الصفحة الأساسية > البديل الثقافي > الأغـنـيـة
سميح القاسم:
الأغـنـيـة
شباط (فبراير) 2008

سيداتي، آنساتي، سادتي!

سأغني أغنية

واغفروا لي ... كلماتي مزرية

وعلى جدران صوتي

لم يزل رجع انفجار فأنت

غير أني سأغني الأغنية

باذلا فيها قصارى طاقتي

فأعيروني أذنا مصغية!

سيداتي، آنساتي، سادتي!

وطني بستان لوز وأجاص وعنب

وأبي كان الملك..

ولأمي الملكة،

سلطة التنظيف والطبخ وتكديس الحطب

وأنا كنت ولي العهد.. أرعى المملكة

اطرد الوحش وأغزو الحشرات المهلكة

مرت الأعوام مرت..

ثم كان

أن أتتنا ذات يوم قبعة

تحتها عينان من فحم وملح ودخان

ومع القبعة السوداء جاءتنا رسالة

زلزلت أمي فأهوت كومة ممتقعة

وأحالت والدي الشيخ.. حثالة!

سيداتي، ثم كان

أنني أصبحت جنديا جبان

أكره الرشاش والزحف

ولو قالوا.. مقدس

فأنا أفهم

أن اللوز إن أهمل.. تيبس!

وأنا أفهم

أن الحشرات

سوف تغزوا وطني المتروك

تغزوا بالمئات..

وتخليه.. جذوعا نخرات!

آنساتي، ثم كان

أن نار الجبهة اشتدت وغطانا الدخان

ثم مرت لحظات

سادت الموقف فيها الطائرات

وتساقطنا تساقطنا

تساقطنا خفافا كالذباب

ثم أحسست بوخز في عظامي

وانحلال

ودوار

وضباب

سادتي، لم أدري كم مر من الوقت علي

وتحسست المكان

غير أنه لم أجد يدي

ثم نبأت.. بأني

في سبيل الله

ضاعت ساقي اليمنى وعيني

وأبي استشهد أيضا في سبيل الله

لكن الحكومة

أدخلت أمي لمستشفى المجاذيب

الذي شيد لتكريم الأمومة!

سيداتي، آنساتي، سادتي!

لست فنانا عريقا في الغناء

غير أني باذل فيه قصارى طاقتي

واعذروني

فانا في حاجة للأجر

من اجل طعامي ودوائي!!.


الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني