الصفحة الأساسية > البديل الوطني > انقلاب على جمعية المحامين الشبان
انقلاب على جمعية المحامين الشبان
16 آذار (مارس) 2006

أقدم المحامون "الدساترة" يوم السبت 11 مارس الجاري على انقلاب على جمعية المحامين الشبان وتنصيب هيئة موالية على رأسها بإشراف من البوليس السياسي وتحت رعايته وحمايته. فمن المعلوم أن مؤتمر الجمعية كان من المفروض أن ينعقد يومي الجمعة 3 والسبت 4 مارس. وبالفعل افتتح المؤتمر في تاريخه المحدد بأحد النزل بإحدى ضواحي العاصمة. وتلي التقريران الأدبي والمالي ونوقشا في اليوم الأول. وكان من المفروض أن تجري عملية الاقتراع في اليوم الموالي بقصر العدالة حسب ما جرت به العادة. ولكن فوجئ المحامون في ذلك اليوم بتواجد مكثف للبوليس السياسي في أروقة قصر العدالة وأمام قاعة الاقتراع في عملية تهدف إلى ترهيب المحامين الشبان وخصوصا حرمان المترشحين المستقلين من النقاش معهم والتحدث إليهم. وتجدر الملاحظة أن الحزب الحاكم عمد كالمعتاد إلى نقل العديد من المحامين الشبان في حافلات خاصة من الجهات مسلطا عليهم ضغوطا شتى. وأمام هذا الوضع رفض المترشحون المستقلون عن السلطة إجراء الانتخابات في وضع كهذا لما فيه من مساس بحريتها بل وباستقلالية المهنة. وقد اتفق الطرفان، أي أصحاب القائمة المستقلة ومرشحو الحزب الحاكم على تحكيم عميد المحامين الأستاذ عبد الستار بن موسى الذي قرر تأجيل عملية الاقتراع إلى يوم السبت 18 مارس الجاري وإجرائها بأحد النزل. ووافق الطرفان على هذا القرار. لكن ما راع الجميع إلا والهيئة المتخلية التي انتهت مهامها منذ يوم 3 مارس تعلن عبر الجرائد وبشكل انفرادي وغير قانوني ومخالف للاتفاق الحاصل مع العميد على إجراء الانتخابات يوم السبت 11 مارس بأحد النزل بالبحيرة. ورغم اعتراض العميد وهيئة المحامين ومرشحي القائمة المستقلة على هذه العملية فإن "الدساترة" مضوا فيها. وقد طوّق البوليس السياسي صبيحة السبت النزل المذكور ومنع المحامين من غير الدساترة من الدخول واعتدى على عدد منهم ومن بينهم الأستاذة راضية النصراوي، العضوة السابقة بالهيئة الوطنية للمحامين وبالهيئة المديرة لجمعية المحامين الشبان والأستاذ عبد الرزاق الكيلاني عضو الهيئة الوطنية للمحامين والذي سبق له أن تولى رئاسة الجمعية والأستاذ عبد الرؤوف العيادي، العضو السابق بالهيئة الوطنية للمحامين والذي كان تولى بدوره رئاسة الجمعية وغيرهم من المحامين. أما داخل القاعة فقد اعتدى الدساترة بالضرب على بعض المترشحين المستقلين الذين اصطحبوا عدلا منفذا ليكون شاهدا على سحبهم لترشحاتهم ومقاطعتهم للمهزلة.

وكما كان منتظرا أعلن الدساترة فوزهم بكافة المقاعد في الهيئة الجديدة للجمعية التي ترشحوا لها بمفردهم تحت رعاية البوليس السياسي وحمايته في الوقت الذي قاطع فيه أغلبية المحامين الشبان بشهادة بعض الصحف (انظر الصباح، الأحد 12 مارس) الانتخابات المهزلة، كما قاطعها كل المترشحين المستقلين.

وهكذا ينقلب "الدساترة"، على جمعية المحامين الشبان. ويأتي هذا الانقلاب أشهرا قليلة بعد الانقلاب على جمعية القضاة التونسيين، وفي وقت يستمر فيه الحصار المضروب على الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لتهيئة الظروف للانقلاب على هيئتها الشرعية أو حلها أو تحويلها إلى هيكل صوري وشل أنشطتها بقوة البوليس الغاشمة. كما تستمر محاصرة نقابة الصحفيين وكافة الجمعيات الأخرى المستقلة وهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بالتوازي مع تفاقم الاعتداءات على مناضلات ومناضلي الحركة الديمقراطية.

وإذا كان لكل هذا من مغزى فهو استفحال أزمة نظام بن علي السياسية الذي لم يبق لديه سوى قوة البوليس الغاشمة للتعاطي مع قوى المجتمع المدني. ولكن هذا النهج مسدود، ومآله الفشل في كل الحالات، بل إنه سيعمّق أزمة النظام ويزيد في عزلته ويقرّب نهايته. وهو ما يدعو المحامين، كما يدعو كافة القوى الديمقراطية إلى تكتيل صفوفها قصد التصدي لهذا الوضع الخطير دفاعا عن حرية التنظم وعن حرية التعبير والاجتماع في إطار بناء مجتمع ديمقراطي على أنقاض دولة البوليس الدكتاتورية.



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني