الصفحة الأساسية > البديل العربي > المؤامرات تتعدد ولكن المقاومة تتصاعد
العراق:
المؤامرات تتعدد ولكن المقاومة تتصاعد
تشرين الأول (أكتوبر) 2005

صعّدت قوات الاحتلال في العراق عدوانها ضد الشعب العراقي وخاصة في منطقة الأنبار التي تشهد عاشر عملية عسكرية واسعة النطاق في أقل من ستة أشهر. ويأتي هذا التصعيد أياما قليلة قبل الاستفتاء على "الدستور العراقي" الذي صاغته الأطراف الموالية للاحتلال. في غضون ذلك أعطت إدارة بوش الضوء الأخضر للأنظمة العربية كي تساعدها على الخروج من المأزق العراقي وذلك بالتحضير لـ"عقد مؤتمر مصالحة وطنية عراقية تحت إشراف الجامعة العربية".

1 – العدوان الأمريكي متواصل:

يواصل الجيش الأمريكي عدوانه على شعب العراق مركزا أهم عملياته في منطقة الأنبار حيث تشهد عمليات المقاومة تصاعدا متزايدا. ففي أقل من ستة أشهر أعلن الجيش الأمريكي عن أكثر من عشر عمليات أطلق عليها أسماء عديدة آخرها "القبضة الحديدية" و"بوابة النهر" اللتين أطلقهما الجيش الأمريكي مع بداية شهر أكتوبر. وتزعم قوات الاحتلال أن الهدف من هذه العمليات هو "الإجهاز على الإرهابيين في مناطق وادي الفرات الثلاث. وكذلك تحرير السكان المحليين الأبرياء من حملات القتل والاغتيالات التي طالت الأطفال والنساء والرجال، إلى جانب تهيئة الظروف لسكان هذه المناطق للمشاركة في الاستفتاء على الدستور المزمع إجراءه في منتصف الشهر الجاري". ويشارك في هذه العملية 2500 جندي أمريكي مدعومين بقوات من "الجيش العراقي" العميل.

وكغيرها من العمليات الأخرى فإن العملية الأخيرة جرت في ظل تعتيم إعلامي كامل حيث لا يسمح للصحافيين بالوصول إلى مناطق العمليات ولا يتم التصوير إلا تحت إشراف القادة العسكريين. والمصدر الوحيد للأخبار المنقولة عن الوضع هناك هو الاحتلال الذي يفصّل ويخيط الأخبار والصور ويخرجها بما يتوافق ومصالحه. ضاربا بذلك عرض الحائط حرية الصحافة والإعلام التي طالما تشدق بحمايتها والدفاع عنها. وحارما المتابعين للشأن العراقي في جميع أنحاء العالم من حقهم في المعلومة الصحيحة والمستقلة.

وكالعادة ورغم التعتيم الإعلامي فإن شهود عيان يؤكدون أن جيش بوش يرتكب كعادته مجازر فظيعة في حق المدنيين ويهدم البيوت ويقصف المستشفيات والمساجد ويسد المنافذ على الهاربين من الدمار ويقصفهم بالدبابات والطائرات ويستعمل أسلحة محظورة دوليا… كل ذلك يتم في ظل صمت دولي وبمباركة جميع أنظمة العالم ما عدا بعض "الأنظمة الشريرة" على حد تعبير بوش (فنزويلا، كوبا).

وكان بوش تحدى المعارضين للحرب على العراق في خطاب له يوم 5 أكتوبر الجاري وأكد أنه ماض في سياسته البربرية تجاه شعب العراقي مرددا كلاما لا يمكن أن ينطلي حتى على السذج من نوع أن "الحرب على العراق هي حرب على الإرهاب"، وأن "عدد العراقيين الذين يشاركون في المعارك إلى جانب الجيش الأمريكي في ازدياد"، إلخ.

وفي حقيقة الأمر فإن بوش لم يجد من مخرج لمواجهة شعبه الرافض للحرب سوى الكذب والمغالطة وحجب الحقائق ودفع جنوده نحو تشديد القبضة على العراق وعدم التفريط فيه لما يحتويه من ثروات نفطية في وقت بات فيه من الواضح أن النفط سيلعب دورا حاسما في اقتصاد العالم في السنوات القليلة المقبلة في ظل الارتفاع المطرد لأسعاره.

2 – الدستور العراقي الجديد باطل من الأساس:

بغض النظر عن محتوى "الدستور العراقي الجديد" وعن النتائج التي سيسفر عنها الاستفتاء حوله يوم 15 أكتوبر، فإنه باطل من الأساس باعتبار أنه لا يعبر عن إرادة الشعب العراقي ولم تقع صياغته بطريقة ديمقراطية، بل هو مشروع جديد من مشاريع الاحتلال الهادفة إلى تشريع الاحتلال وتنصيب مؤسسات تابعة له، وإيهام الرأي العام بأن "العملية السياسية تسير بخطى ثابتة في العراق". ومن هذا المنطلق فإن هذا المشروع الجديد لم يلق القبول إلا من الأطراف المرتبط ةبالاحتلال في حين عارضته كل القوى الوطنية التي اختارت الوقوف إلى جانب الشعب العراقي في كفاحه البطولي من أجل الاستقلال.

3 – الأنظمة العربية في خدمة الاحتلال:

قررت الأنظمة العربية العميلة البدء في التحضير لعقد "مؤتمر مصالحة وطنية عراقية". وجاء ذلك أثناء اجتماع "اللجنة الوزارية العربية الخاصة بالعراق" يوم 2 أكتوبر الجاري بجدة وباقتراح من السعودية.

ومن البديهي أن هذا القرار لم تتخذه الأنظمة العربية باستقلالية، باعتبار وأن هذه الأنظمة ساندت الاحتلال وتواطأت معه، ولا يمكنها أن "تتدخل في الشأن الداخلي العراقي" دون الحصول على الضوء الأخضر من البيت الأبيض الذي يرحب بالتدخل في شؤون العراق إذا كان هذا التدخل في خدمة الاحتلال، ويرفضه إذا كان لصالح الشعب العراقي ومقاومته المشروعة. وبما أن إدارة بوش رحبت منذ البداية بهذه "الخطوة العربية" فإن مهمتها باتت واضحة، أي نجدة الاحتلال ومحاولة إخراجه من المأزق الحقيقي الذي أوقعته فيه المقاومة التي تمكنت من تحويل العراق إلى مستنقع ومقبرة للغزاة. وكان وزير خارجية السعودية قد أكد ذلك حين "أعرب عن أمله في أن يؤدي المؤتمر إلى تحقيق إجماع وطني عريض بشأن الدستور وضمان مشاركة جميع الفئات العراقية في العملية السياسية".

والأكيد أن طغمة بوش ستسعى إلى مزيد الضغط على الدول العربية "كي تلعب دورا أكبر في العراق". وهذا الدور يتلخص في خدمة الاحتلال من خلال الدعم السياسي والمادي والعسكري للحكومة العراقية العميلة، بما يعنيه ذلك من تمويل الاحتلال وتدريب الميليشيات التابعة له وإرسال الجنود لضرب المقاومة ومراقبة الحدود…

4 – الاحتلال هو سبب كل المشاكل:

لا بد من التأكيد في كل مرة أن مشكلة العراق تكمن في وجود الاحتلال، وأن الحل الوحيد للأزمة هو طرد الاحتلال وتحقيق الاستقلال الفعلي على كامل تراب البلاد. أما المشاريع الأخرى التي يقدمها المحتل وعملاؤه وآخرها "الاستفتاء حول الدستور" و"عقد مؤتمر مصالحة وطنية بإشراف عربي" فهي كلها تصب في خدمة الاحتلال وتأبيده وتشريعه، وبالتالي في مزيد تعميق أزمة العراق الذي حوله الغزاة البرابرة إلى بلد مدمر تمزقه الصراعات الطائفية وتنهشه الأطماع الخارجية. ومـن المؤسف أن نرى الاحتلال وعملاءه يتحدون لمزيد إغراق العراق في أزمته والقضاء على مقاومته الباسلة، في حين تقف القوى المناهضة للاحتلال في الوطن العربي مكتوفة الأيدي تتفرج على ما يجري. إن الواجب يدعو كل هذه القوى إلى توحيد صفوفها وتكتيل جهودها من أجل استنهاض كل شعوب العالم الرافضة للاحتلال والهيمنة في جبهة عالمية موحدة ضد الحرب والامبريالية. ومن المفروض أن تكون القوى العربية في مقدمة هذه القوى لما لها مع العراق من روابط قومية وحضارية وتاريخية.

وفي تونس لا بد من إعادة تنشيط الحركة المناهضة للحرب على العراق وضد التطبيع مع الكيان الصهيوني خاصة وأن الأنظمة العربية العميلة بدأت تتحرك في الاتجاه المعاكس وفي مقدمتها نظام بن علي الذي يستعد لاستقبال رموز الامبريالية والصهيونية على أرضه بمناسبة قمة المعلومات في منتصف نوفمبر القادم.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني