الصفحة الأساسية > البديل الوطني > بين «أطماع الأحزاب» و«الشعب الذي يجوع»
المجلس التأسيسي:
بين «أطماع الأحزاب» و«الشعب الذي يجوع»
15 كانون الأول (ديسمبر) 2011

عقد المجلس الوطني التأسيسي جملة من الجلسات امتدت من يوم الثلاثاء 6 ديسمبر 2011 إلى غاية يوم السبت 10 ديسمبر 2011 و خصّصت لمناقشة القانون المؤقت لتنظيم السلط (الدستور الصغير) الذي سينظم سير السلط العمومية خلال الفترة التأسيسية الّتي لم يقع تحديد مدّتها، و شهدت الجلسات تراشقا بالتهم، إذ اتّهم بعض أعضاء الحلف الثلاثي (النهضة-المؤتمر-التكتل) المعارضة و «أحزاب الأقلية» و ممثلين عن المجتمع المدني بنشر الفتنة و الدعوة إلى الإعتصامات و إحراق البلاد، و جاءت أكبر الاتهامات على لسان عضو النهضة السيد سمير ديلو و كذلك عضو المؤتمر السيد محمد عبّو، و في هذه الاتهامات إشارة إلى اعتصام باردو و الاحتجاجات الشعبية و أعمال العنف الّتي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة. و في المقابل وجّه أعضاء من المعارضة إلى «الترويكا» اتهامات من بينها مغالطة الرأي العام و احتكار الرأي و إقصاء المعارضة و السعي إلى تجميع السلط و وضع اليد على البلاد بطريقة «التّجمع».

ومن أهم الفصول الّتي أحدثت ضجّة، الفصل الأول، إذ رفض التكتل و النهضة مقترح تحديد مدّة عمل المجلس التأسيسي بسنة قابلة للتمديد ب6 أشهر، بعد أن تعهّدوا أخلاقيّا بذلك خلال حملتهم الانتخابية، و تم التصويت على هذا الفصل بأغلبيّة 153 صوتا. كما احتد النقاش على الفصل الثالث و خاصّة في النقطة المتعلّقة بالاستفتاء العام على الدستور الّذي اعتبر طرحا شكليا تقريبا باعتبار أن اللجوء إلى الاستفتاء سيكون في حال عدم مصادقة المجلس على الدستور برمّته بأغلبية الثلثين خلال قراءتين، و وقعت المصادقة على هذا الفصل الثالث كما هو باستثناء تغيير شكلي بسيط. أما الفصل السابع و المتعلق بتفويض الاختصاص التشريعي للمجلس التأسيسي لفائدة الرؤساء الثلاث «في الظروف الاستثنائية إذا طرأ ما يعطّل السّير العادي لدواليب السلط العموميّة « فلقد أثار ضجّة باعتبار الغموض المتعلق بهذه «الظروف الاستثنائية»، ما هي و من يحدّدها و متى يسترجع المجلس التأسيسي صلاحياته التشريعية ؟ كما نبّه عديد النواب المستقلين إلى خطورة الغموض في هذا التفويض باعتبار أن التجارب التاريخيّة أثبتت أنّه كان بابا لعودة القمع و الاستبداد و الديكتاتوريّة، و تمت المصادقة على هذا الفصل السابع بعد إضافة تعديل يتمثّل في إعطاء المجلس التأسيسي حق التثبت من «الظروف الاستثنائية أو الحالات الطارئة».أما الفصل الثامن المتعلق برئيس الجمهورية فلقد تمت المصادقة عليه بسرعة بعد أن صاحبه جدل كبير و خاصة حول النقطة المتعلقة باشتراط عدم حمل جنسية أخرى على المترشح إلى رئاسة الجمهورية، و قد أثارت هذه النقطة حفيظة نواب العريضة الشعبية باعتبار أن زعيمهم «الهاشمي الحامدي» حامل للجنسية البريطانيّة و بالتالي لا يحق له الترشح إلى منصب رئاسة الجمهورية. و فيما يخص الفصل 15 المتعلق بالجمع بين عضوية الحكومة و عضوية المجلس الوطني التأسيسي فلقد تمت المصادقة عليه منقحا بحيث يكون رئيس الوزراء مستقيلا عند توليه رئاسة الوزراء أما الوزراء الأعضاء في المجلس فيمكنهم المشاركة في الوظيفة التشريعية باستثناء التصويت على لائحة لوم أو قانون الماليّة. و أحدث الفصل 20 ضجّة كبيرة باعتباره يتيح لرئيس الوزراء حلّ و تعيين المجالس البلدية و النيابات الخصوصيّة، و هذا ما رأى فيه عديد النواب بسط يد على البلاد و سبيلا لإعادة نظام مثيل للنظام السابق، و تمت المصادقة على هذا الفصل دون تغيير. و وقت إضافة فصلين يتعلق أحدهما بحصانة أعضاء المجلس التأسيسي و الآخر بتعيين محافظ البنك المركزي.

من آراء الخبراء والساسة

رأى بعض الخبراء و الساسة أن مشروع التنظيم المؤقت للسلط العموميّة المقترح من اللجنة التأسيسية المكلّفة بإعداده صيغ على مقاس «النهضة» و أعطيت من خلاله صلاحيات مشبوهة لرئيس الوزراء و خاصّة من خلال السعي إلى بسط اليد على البنك المركزي و الصلاحيات التشريعية للمجلس التأسيسي و كذلك الجماعات المحلّية دون أن ننسى الإصرار على عدم تحديد مدّة عمل المجلس. و رغم بعض التعديلات الّتي أدخلت على القانون خلال المداولات الأخيرة فهي تبقى غير كافية و رمزيّة تقريبا.

يوسف بلحاج رحومة



الصفحة الأساسية | خريطة الموقع | البريد الالكتروني