الصفحة الأساسية > بديل الشباب > تلفيق التهم لمناضلي الحركة الطلابية سياسة حمقاء وفاشلة
تلفيق التهم لمناضلي الحركة الطلابية سياسة حمقاء وفاشلة
تشرين الثاني (نوفمبر) 2009

في السنوات الأولى لـ"العهد الجديد" كان لبن علي بعض الرماد يذره من حين لآخر في أعين الشباب من قبيل "الحوار مع الشباب" و"إذاعة للشباب" و"قناة للشباب" إلخ. وشيئا فشيئا انتهى هذا الرماد ولم يعد بإمكانه حجب الواقع المرّ الذي يعيشه الشباب التونسي. وعندما لم يعد لهذا الأسلوب مفعول كان لا بد لبن علي أن يعود إلى الأصل... "العصا لمن عصا"... وعصا هذه السنة طالت الشباب الطلابي والتلمذي بالخصوص. وكان طلبة منوبة المعتصمين من أجل المطالبة بحقهم في السكن منطلقا لهجمة طالت العديد من الطلبة.

من الواضح أن نظام بن علي لم يعد له ما يقدمه للشباب سوى "العصا". لذلك نراه يضرب يمنة ويسرة مهما كانت بساطة المطالب وشرعيتها... يداهم الكليات والمعاهد والمنازل ويعتدي على الجميع ويعتقل ويعذب ويفبرك القضايا ويحاكم ويملأ السجون بخيرة شباب تونس بتهم ملفقة أصبحت موضوع تندر لدى القاصي والداني وانكشفت في الداخل والخارج ولم تعد تنطلي حتى على فاقدي البصر والعقل... "تشويش في الطريق العام، تبول في الطريق العام، سكر وعربدة، هرج ومرج، إلخ.". وكأن الشباب الطلابي لا همّ له سوى التشويش والعربدة وغيرها من هذه التهم التي أصبحت شهادة عار على جبين هذا النظام المفلس. وهل أن كمشة من الطلبة السكارى تحتاج كل هذه الحملة القمعية وكل هذا الضجيج... وكل هذا التعاطف... فما الذي أصاب كليات تونس وصفاقس وسوسة والقيروان حتى تنظم المسيرات والتظاهرات والاعتصامات تضامنا مع "قلة من المشاغبين من كلية منوبة"؟! وكيف يتحرّك تلاميذ جبنيانة من أجل محمد السوداني الموقوف من أجل السكر الواضح؟ لا نعتقد أن هناك نظاما في العالم يملك كل هذه الوقاحة ليكذب رغم علمه بأن كل العالم يعرف أنه يكذب. فمحمد السوداني شوهد وهو في نزل في قلب العاصمة مع صحفية جاءت لتغطية المهزلة، وقد شهدت بأنه كان معها. كما أنه اتصل بأصدقائه وأعلمهم قبل إيقافه أن البوليس يترصده. وبعد ذلك لا يستحي النظام ولا قضاءه التابع من الادعاء بأن محمد السوداني ضبط سكرانا وهو يثير الهرج والتشويش فتم إيقافه. ولم يقع إعلام عائلته بمكان إيقافه إلا بعد مرور حوالي ثلاثة أسابيع وبعد أن حكم عليه ابتدائيا بأربعة أشهر سجنا.

وتزامن تلفيق تهمة لمحمد السوداني مع هبوب انفلونزا تلفيق التهم ضد معارضي بن علي (حمه الهمامي، راضية النصراوي، زهير مخلوف، توفيق بن بريك، فاطمة الرياحي...) وضد المحتجين من الطلبة (طلبة منوبة...)، ليفتضح النظام على نطاق واسع وأصبح العالم يتحدث عن الطريقة التونسية في التعامل مع المعارضين.

إن أسلوب تلفيق القضايا ليس جديدا بل هو، مثله مثل التعذيب، أسلوب حكم ينتهجه نظام بن علي لتصفية خصومه وإظهارهم بمظهر مجرمي حق عام...

ويلعب القضاء التابع دورا قذرا في هذه المهمة الوسخة. فهناك قضاة باعوا ذمتهم وتخلوا عن أبسط مقومات الإنسانية وانخرطوا، طمعا وخوفا، في مشروع الطغمة الحاكمة الفالتة من عقالها والتي لم يعد يحكمها منطق ولا عقل.

وهذا الأسلوب ورغم ما تبذله السلطة وأذنابها من مجهودات للظهور بمظهر النظام الديمقراطي الذي لا يعاقب الناس على أفكارهم وآرائهم وأن حرية الرأي والتعبير وحتى الاحتجاج مكفولة للجميع، فإن النتائج كانت عكسية وافتضح بن علي وزمرته على نطاق غير مسبوق. ولم تعد الإدانة مقتصرة على المنظمات غير الحكومية والأحزاب الديمقراطية والتقدمية بل تعدتها إلى الهيئات الرسمية والحكومات الأوروبية التي كانت بالأمس القريب تسند بن علي وتصف نظامه بـ"المعجزة".

ولا يخفى على أحد أن نظام بن علي بحماقاته هذه لم يتمكن من فرض الصمت ولا من وقف حملة التشهير ضده، بل إنه كمن يصبّ البنزين على النار. فالإيقافات والاعتداءات الأخيرة على المعارضين وعلى الطلبة ضاعفت الحملة الإعلامية التي صاحبت المهزلة الانتخابية. فكلما تصدى بن علي لمقال أو لكتاب أو لكاريكاتور ينقد ويفضح نظامه إلا وازداد الإقبال على هذا المقال أو غيره وارتفعت الأصوات ونشطت الأقلام لمزيد التشهير والفضح. وهو ما يؤكد أن هذا النظام خارج التاريخ والعقل... فهل من الممكن اليوم حجب المعلومة عن طالبيها في زمن الأنترنيت والهواتف النقالة والفضائيات؟ وحتى إذا ما أشاع بن علي جوا من الإرهاب وزج بكل الأفواه المستقلة والأقلام الحرة والعيون الثاقبة في السجن، فإن المعلومة والحقيقة التي يريد نظام بن علي التعتيم عليها ستصل إلى الناس من نوافذ أخرى.

إن ما يقوم بن علي من اعتداءات على المعارضين وعلى الطلبة والشعب التونسي عموما والطريقة الصبيانية التي يعالج بها الأمور تدل على إفلاسه وعلى اتساع الهوّة بينه وبين الشعب وعلى عمق الأزمة الشاملة التي باتت تنخر نظامه وتهدّد مستقبله. وهو عامل يحفـّز القوى التقدمية على مزيد الصمود ومزيد النضال لكنس هذا النظام المفلس.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني