الصفحة الأساسية > بديل الشباب > تسخينات ما قبل الانقضاض الأمني والمحاكمات
تسخينات ما قبل الانقضاض الأمني والمحاكمات
20 نيسان (أبريل) 2010

بقلم عمّار عمروسيّة

رغم تعالي الأصوات وتعدّدها في الدّاخل والخارج ضدّ موجة القمع الواسعة التي تطال الحركة الطلابيّة، فإنّ السّلطة ماضية في خطّتها لمزيد إحكام قبضتها الغليظة على هذا القطاع مدفوعة كعادتها بهوسها الأمني المفرط وخوفها الشديد من ماضي هذه الحركة المجيد في مقارعة الاستبداد والجور، وكذلك من المخزون الجماهيري المفترض لهذه الشريحة التي مثّلت في عهدي بورقيبة وبن علي الفريسة المفضّلة لماكينة القمع خصوصا في الفترات الحالكة والمنعرجات الدقيقة المفعمة بالاحتقان والتوتّر.

ولعلّ التسريبات الإعلاميّة (صحافة صفراء، أنترنيت...) بما تحمله من مغالطة وتشويه لتحرّكات طلاّبية بقفصة مؤخّرا ليست سوى غطاء إعلاميّا وسياسيّا لحملة اعتقالات ومحاكمات في المستقبل القريب.

والملفت للاهتمام أنّ صحيفة "الشروق" حملت على عاتقها هذه المرّة مسؤوليّة تدشين حملة إعطاء المبرّرات السياسيّة والأخلاقيّة لجولة القمع المنتظرة. لقد ورد بهذه الجريدة يوم الخميس 15 أفريل الجاري وفي الصفحة 17 مقال ممضى بقلم "سفيان الأسود" فيه الكثير من التشويه والمغالطة والتّحريض السّافر لبدئ حملة إيقافات واسعة ولعلّ العنوان وحده دليل على قولنا: "30 طالبا شاركوا في الاعتداء والسّلطات تقبض على أربعة منهم".

ولكن ما يعلمه الجميع حتّى يوم الثلاثاء 20 أفريل الجاري أنّ لا أحد من الطلاب أوقف في جهة قفصة لا في علاقة بهذه الحادثة ولا حتّى بغيرها. وعليه فإنّنا نعتبر ورود "30 طالبا شاركوا في الاعتداء" محاولة يائسة لتوجيه القوى الأمنيّة حتّى تسدّد ضربة موجعة للحركة الطلابيّة. وتزداد قناعتنا عندما يصرّ سفيان الأسود بموجب ودونه إلى حشر كلية العلوم بقفصة وكأنّ الحادثة وقعت بها والمعتدين المفترضين من بين طلّابها وهو إصرار مقصود يستهدف المكتب الفيدرالي للإتّحاد العام لطلبة تونس بهذه المؤسّسة الجامعيّة بما أنّ المعهد العالي للدراسات التّحضيريّة الذي عرفت تحرّكا لافتا في المدّة الأخيرة يفتقر إلى الأطر النقابيّة المنظّمة دون أن يعني ذلك بطبيعة الحال خلوّه من مناضلات ومناضلين مثل أجزاء جامعيّة أخرى بالجهة، وهو ما دفع صاحب المقال إلى كتابة "أنّه لا يستبعد تورّط طلبة من خارج كليّة العلوم في الحادثة". ممّا يفترض وفق منطق سفيان الأسود ملاحقتهم.

وفق كلّ هذا، فإنّ الأخير حصر اهتمامه من الأوّل إلى الآخر في حادثة العنف وضرورة التصدّي لهذه الظاهرة مسقطا السياق الذي وردت فيه مسألة الاعتداء المزعوم، وفي ذلك مجانبة للحقيقة وتشويه متعمّد لنضالات الطلاب وهي في قضيّة الحال لا تقبل الطّعن من أيّ كان فالوقائع كانت كالتّالي:

- يوم 9 أفريل 2010 دخل ثلاثة طلبة في إضراب جوع مفتوح من أجل حقّهم في اجتياز المناظرة الوطنيّة للدخول لكليات الهندسة. علما أنّ هناك رابع إلتحق بهم للمساندة. وقد تحوّل المضربون جميعهم إلى منطقة الأمن بقفصة يوم 8 أفريل للإعلام بقرارهم.
- يومي 9 و10 أفريل تمّ جلب الطلاب لمنطقة الشرطة في محاولة لإجبارهم على التراجع. وبالتوازي نشطت محاولة "الطلبة التجمعيين" لهرسلة المضربين واختراق الحركة التضامنيّة التي بدأت تتشكّل حول الإضراب.
- يومي 12 و 13 أفريل عرف المعهد العالي للدراسات الهندسيّة إضرابات واجتماعات عامّة حاشدة واعتصامات.
- يوم 13 أفريل قامت إدارة المعهد بإغلاق الأبواب أمام الطلاب ممّا اضطرّهم للإعتصام في الشارع المقابل للمؤسّسة الجامعيّة. وقد تولّت مجموعات من الطلاب التجمعيين وبعض العناصر المجنّدة في أوساط المعطّلين الإعتداء بالعنف الشديد على أعداد واسعة من مناضلي الإتحاد وبعض الحضور. وتمّ كلّ ذلك أمام أعين جحافل من أعوان البوليس.
- في نفس اليوم قدمت سيّارة واخترقت المعتصمين حتّى أنّها "حملت" في مقدّمتها طالبين سقط أولهما بعد أمتار في حين بقي ثانيهما يّصارع السقوط حوالي 700 متر وبعدها توقّف السّائق وأشهر "منجلا" على الطّالب وعنّفه. ويُؤكّد عديد الطلبة والمواطنين الذين حضروا الحادثة أنّ هناك العديد من صوّروا ذلك المشهد ومستعدّين لإظهاره.
ولقد أتضح فيما بعد أنّ السائق لم يكن سوى أستاذا بكليّة العلوم قفصة وأنّه معروف بنشاطه التجمّعي ومساندته المفضوحة لقوائم الطلاب التجمعيين في انتخابات المجالس العلميّة حتّى أنّه يُروى عنه أنّه صفع أحد مناضلي إتّحاد الطلبة منذ سنتين على خلفيّة نقابيّة.
- يوم 13 أفريل تمّ فكّ إضراب الجوع بالموافقة الكتابيّة من إدارة جامعة قفصة ليس على مطالب المضربين فقط بل أيضا على 15 من زملائهم الآخرين. وهو برهان لا يقبل التشكيك في جدارة تلك التحركات وأحقيّة المطالب المرفوعة ممّا يتطلّب من الجميع وخصوصا النقابة الأساسيّة للتعليم العالي بكليّة العلوم قفصة تعديل موقفها بما يضمن أوّلا شرف المهنة وثانيا الانحياز للحقيقة وثالثا تمتين الروابط النضاليّة بين أهمّ طرفين متضرّرين من السياسة التعليميّة في تونس.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني