الصفحة الأساسية > البديل الوطني > عندما يتحول البوليس إلى عاطل عن العمل!!
من سجن الخضراء:
عندما يتحول البوليس إلى عاطل عن العمل!!
تشرين الأول (أكتوبر) 2005

من السمات التي باتت تميز النظام النوفمبري، منذ انقلابه الذي صار احتفاليا، التزوير، وما يستتبع ذلك من مغالطة وكذب وخداع… طبعا على الشعب التونسي بدرجة أولى وعلى الأطراف الخارجية بشقيها: من يدعم التزوير ومن يوجه إليه الخطاب المزور من جهة ثانية.

هذا التزوير والمخادعة يجتهد النظام النوفمبري في تمرير مختلف أشكاله عبر وسائل الإعلام كلها من البيانات إلى الأقمار الصناعية مرورا بالصحف والمجلات والإذاعات والشبكات التليفزيونية، ورهان نجاح كذبه يتمثل في مؤشرين: الأول هو سيطرته المطلقة على مختلف وسائل الإعلام والثانية إقصاؤه وتهميشه وضرب الحصار على المنابر الصادقة. وقد ينضاف لهذين المؤشرين، حالة السذاجة والصمت التي وصل إليها الشارع التونسي بفضل القمع الممارس عليه من طرف بوليس بن علي.

البوليس... هذا المواطن/ الموظف الذي يتحول في الأنظمة الاستبدادية إلى أداة فاعلة وضرورية لتأمين استمرار القمع والردع والحماية، حماية النظام الحاكم بمختلف مكوناته، السياسية (التجمع الدستوري الديمقراطي والأحزاب الموالية والجمعيات...) والاقتصادية (مافيات النهب والاحتكار وعلى رأسهم العائلة الحاكمة) والثقافية (مثقفو قرطاج وكتبة التقارير وفنانو الميوعة...)، وقمع باقي الشعب...

البوليس في النظام النوفمبري الاستبدادي مكلف ومكيف وفق المتغيرات الوطنية والدولية، وصار يقوم بأدوار جديدة إلى جانب القمع والترهيب الذي دأب عليه منذ 1987.

ففي قلب شارع الحبيب بورقيبة وأمام المسرح البلدي حيكت مسرحية/مهزلة في وضح النهار، قام بأداء الأدوار فيها البوليس السري وقناة حنبعل التلفزية!! مذيع القناة الخاصة يجري تحقيقا متلفزا مع بوليس سري (معروف جدا في الأوساط الطلابية والنقابية والسياسية) ويسأله بصفته عاطلا عن العمل!!

أعتقد أنه لا ضرورة الآن لمواصلة التعليق على هذه المسرحية، وعلى هذا الدور الجديد لبوليس بن علي.. وسأمر إلى دور ثان، صار يقوم به البوليس يوميا (بدءا من الساعة التاسعة ليلا) في محطة المترو (الرمانة) إذ تباغت مجموعة كبيرة من البوليس السري مع "ملازم" المترو المتجه نحو حي التضامن ويطالبون الركاب ببطاقات الهوية، ثم يقومون بإنزال من يشتبهون في أمرهم (مقياس الشبهة تكمن في ملامح الوجه وهو مقياس عنصري). وهذه المسرحية أو لنقل فيلم الرعب الذي يؤديه البوليس لا يمكن وصفه بالقلم وإنما بالمشاهدة العينية وبرجفة القلب...

غرامشي



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني