الصفحة الأساسية > البديل العربي > المسألة الوطنية أم المسائل في عراق الاحتلال
المسألة الوطنية أم المسائل في عراق الاحتلال
20 أيار (مايو) 2003

لا تزال الحرب على العراق تثير الجدال في الساحة التونسية. ومن بين المسائل الأكثر إثارة للجدل العلاقة بين المسألة الوطنية والمسألة الديمقراطية. ومن المواقف الصادرة في هذا الشأن ما عبر عنه الشاعر الطاهر الهمامي في ركن "صقيع الجمرة" بجريدة الجمهورية (23 ماي 2003). وفيما يلي نصه:

اختلطت الأمور واشتبهت السبل على كثير من الناس في خضم الأحداث الجارية بالعراق واستعصى إدراك باب النفق، فكان أن وجد الغزو الأمريكي-البريطاني لهذا البلد العربي عند طائفة من مثقفينا (لا أتحدث عن العملاء والمرتزقة داخل العراق وحوله) صدى إيجابيا معلنا وخفيا، على اعتبار أنه أطاح "بالدكتاتور والدكتاتورية" ووجدت هذه الطائفة في ما تروجه وتبثه وتزعمه آلة الإعلام والدعاية الغازية حجة قاطعة على الفظاعات المرتكبة. وهكذا يغيب أو يغيب الأمر الأساسي الذي هو الاحتلال وبالتالي الطبيعة الاستعمارية للحملة العسكرية، وأهدافها التوسعية النهابة، وجرائم الحرب التي ارتكبتها. كما يغيب أو يغيب من هذا الموقف كون "الدكتاتور" هو الذي سعى إلى قيادة عملية التصدي ووقف في خندق واحد مع مواطنيه تحت القصف.

إن الموقف من الاحتلال هو المحدد في الحالة العراقية الراهنة ولا مستقبل لمعارضة أدخلها الغازي ومولها وحماها وحقنها، ولا لزعماء معارضة دخلوا بغداد على متن طائرات العدو ودباباته، ولا أمل لطوائف كردية أو شيعية أو غيرها في غد أفضل بمصالحة العدو وطعن المقاومة، والتآمر على الوطن والوطنيين.

واضح إذن كون المسألة الوطنية تتصدر بقية المسائل فـي المرحلة الحالية. أما الديمقراطية وسيماء المجتمع الجديد فيفرضها الطرف الذي يفرض نفسه في معمعان الكفاح والمقاومة، وفي معركة الاستقلال وإنهاء الاحتلال، وإعادة رفع رأس العراق والعروبة.

وتسبيق المسألة الديمقراطية أو وضعها موضع التساوي مع المسألة الوطنية في اللحظة الراهنة يعكس رؤية انتهازية تراوح بين التواطؤ العمدي والمكشوف مع المحتل وبين الخطإ في التقدير. فهل يعقل انشغال العراقيين الآن بالصراع حول الحريات، والدستور الجديد، إلخ.. وسيف الاحتلال مسلط على رقابهم، وحاكمهم أمريكي، وأرضهم سليبة.

إن من مصلحة الغزاة أن ينشغل العراقيون بهذا الصراع ويغرقوا فيه، وأن تتأجج التناقضات داخلهم حتى لا يتحدوا في حل التناقض الرئيسي الذي يقابلهم بالمحتلين، وحتى تظل بوصلتهم مهشمة.

إن تجاوز النظام السابق نحو نظام ديمقراطي لا يكتب له إلا على قاعدة مقاومة الاحتلال وتحرير الوطن من المحتل. والطرف الذي يفلح في تبوؤ مكانة الريادة في مجرى التحرير هو الذي بإمكانه رسم ملامح النظام الجديد، وأما الزبد فيذهب...



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني