الصفحة الأساسية > بديل الشباب > لا مبرر لمزيد تأجيل "مؤتمر التصحيح"
لا مبرر لمزيد تأجيل "مؤتمر التصحيح"
4 أيار (مايو) 2004

تعرف المنظمة الطلابية في المدة الأخيرة حالة من الحراك تتمحور بالأساس حول ضرورة إنجاز المؤتمر الوطني للمنظمة الذي تأجّل أكثر مما يجب ولا مبرر اليوم لمزيد تأجيله خاصة وأن كل الشروط تقريبا متوفرة لإنجازه. فالانتخابات القاعدية أنجز أغلبها منذ عام. كما أن التفاف القوى السياسية والنقابية المناضلة صلب الحركة الطلابية حول الاتحاد هو اليوم من تحصيل الحاصل، زيادة على ذلك فإن عزلة عصابة اليمين التصفوي المسنود من قبل السلطة متأكدة. فهذه المجموعة المنقلبة لا علاقة لها بالساحة الجامعية ولا بالحركة الديمقراطية ولا بالنضال، بل العلاقة الوحيدة التي تملكها هي علاقتها بالفساد والإفساد ولعب الأدوار القذرة والمشبوهة مثل التنديد بنضالات الأحرار أومحاولة الإتجار بها.

إن اتحاد الشباب الذي كان على الدوام وفيا لنضاله التاريخي في الدفاع عن استقلالية المنظمة الطلابية ونضاليتها وتمثيليتها وعن توجهاتها الصحيحة، مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى للقيام بدوره كاملا على كل الأصعدة السياسية والنقابية. ودور اتحاد الشباب اليوم هو دعم الوحدة النضالية للمكونات التقدمية للحركة الطلابية والحفز على التقدم في إنجاز المهام العالقة وعلى رأسها اليوم المؤتمر الوطني للاتحاد العام لطلبة تونس. هذا المؤتمر الذي شكّل في المدة المنقضية محور اهتمام الحساسيات الطلابية وقواعد الاتحاد لاستمرار الاختلاف حول تسميته وهو اختلاف ظل يعرقل عملية الإنجاز. إن الاختلاف حول هذه المسألة يعود إلى بداية انطلاق "مسار التصحيح" الذي جمع بين ما سمي وقتها "مجموعة الثمانية" وهم أعضاء "المكتب التنفيذي" المختلفين مع زعتور الذي سُحبت منه الثقة في "الهيئة الإدارية الخامسة" وبقية الأطراف وهم أساسا اتحاد الشباب والوطنيون الديمقراطيون بالجامعة والبعثيون والقوميون. لقد اعتبر وقتها الموقف من المؤتمر 23 وبالتالي الذي يليه مسألة خلافية سيتولى المؤتمر الوطني المقبل حسمها باعتبار المؤتمر هو الجهة الوحيدة المخوّلة قانونيا لحسم الخلافات. فالأطراف السياسية المذكورة التي لم تشارك في "المؤتمر 23" أو "مؤتمر الشقة" الذي اعتبرته انقلابا شكلا ومضمونا، كانت دعت في بيانها الصادر في أفريل 2000 (اتحاد الشباب، الوطج، القوميون) إلى إنجاز المؤتمر 23 الاستثنائي أما جماعة الثمانية فقد ظلوا يعتبرون المؤتمر 23 الذي انبثقوا عنه "شرعيا" وبالتالي يرفضون وضعه محل تساؤل، وإثر انطلاق مسار التصحيح وقع تعديل مختلف المواقف بترك أمر الحسم في المؤتمر المذكور إلى المؤتمر الوطني الجديد. لكن في المدة الأخيرة وبحكم الحركية التي عرفتها الجامعة عاد الحديث مجددا عن هذه المسألة. وقد أصر مناضلو اتحاد الشباب في البداية على اعتبار المسألة خلافية وبالتالي ضرورة إرجاء الحسم فيها إلى المؤتمر، ولكنهم من موقع المسؤولية أبدوا مرونة في التعاطي معها حتى تحسما بطريقة وفاقية باعتبار خصوصية واستثنائية الوضعية التي تمر بها المنظمة الطلابية والتي تقتضي في تقديرنا حلولا استثنائية، وهي في هذه اللحظة الوفاق بين مكونات الاتحاد. وفي هذا الإطار قبل اتحاد الشباب فكرة المؤتمر الاستثنائي التي طرحها "الوطنيون الديمقراطيون بالجامعة". وقد كان قبوله منذ البداية مشروطا بالتفاف الجميع حول هذا المقترح (أو غيره) وهو ما تحقق خلال عطلة الربيع (موافقة كل الأطراف على المؤتمر الاستثنائي). ولكن ذلك لم يعمر طويلا إذ رفض "التيار النقابي التقدمي" هذا المقترح، وهو ما جعله غير عملي وبالتالي لاغيا. وفي تقديرنا لا مجال لأي مؤتمر في هذه اللحظة لا تشارك فيه أغلب القوى وأهمها. فمنطلقنا من البداية كان واضحا: توسيع جبهة الأصدقاء ما أمكن وخنق وإرباك جبهة العدو ما أمكن، وتوسيع جبهتنا يفترض التحلي بالمرونة والنضج والمسؤولية والانقياد بروح تجميعية وتوحيدية. وفي هذا الإطار وبعد تعذر اتفاق الجميع حول "المؤتمر الاستثنائي" تقدم مناضلو اتحاد الشباب بفكرة التوحّد حول "مؤتمر التصحيح" باعتبار التصحيح مهمة معلنة للجميع والأوضاع القائمة في الاتحاد والحركة تفترض تصحيحا، وهي فكرة لاقت ترحيبا من أغلب وأهم القوى الناشطة صلب الحركة. وعلى هذا الأساس فإننا ندعو كافة مناضلي الحركة الطلابية بعد هذا الاتفاق إلى الالتحاق بمجهودات الإنجاز وتحمل المسؤولية في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة. إن الخطى المقطوعة إلى حد الآن لاتزال متواضعة ودون آمال الحركة ومناضليها وأصدقائها. كما أن عقلية الابتزاز وتأليب هذا ضد ذاك لا تفيد ولا تنفع، بل من شأنها فرقعة الصفوف وهدم ما تحقق. فلا بد إذن من التنسيق بين مجموع الأطراف لاستكمال جميع الخطوات نحو إنجاز "مؤتمر التصحيح" الذي لا نراه سوى خطوة في اتجاه تنسيب أوضاع الاتحاد على كل المستويات القانونية والهيكلية والسياسية والنضالية داخل الجامعة وخارجها وهو ما يقتضي في اعتقادنا دعم وحدة مكوّنات الحركة وذلك عبر النضال والنضال وحده، النضال الميداني المشترك حول محاور ملموسة، وكذلك خلق علاقات نضالية تحتكم إلى المنطق الديمقراطي الحقيقي ونبذ الإقصاء وإقامة واصل سياسي وإنساني يقوم على الاحترام.

إن المؤتمر المنشود وحتى يكون خطوة إلى الأمام يجب أن ينقاد بالمضامين الواضحة للحركة والاتحاد وهي المضامين الديمقراطية والتقدمية والوطنية والتي تتمثل أولا في الانحياز المطلق وغير المشروط لجماهير الطلبة والشعب في نضالهما ضد الدكتاتورية النوفمبرية من أجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وهو نضال يسد الباب في الآن ذاته أمام البدائل الرجعية الظلامية، ثانيا الانحياز للشعوب العربية في نضالها ضدّ الامبريالية والصهيونية والأنظمة العربيّة الدكتاتورية والعميلة والفاسدة، وثالثا الانحياز للشغيلة والشعوب والأمم المضطهدة في العالم في نضالها ضد العولمة الامبريالية التي تجسّد هيمنة الاحتكارات العالمية. إن هذه المبادئ، التي تشكل ثوابت الحركة الطلابية مضافا إليها تفصيل برنامج نضالي نقابي مطلبي واحتجاجي مقاد بنظرة مناضلة تعيد الاعتبار للاضراب والاعتصام والتظاهر وغيرها من وسائل النضال المباشر، من شأنها أن تضع الاتحاد العام لطلبة تونس على السكة الصحيحة سكة النضال التي شوهتها وغيبتها سنوات تحكّم الكتلة اليمينة في مفاصل القرار الطلابي عبر أسر منظمة الطلاب وتحويلها إلى "أصل تجاري" في خدمة مجموعة منعزلة ومعزولة.

إن مناضلي اتحاد الشباب ومناضلاته لن يدخروا أي جهد في اتجاه وضع امكانياتهم السياسية والبشرية والنضالية على ذمة الحركة الطلابية والاتحاد العام لطلبة تونس. إن اتحاد الشباب لن يتخلى عن دوره التوحيدي على قاعدة برامج نضالية واضحة وبهدف دعم العمل المشترك كلبنة ضرورية وحتمية لبعث الجبهة الطلابية التقدمية التي لن تكون سوى فصيل فاعل من الجبهة الديمقراطية الموحدة، الشعار المرحلي لنضال شعبنا وقواه التقدمية والثورية من أجل الغد الأفضل لشعبنا في نضاله العادل ضد الدكتاتورية والعمالة والاستغلال.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني