الصفحة الأساسية > البديل الوطني > مؤتمر انقلابي آخر في جمعية القضاء
مؤتمر انقلابي آخر في جمعية القضاء
كانون الأول (ديسمبر) 2008

شهدت تونس العاصمة يوم الأحد 21 ديسمبر الماضي المؤتمر الثاني عشر لجمعية القضاة في مواصلة للنهج الانقلابي الذي أطاح بقيادتها الشرعية في 3 جويلية 2005، ورهن القرار القضائي لفائدة السلطة التنفيذية وصادر النزعة الاستقلالية لهيئة أحمد الرحموني.

وقد دارت أشغال المؤتمر في أجواء أمنية مشددة، إذ حوصر النزل الذي تجري فيه الأشغال، ومنع كل "الغرباء" من مجرّد الاقتراب منه، وتواجد أعوان البوليس السياسي بكثرة داخله متفرّسين في الوجوه مخافة أي طارئ قد "يشوش" على الحدث. كما فوجئ أعضاء الهيئة الشرعية للقضاة وعضوين من هيئتها الإدارية صباح انعقاد المؤتمر بحصار بوليسي محكم على مقار إقاماتهم طال بعض نشطاء المجتمع المدني من أمثال المختار الطريفي وعياشي الهمامي مما حال دون مواكبتهم الحدث والمساهمة في مزيد كشف المخططات التي تستهدف القطاع.

ولقد أدّت الضغوط المستمرة على قضاة الجهات بالخصوص إلى حضور حوالي 1300 قاضي شارك منهم 1142 في العملية الانتخابية، إلا أن هذا العدد لم ينعكس على مداولات المؤتمر ونقاشاته واقتراحاته، إذ لم تتجاوز التدخلات أصابع اليد الواحدة، وغاب تماما تناول الأوضاع المادية والمعنوية للقضاة مثل وضعية المجلس الأعلى للقضاء والنُّقَل والأجور والقانون الأساسي والتدخلات والتعليمات... وتمّ كل شيء بشكل فولكلوري وبروتوكولي بما فيها الإعداد المسبق للوائح والتصويت لها دون مناقشتها. إن تجييش الوفود الأجنبية لحضور افتتاح المؤتمر للإيهام بشعار "القضاء المتطور دعامة لمكانة القاضي وضمان حقوق الإنسان" لن يمرّ بسهولة، فوفد الاتحاد العالمي للقضاة قد حرص يوم 20 ديسمبر على إجراء لقاء مع ممثلي المكتب الشرعي للجمعية تعرّض إلى ملابسات حلها وهرسلة قيادتها، من المنتظر أن يكون موضوع اجتماع خاص لرئاسة الاتحاد العالمي. كما أن وضع القضاء في بلادنا أصبح يشار إليه بالبنان داخليا وخارجيا، فالهيكل أصبح مؤسسة صورية تستعمل للدعاية السياسية للسلطة القائمة وتزكية استبدادها، والقضاة بات أغلبهم أداة لتصفية حساباتها مع مناضلي الحركة السياسية والحقوقية والاجتماعية والمدافعين عن حرية الرأي والتعبير، ولتبرير سرقة الأقلية الحاكمة للمال العام واستيلائها على مقدرات المواطنين وقوت يومهم.

لم يكن مؤتمر جمعية القضاة الأخير إلا حلقة من حلقات المؤتمرات الصورية لأكثر من 8000 جمعية ببلادنا والتي تجسد مشهد الديكور الديمقراطي واجهة سلطة العسف والاستبداد، إلا أن صمود مجموعة من القضاة الشرفاء وانتباه النخب السياسية والحقوقية لموضوع استقلالية القضاء سيعطي وجهة جديدة لهذا الملف.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني