة بفضلات النزل غير الإسلامية... ومئات بل آلاف العمال والموظفين الذين مرّوا بهذا النزل وسوّاق التاكسي... كيفية دخول هذه المشروبات الكحولية للفضاء الإسلامي «مستوردة» خاصة من مؤسسة كارفور المجاورة...

2. صحيح هو لا يعرف الشغور أي غرفه دوما محجوزة بنسبة مائة بالمائة هذا أمر معروف. أمّا البطالة... كلّ العاملين به من المدير إلى البواب يعملون بنظام العقود المتجدّدة والتي لا تتجاوز في كلّ الحالات وفي أحسن الحالات الأربع سنوات. والعديد منهم يجد نفسه في عداد البطالين قبل السنة الرابعة.

3. أمّا الأجور فتخضع لشبكة ضعيفة جدّا بل هزيلة ولا يتصوّرها من لا يعرف الدواخل «يا مزيّن من برّة واش حالك من داخل»؟ أو كقولك: «الاسم العالي...» .

4. إنّ هذه المؤسسة «الإسلامية» الطيّبة تكثر من تشغيل حملة الشهائد وتدفع جزءا من الأجور الهزيلة للمنتدبين وتتكفل الدولة التونسية بدفع قسط من أجورهم حسب المنظومة المعروفة «السي في بي» ومعلوم أنّ أهمّ نسبة من ميزانية الدولة متأتية من أداءات الأجراء... أي الأجراء يساهمون في دفع أجور الأجراء لهذا النزل الإسلامي! (هكذا!).

رضا البركاتي