الصفحة الأساسية > بديل الشباب > هل يلامس برلمان الشباب تطلعات الشباب التونسي ؟
هل يلامس برلمان الشباب تطلعات الشباب التونسي ؟
31 تموز (يوليو) 2010

انطلقت يوم السبت 24 جويلية الجاري على الساعة التاسعة صباحا بمقر مجلس النواب بباردو أشغال الجلسة التحضيرية والملتقى التمهيدي لبرلمان الشباب، وتواصلت الأشغال طوال يومين، بإشراف من رئيس المجلس السيد فؤاد المبزع الذي افتتح الأشغال قائلا بأن "اقتران تركيز برلمان الشباب بالاحتفال بذكرى إعلان الجمهورية يعد رسالة رئاسية عميقة المعاني إلى شباب تونس بأن الجمهورية أمانة تتداول الأجيال المتعاقبة على صيانتها والذود عنها".

ثم تم "انتخاب" الشبان سمير بن شعبان رئيس البرلمان الشبابي (التجمع الدستوري الديمقراطي) وكنزة الرفاعي نائب رئيس أول (التجمع الدستوري الديمقراطي) وبشير ليتيم (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين) نائب رئيس ثاني، وهو ما اعتبره البعض في نقاشاته على صفحات الفايسبوك صورة واضحة ومباشرة لزيف التعددية التي يحاول الحكم الترويج لها .

تضمن برنامج الملتقى التمهيدي لبرلمان الشباب أربع مداخلات تمحورت الأولى حول "فكرة البرلمان في تونس" بإشراف السيد قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس.

وجاءت المداخلة الثانية التي تولى تقديمها السيد مصطفى الفيلالي عضو المجلس التأسيسي والوزير الأسبق تحت عنوان "البرلمان التونسي في مناقشات المجلس القومي التأسيسي" .

وتطرقت المحاضرة الثالثة إلى موضوع مجلس النواب "الوظائف والتنظيم" قدمها المنذر الرزقي مدير عام مركز البحوث والدراسات البرلمانية بمجلس النواب.

أما المحاضرة الرابعة فهي للسيد عادل الزرمديني مدير الشؤون القانونية بوزارة الشباب والرياضة والتربية البدنية الذي تطرق إلى "الفلسفة العامة لبرلمان الشباب في تونس"، مستعرضا شروط الترشح لعضوية برلمان الشباب.

واختتم السيد سمير العبيدي وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية يوم السبت الملتقى التمهيدي لبرلمان الشباب. وأعرب بالمناسبة عن "ارتياحه لسير أشغال هذا الملتقى التمهيدي وما لمسه لدى النواب الشبان من رغبة صادقة وطموح كبير في طرح المواضيع ذات العلاقة باهتمامات هذه الشريحة الهامة من المجتمع، مهنئا إياهم بانتخابهم أعضاء في برلمان الشباب".

ويعد برلمان الشباب الذي صادق عليه مجلس النواب ومجلس المستشارين، هيئة استشارية ليس لها اختصاص تشريعي.

ويذكر أن برلمان الشباب يضم بمقتضى القانون المحدث له عددا من الأعضاء مساويا لعدد أعضاء مجلس النواب بكيفية توازي تركيبة أعضاء مجلس النواب حسب كل دائرة.

ويشترط في عضو برلمان الشباب أن يكون تونسي الجنسية منذ خمسة أعوام على الأقل ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية وأن لا يكون في حالة من الموانع المنصوص عليها بالفصل الثالث من المجلة الانتخابية وأن يتراوح سنه بين 16 و23 سنة.

وتحدد مدة العضوية ببرلمان الشباب بعامين، ويعقد هذا البرلمان دورتين كل سنة خلال شهري مارس ونوفمبر. وتتواصل كل دورة يومين. وينتخب رئيسا له ونائبين في بداية كل دورة، وذلك بالأغلبية المطلقة لأعضائه، والتي ينتمي أغلبها للتجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم).

وتأثر التجمّع الدستوري الديمقراطي الحزب الحاكم بالأغلبية (161 عضوا) وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين (16 عضوا) وحزب الوحدة الشعبية (12 عضو) والاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( 9 أعضاء) والحزب الاجتماعي التحرري (8 أعضاء) وحزب الخضر للتقدّم (6 أعضاء ) وحركة التجديد (عضوان).

ويأتي انطلاق نشاط برلمان الشباب في الفترة التي تستعد فيها الحكومة للاحتفال بداية من 12 أوت 2010 بالسنة الدولية للشباب التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة باقتراح من الحكومة التونسية.
هذا وتفاعل عدد من الشباب مع هذه المبادرة واعتبروها تندرج في سياق عام دعائي هادف لاحتواء الشباب بدون أن تكون هنالك نية حقيقية لحل مشاكل الشباب المتراكمة يوم بعد آخر.

وقد صرّح الشاب لطفي زايدي للموقف قائلا " عن أي حوار يتحدثون ، فهذا البرلمان منذ انطلاقته يغرّد خارج السّرب من حيث الشكل ومن حيث المضمون، فالشكل لا يعتبر بريئا عندما يتم تحديد سن التمثل في برلمان الشباب بين 16 و23 سنة على أقصى تقدير، وكلنا يعلم أن الشباب أوسع من هذه المرحلة العمرية المعتمدة من حيث القوانين الدولية، إضافة لصبغته الاستشارية . أما بالنسبة للمضمون فأرى من الضروري التمعن قليلا والنظر لمشاكل الشباب الحقيقية ومدى تأثير المناسبات السابقة في حل مشاكل الشباب، فماذا فعلنا بالاستشارة الشبابية المنعقدة في 2008 والتي رصدت لها أموال طائلة من الخزينة العامة ؟، وماهو موقف الحكم من شباب اختار الانتماء لأحزاب مستقلة ورافضة للولاء والطاعة، وهنا سأنطلق من وضعيتي الشخصيّة، حيث تعرّضت أنا وعائلتي لعديد المضايقات والتهديدات على خلفية انتمائي للحزب الديمقراطي التقدمي من قبل مسؤولين من منتسبي التجمع الدستوري الديمقراطي بغاية ترهيبي ودفعي للاستقالة من الحزب بأشكال غير قانونية ، فهل هذه هي التعددية والديمقراطية التي يروجون لها ليلا نهارا ؟ ".

وأضاف زايدي قائلا "هل بإمكان برلمان استشاري أكثر من نصفه من شباب الحزب الحاكم، وبقية في غالبها محسوبة على أحزاب الموالاة أن تفرض على الحكم وجوب إطلاق سراح الطلبة المساجين الذين هم الآن بصدد خوض إضراب عن الطعام احتجاجا على الحكم الجائر الصادر في حقهم وسوء المعاملة التي يلقونها في السجن، وذنبهم الوحيد هو انتماؤهم للإتحاد العام لطلبة تونس ودفاعهم عن استقلالية المنظمة الطلابية القانونية ضد كل أشكال الهيمنة والتوظيف. لذلك أرى من المهزلة أن نصدق مثل هكذا خطابات تروج للحوار والتعددية ؟".

وقال الشاب ناجح صغروني الناشط الطلابي والنقابي والسجين السابق على خلفية نشاطه الطلابي " هذه المبادرة تهدف فقط لاستغلال وتوظيف خطاب دعائي من قبل سلطة الاستبداد لتلميع صورتها ولمغالطة الشباب التونسي الذي لم تعد تنطل عليه مثل هذه الخطابات الديماغوجية، فهذا البرلمان الاستشاري يتزامن مع سجن الطلبة النقابيين و مع منع المنظمة الطلابية من عقد مؤتمرها ومع الارتفاع المرعب لنسب البطالة عند الشباب ومنهم أصحاب الشهادات العليا، بل أن محنة أهالي الحوض المنجمي لازالت متواصلة ولم يقع حلها لحد الآن، علما أن انطلاقتها كانت احتجاجا على نسبة البطالة المرتفعة في قطاع الشباب أساسا واستنكارا للحيف الاجتماعي الذي استشرى وأصبح السمة الرئيسية في انتداب العملة والموظفين".

الشاب الصحفي سفيان الشورابي علق على هذه المبادرة قائلا "إن إطلاق الأحكام الاستباقية على تجربة برلمان الشباب وهو في بداية الطريق يعد في رأيي مجانب للصواب وغير سليم ويتأسس على رؤى ديماغوجية. فمن المفيد جدا تتبع مسار هذه المؤسسة التشريعية لتبين النتائج الممكن تحقيقها، سواء كانت سلبية أم ايجابية، قبل اتخاذ المواقف ضدها".

وأضاف قائلا "إن الجلسة الأولى للبرلمان، على عكس ما صورته وسائل الإعلام المحلية، لم تكن ذات خطاب واحد ممجد لانجازات السلطة، حيث عكسا ممثلا (2) حركة التجديد في ذلك البرلمان آمال وطموحات جزء كبير من الشباب التونسي. فخلال مداخلتهما تحدثا عن الحجب والصنصرة الممارسة على المواقع الالكترونية، وطالبا بإطلاق سراح الطلبة المسجونين في قضية المبيت الجامعي بمنوبة، وطالبا بالتخلي نهائيا عن حملات "الرافل"، وأيضا بتوزيع عادل لوسائل الترفيه داخل أو بين المناطق، وبتنمية المواهب وفسح المجال للطاقات ولقدرات الذكاء المتوفّرة لدى شبابنا مع إعطاء الأولويّة للمناطق المحرومة و للشباب المهمّش وتعتمد على توزيع أكثر عدلا باتجاه الفئات الضعيفة و الجهات المحرومة
فمن المهم جدا أن يكون للشباب صوت مسموع داخل الأجهزة الدستورية للدولة، وهي وحدها الكفيلة بانجازها ميدانيا. فليست ذلك من مهمة أحزاب المعارضة.

والمطروح الآن هو محاسبة الهياكل الحكومية على درجة التزامها بتطلعات الشباب التونسي".

وقال الشاب زياد الهادي تعقيبا على موقف الصحفي الشاب سفيان الشورابي "ما الجديد الذي سيقدمه هذا البرلمان الشبابي مقارنة بما نشاهده من تصويت بالأغلبية الساحقة في مجلس النواب، وتصوير للتعددية الزائفة في كل المداولات، أي أنه وعندما نرضى بمثل هذه التركيبة، ستجد الأقلية الرافضة نفسها منحصرة في مربع ضيق لا يعدو أن يسجل المواقف، هذا إن وجدت أصلا، فماذا فعل مثلا أعضاء مجلس النواب المستقلين في الخيارات العامة التي تم عرضها للتصويت ؟."

ويضيف زياد الهادي أيضا "الأجدر بالأحزاب الديمقراطية المستقلة أن تؤطر شبابها على مبادئ وقيم الفعل السياسي من موقع مسؤول ومستقل هادف ومؤسس لقوة مضادة، لا للاكتفاء بتسجيل الموقف، وأن لا تضعه في بوتقة البحث على تسجيل المواقف وحسب. ولا أعتقد من جهة أخرى أن نشاط هذا البرلمان سيحصل على هامش من الحرية بما يتعارض مع توجهات الحكم، وهو الممثل بالأغلبية في كل الأحوال، لذلك من الأجدر أن نبحث على طرق وآليات تمس واقع الشباب الذي في أغلبه لا ينتمي إلى الأحزاب وغير معني بما يحدث في الأطر والهيئات الرسمية، لذلك لا أعتقد أن البرلمان الشبابي على هذه الشاكلة قادر على تمثيل مطالب وحاجيات الشباب التونسي الذي لن يحقق مطالبه إلا بتنظيم نفسه بنفسه، وهو ما لا يروق لنظام الحكم ".

وســــام الصغير


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني