الصفحة الأساسية > بديل الشباب > في السنة الدولية للشباب: الشباب التونسي يبحث عن الحل بين "ميترو حبل" وبصيص من (...)
وجهة نظر:
في السنة الدولية للشباب: الشباب التونسي يبحث عن الحل بين "ميترو حبل" وبصيص من الأمل
26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

تمضي السنون سنة تلو سنة، وشبابنا بمختلف مناطق البلاد يبحث عن حلول تقطع مع الفقر والتهميش. فهناك من يرى ضرورة مواصلة الدراسة وهناك من ينقطع عنها مبكرا بتعلة أنها لم تعد تجدي نفعا. لكن سخرية القدر تأبى إلا أن تجمع بين الصنفين بعد مدة تطول أو تقصر، يشتركان كأسا من الشاي وبضع سجائر رديئة يبحثان عن حل.

وهناك من اعتبر احتراف الجريمة حلا فوجد السجن مأوى له، ومنهم من فضل "الغبرة" الإيطالية ذائعة الصيت راكبا قوارب الموت عائدا في صندوق خشبي إلى أرض الوطن.

ولكن ما استرعى انتباهي هو الحل الثالث الذي لم أستطع لحد اللحظة استيعابه "الانتحار"... هذه الظاهرة التي تفشّف في عديد المناطق: الاستغناء عن الحق في الحياة والاستسلام لغياهب القبور، بعد اليأس من النجاح في الحياة، نتيجة انسداد الأفق وغياب الحلول. ظاهرة خطيرة انتشرت مع التهميش والفقر، عرفها الشباب بعدما ضاق ذرعا بالخصاصة والحرمان وسئم الجوع.

ولعل حادثة محاولة الانتحار من فوق صومعة مسجد بصفاقس الغربية هي خير دليل: شاب في مقتبل العمر لفظه المجتمع وضاقت به السبل ولم يجد مخرجا من الجحيم الذي يعيشه غير التخلص من الحياة نفسها. وكالعادة، حاول النظام استغلال الحادثة بعد عدول الشاب عن فكرته لتصبح "الحماية المدنية" و"رجال الأمن" هما اللذان أنقذا روحا من الإزهاق، متناسيا أنه هو الذي دفعه كي يقدم على إقصاء نفسه من الحياة. إن نظام الجنرال الفاشستي زين العابدين بن علي هو الذي يدفع بالشباب إلى الجريمة والهجرة السرية والانتحار: فهو يحتكر خيرات البلاد مع أتباعه وحاشيته من العصابات المافيوزية، التي تشكل البرجوازية العميلة السرطانية، التي تنهب ثروات بلادنا مستقوية علينا بالامبريالية ضاربة عرض الحائط بأحلام شبابنا الطامح للشغل والحرية والكرامة الوطنية، دون اعتبار عرق الكادحين الذين يعملون ليلا نهارا ومع ذلك يزدادون فقرا، مستعينة في ذلك بجهاز بوليسي يبطش بكل من يحاول الإشارة لهذه المشاكل.

لكن ورغم كل هذه الوقائع المؤلمة لا أستطيع تقبّل فكرة الهروب بمختلف أنواعه: لأن ذلك لن يفيد الهارب ولا المجتمع في شيء. إن الحل يكمن في السعي إلى افتكاك ما اغتصب منا. لأن ما وقع افتكاكه بالقوة لا يسترجع إلاّ بالقوة. إن جيش الكادحين من عمال وصغار فلاحين وكذلك الجيش الاحتياطي من العاطلين عن العمل مع من صمد من النخبة المثقفة ضد التشويه الامبريالي والبرجوازي بإمكانهم تحقيق حلّ جذري يقطع مع الظلم والقهر والاستبداد والتهميش والحرمان لو آمنوا فقط بفكرة أنهم قادرون على الفعل والانتصار. إن شبابنا اليوم لا يملك حلا سوى النضال من أجل تحقيق مستقبل تتكافئ فيه فرص الدراسة والشغل، مستقبل خال من الفساد في مؤسساتنا، بعيدا عن الرشوة والمحسوبية. غد مشرق شعاره الحرية وكرامة الإنسان، غد يحرّر النفوس ويشجع على الإبداع لتحقيق انسانية الإنسان.

قد ترونها مجرد أمان لشاب ضاقت به السبل فأطلق العنان لخياله، لكني أراه أمرا محتوما إن لم أعشه عيانا فسيعيشه الجيل الذي يليني، لذلك لن أدّخر جهدا في سبيل استقدامه، فهل ستأتون معي أم ستكتفون بالمشاهدة؟

الإمضاء: تشي الجبار


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني