الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة إلى أين؟
على ضوء مهرجان قليبية للسينمائيين الهواة:
الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة إلى أين؟
23 آب (أغسطس) 2007

يعدّ مهرجان قليبية من أعرق المهرجانات التي تهتم بالسينما، وهو المدرسة التي تخرّج منها العديد ممن يعملون ويبدعون في هذا الحقل.. وتعدّ الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة، بأرضيتها الثقافية الإطار الذي يربّي الملكات لدى الناشئة ويسلّحهم بالمعرفة التقنية والفنيّة التي تساعدهم على هندسة أفلام تدافع عن الإنسان وعن القيم التقدمية وتناصر الشعوب المضطهدة وتدعو إلى نشر العدل والسلام والمساواة بين الإنسانية في القيم الراقية حتى لا تبقى حكرا على شعوب دون أخرى.. مرجعيتها في ذلك تاريخها، وبوصلتها أرضيتها الثقافية التي توحّد بينها وبين الجامعة التونسية لنوادي السينما في التوجهات الفكرية من حيث جدّية القضايا المتناولة في الأفلام المُنْجَزَة مثل "النفق" و"بدون رصاص" و"الجدار" و"شغل – شغل" و"الصفارة"، وغيرها كثير.. والخيارات الجمالية من حيث معالجة الصورة بكل مكوّناتها من "زوايا التصوير" إلى "الإضاءة" مرورا بكل تفاصيل الإطار العام لهذه الصورة. لقد شهدت الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة في السنوات الأخيرة انحصارا للنوادي وتشتت وتفكك بعض النوادي القائمة مثل نادي تونس، وعرقلة بعث نوادي جديدة مثل نادي قنطرة الذي لم تسمح له الجامعة بعقد جلسته العامة إلا بعد أن يتحصّل على مقرّ نشاط في أحد دور الثقافة أو الشباب وهو ما لم يعد ممكنا بسهولة أمام تعنّت وزارة الثقافة وغلقها لأبواب الفعل الثقافي المستقل عن قرارها، مثل أنشطة نوادي السينما والسينمائيين الهواة. وقد لعبت مكينة النظام الداخلي في السنوات الأخيرة دورها في تجميد وطرد بعض العناصر وهي محاولة منها لهرسلة من تخوّل له نفسه التنطّع على المكتب الجامعي الحالي. (ما وقع في نادي المروج، ونادي حمام الغزاز...).

لقد أشرنا في العديد من المرّات السابقة إلى أن التوجهات الجديدة التي باتت تشقّ الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة ستجعل منها "ملحق ثقافي بوزارة الثقافة التونسية" تملي من خلالها خياراتها وتوجّه خطها الثقافي العام عبرها.. سواء من حيث اختيار الأفلام أو عند التتويج، بدعم نوعية وتوّجه يخدم نفس السياق ويحرّض الشباب على توجّه معيّن عند التفكير في انجاز عمل حتى يحصل على جائزة.

وفي هذا العديد من المؤشرات التي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "على راس كلب" لمروان المؤدب بتعلّة أنه يحرّض على العنف أو "بدون رصاص" لسامي التليلي بدعوى أنه يحرّض على الانتحارية والتطرّف، أو "شغل – شغل" لأمين الغزّي.. كما سجّلنا من جملة المؤشرات ما وقع خلال الدورة الدولية الفارطة (2005) منع فرع تونس لمنظّمة العفو الدولية من منح الجائزة التي خصّصها للفلم الذي يدعم ثقافة حقوق الإنسان على المنصّة الشرفية، وسُمِح له بذلك في فضاء النزل الذي يقيم به المشاركون.. وفي دورة (2006) وهي دورة وطنية مُنِع الفرع من تسليم الجائزة حتى في فضاء النزل.. وفي نقاش مع أعضاء الهيئة برّروا ذلك بأن الوزارة والسّلط المحلية هدّدت بإيقاف المرجان نهائيا وإلى الأبد إذا سُمِح بتسليم جائزة منظمة العفو الدولية.. وهو ما صرّح به السيد رضا بن حليمة عضو الهيئة والسيد عادل عبيد رئيس الجامعة.. وقد سبق ذلك في الافتتاح منع معرض صور لأحد أبناء نادي قليبية تكريما له بعد وفاته وذلك لمواقفه غير المسايرة لسياسة السلطة.. وغيرها من التنازلات الكثير الذي سنعود إليه في نصوص أخرى، وهو تمشّي يضع مستقبل الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة محط سؤال، ويضع استقلاليتها في الميزان..

وحتى لا نظلم الآخرين ونصبح من النادمين تابعنا مسألة جائزة فرع تونس لمنظمة العفو الدولية هذه السنة (2007) منذ الإعداد واتصلنا بممثل من فرع تونس لمنظّمة العفو الدولية أفادنا: "أن الجامعة أعلمتهم عندما اتصلوا بالسيد رضا بن حليمة والسيد عادل عبيد أنه لا سبيل لبرمجة جائزة خاصّة بأفلام حقوق الإنسان وذلك لما قد تسببه من توتر علاقات مع الوزارة..

لكن النقاشات عادت من جديد مع المكتب الجامعي للسينمائيين الهواة وقدموا بعض الاحترازات التي أخذناها بعين الاعتبار وتم ّ بناءا على ذلك تشكيل لجنة تحكيم، وما راعنا إلاّ أن السيد عادل عبيد يتّصل بنا هاتفيا على الساعة الخامسة مساء يوم الافتتاح ليعلمنا أنه وقع حذف جائزة فرع تونس لمنظمة العفو الدولية. وعند محاولة النقاش معهم من جديد أكّدوا أن لا سبيل إلى المحاولة لأنّ القرار تمّ اتخاذه بالأغلبية داخل الهيئة المديرة للمهرجان وبشكل "ديمقراطي" وبمزيد الاستيضاح قدمّ السيد عادل عبيد مبررات واهية مثل أن السلطة ممثلة في الوزارة في الهيئة المديرة للمهرجان هي التي لمّحت لنا تلميحا بأنها لا ترغب في وجود منظمة العفو الدولية ضمن المنظمات التي تدعم المهرجان، ثمّ أضاف أن الهيئة المديرة قرّرت عدم تقبّل أي جائزة أو دعم إلاّ من منظمة تعمل في الحقل الثقافي وعند مواجهته بالجائزة التي يسندها اتحاد الشغل سنويا أجاب بأن اتحاد الشغل منظمة وطنية... ملمحا إلى أن الفرع تونسي لمنظمة العفو الدولية غير وطني، وكأن السيد عادل عبيد أكثر وطنية من الفقيدين نورالدين بن خذر وأحمد العثماني وغيرهم ممن أسّسوا الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية أو هو مكلّف بتوزيع صكوك الوطنية للجمعيات التي تنشط في مجال حقوق الانسان سواء كانت معترف بها أم لا.

أيّ مصير لمنظّمة كالجامعة التونسية للسينمائيين الهواة خارج الاستقلالية في القرار وفي التسيير والتوجهات؟؟
وأي ثقافة هذه التي تهندسها سلطة لم تفلح طيلة نصف قرن من الزمن إلاّ في زرع ثقافة الخرافة بلباس حداثي زائف، أفرز التطرّف السلفي الرجعي، ويضع البلاد على شفا حفرة؟؟


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني